بلومبرغ
تواجه شراكة "مايكروسوفت" و"أوبن إيه آي" إمكانية إجراء تحقيق كامل لمكافحة احتكار في المملكة المتحدة بعد 3 أسابيع من تمرد في الشركة المبتكرة لتطبيق "تشات جي بي تي" كشف بصورة صارخة عن علاقات عميقة بين الشركتين.
أعلنت هيئة المنافسة والأسواق، الجمعة، أنها تجمع معلومات من أصحاب المصلحة لتحديد ما إذا كان التعاون بين الشركتين يشكل تهديداً للمنافسة في المملكة المتحدة، التي تُعد موطناً لمختبر أبحاث "غوغل" بمجال الذكاء الاصطناعي ممثلاً في منصة "ديب مايند" (Deepmind). انخفض سعر سهم "مايكروسوفت" 0.7% في تعاملات ما قبل تداولات السوق الرسمية.
علاقة وطيدة بين الشركتين
استفادت "مايكروسوفت" بسخاء من استثماراتها المقدرة بـ13 مليار دولار في "أوبن إيه آي"، عن طريق دمج منتجات "أوبن إيه آي" في كل جزء تقريباً من أعمالها الأساسية، أثبتت شركة البرمجيات العملاقة بسرعة هائلة زعامتها بلا منازع لمجال الذكاء الاصطناعي بين كبرى شركات التكنولوجيا. تسابق شركة "غوغل" التابعة للشركة الأم "ألفابت" للحاق بالركب منذ ذلك الوقت.
أظهرت إقالة سام ألتمان -أعيد توظيفه بعد ذلك- من منصب رئيس شركة "أوبن إيه آي" الشهر الماضي عن مدى الارتباط الوثيق بين الشركتين. هبطت أسهم "مايكروسوفت" حينها بعد إطاحة مجلس إدارة "أوبن إيه آي" بألتمان. ساعد الرئيس التنفيذي لـ"مايكروسوفت"، ساتيا ناديلا، شخصياً في التفاوض والدعوة لإعادته لمنصبه بالشركة، والذي عرض في مرحلة من المراحل تعيين "ألتمان" نفسه في "مايكروسوفت"، فضلاً على موظفين آخرين في "أوبن إيه آي" أرادوا الرحيل عنها.
وافق مجلس إدارة "أوبن إيه آي" في نهاية المطاف على عودة ألتمان لوظيفته. عينت الشركة مؤخراً مجلس إدارة مؤقتاً من 3 أفراد، وأًضيفت "مايكروسوفت" باعتبارها مراقباً لا يحق له التصويت على القرارات.
ميزان القوى بين الشركتين
أوضح رئيس "مايكروسوفت" براد سميث في بيان أمس أن الأمر الوحيد الذي تغير هو أن مايكروسوفت سيصبح لديها حالياً مراقب دون حق التصويت بمجلس إدارة أوبن إيه آي. ووصف علاقة شركته مع "أوبن إيه آي" بأنها "مختلفة نهائياً" عن استحواذ "غوغل" الكامل على "ديب مايند" بالمملكة المتحدة. لم تستجب "أوبن إيه آي" في حينه على طلب للتعليق على الموضوع.
صرح سميث مؤخراً خلال الشهر الماضي بأنه لا يرى مستقبلاً يمكن أن تسيطر فيه مايكروسوفت "على أوبن إيه آي".
ذكرت هيئة المنافسة والأسواق أنها ستنظر ما إذا كان ميزان القوى بين الشركتين قد تغير بصفة أساسية لمنح أحد الطرفين سيطرة أو نفوذاً أكثر على الآخر. عند طلب التعليق منه على تحرك هيئة المنافسة والأسواق، أشار متحدث باسم المفوضية الأوروبية إلى أن الجهة التنظيمية كانت "تراقب بطريقة وثيقة موقف التحكم في أوبن إيه آي".
يضع تحرك هيئة المنافسة والأسواق "مايكروسوفت" تحت رقابة شديدة من قبل جهة مكافحة الاحتكار مرة ثانية. خضعت صفقة استحواذها على شركة "أكتيفجين بليزارد" العملاقة المتخصصة بألعاب الفيديو لعملية تدقيق تنظيمية لما يقرب من عامين قبل اعتمادها في المملكة المتحدة منذ أقل من شهرين.
ارتفاع الطلب على الحوسبة السحابية
توجد في صُلب الشراكة بين "مايكروسوفت" و"أوبن إيه آي" كميات هائلة من قوة الحاسوب الضرورية للحفاظ على الازدهار عالمياً بمجال الذكاء الاصطناعي التوليدي. أدى تشغيل الأنظمة لصالح عمل أدوات على غرار تطبيق "تشات جي بي تي" وتطبيق "بارد" التابع لـ"غوغل" لارتفاع الطلب على خدمات الحوسبة السحابية وقدرة معالجة البيانات. باتت "أوبن إيه آي"، على سبيل المثال، عميلاً أساسياً لأعمال "مايكروسوفت" الحوسبة السحابية.
في المقابل، باتت كافة أكبر شركات تزويد خدمات الحوسبة السحابية الثلاثة حول العالم "مايكروسوفت" و "أمازون.كوم" و"غوغل" مستثمرين نشطين في الشركات الناشئة بمجال الذكاء الاصطناعي.
ذكر ماكس فون ثون، مدير معهد أوروبا للأسواق المفتوحة، أن هذه الشركات الكبرى استغلت صفقات وعلاقات من هذا النوع لجذب وتحييد المنافسين المحتملين بمجال الذكاء الاصطناعي، مضيفاً "من الضروري أن تتحرك سلطات مكافحة الاحتكار سريعاً للتحقيق بهذه الصفقات، بما يتضمن تفكيكها في حال اقتضى الأمر ذلك".