الاستخدام المدني للدرون.. اقتصاد سريع يصطدم بـ "فيتو السياسة"

time reading iconدقائق القراءة - 6
المصور: Qilai Shen / Bloomberg - المصدر: بلومبرغ
المصور: Qilai Shen / Bloomberg - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

حطمت ثورة القدرات الحاسوبية رخيصة التكلفة، قاعدة احتكار الاختصاصات العسكرية لأجهزة الطيران الآلية المعروفة باسم الطائرات دون طيار ( الدرون )، لعقود طويلة، بعد أن كانت باهظة التكلفة وصعبة التشغيل.

ولعبت أجهزة استشعار الحركة والبطاريات، التي باتت متوفرة أيضًا، دورًا في خروج ( الدرون ) من دائرة مجموعة محدّدة من الهواة المدنيين، ليصبح هناك ملايين من الطائرات دون طيار تباع كل عام بتكلفة رخيصة، وهي مزودة بأربع مراوح وعناصر تثبيت تلقائية تسهّل على المستخدم استعمالها.

وساعد ظهور الكاميرات عالية الدقة والرادار القائم على الليزر، في جعل هذه الطائرات أداةً ذات جاذبية كبيرة بالنسبة للمزارعين الذين يمكنهم استخدامها لتفقد محاصيلهم بمراقبتها من السماء، ولخبراء التأمين ليدرسوا الأضرار الناجمة عن العواصف.

سباق بين أمازون وألفا بيت على تطوير طائرات الدرون

من جانبها، تتسابق شركات التكنولوجيا العملاقة مثل شركة "أمازون" وشركة "ألفابيت" (Alphabet Inc.) في تطوير الطائرات من دون طيار القادرة على توصيل الطرود إلى المنازل، في وقت تدرس فيه الحكومات الفيدرالية والمحلية الأمريكية جاهدة وضع قوانين تحكم، تحقق أهداف مثل حماية خصوصية المواطنين وسلامتهم، وهي أهدافٌ قد تكون متضاربة مع فوائد هذه الطائرات.

وفي مثال صارخ على القوة الثورية للطائرات دون طيار، وصعوبة إدارتها وتعقبها أيضًا، أغلقت السلطات البريطانية مطار "غاتويك" (Gatwick) بلندن، ثاني أكثر المطارات ازدحامًا بالبلاد، جراء تحليق مجموعة من هذه الطائرات بصورة غير قانونية، بالقرب منه لمدة 36 ساعة، ما دفع مؤيدو هذه الطائرات للقلق حيال رد الفعل السياسي الذي قد يعيق النمو السريع لهذا القطاع.

ويعمل الاتحاد الأوروبي على وضع قواعد جديدة على مستوى الدول الأعضاء، يتوقع اعتمادها في أقرب وقت خلال العام المقبل، من شأنها أن تلزم بتسجيل بيانات جميع الطائرات المدنية دون طيار بحيث يمكن التعرف على هويتها عن بُعد.

122 متراً الحد الأقصى لتحليق طائرات الدرون بأمريكا وتقييد حركتها حول المطارات والقواعد العسكرية

وتعد الولايات المتحدة أكبر الأسواق المدنية للطائرات دون طيار متقدمة على سائر دول العالم بفارق شاسع في الاستثمار وتطوير الأطر التنظيمية، حيث سجل حوالي مليون شخص من الهواة ملكيتهم لطائرة مُسيّرة واحدة على الأقل منذ أن بدأت إدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية بوضع قائمة المالكين عام 2015، فيما سجل 110 آلاف شخص آخر مرخص لهم باستخدام هذه الطائرات للأغراض التجارية 236 ألف طائرة إضافية.

وتقضي الأنظمة عمومًا بتحليق الطائرات دون طيار خلال النهار وإبقائها على ارتفاع 122 مترًا عن الأرض على مرأى من مشغلها، إضافة إلى تقييد حركتها بشكل عام حول المطارات والقواعد العسكرية، وفي الحالات الخطيرة مثل حرائق الغابات وخلال الفعاليات المقامة في الملاعب الرياضية، في وقت تعمل فيه وكالة ناسا على وضع إطار لنظام الحركة الجوية على الارتفاعات المنخفضة.

صوتٌ في السماء

سجلات الطائرات دون طيار غير التجارية في الولايات المتحدة كل عام

خلفية الموضوع

ويمكن تتبّع أوّل استخدام للطائرات دون طيار إلى الحرب العالمية الأولى، إذ تم تصميم طائرة "كيتيرينغ إيريال توربيدو" (Kettering Aerial Torpedo) - المعروفة باسم "الحشرة" (Bug) - عام 1917 لتطير في خط مستقيم حتى يتم إيقاف المحرك وإسقاط الطائرة وقنبلتها بعد توقيت محدد، وهي طريقة ينقصها الكثير من الدقّة.

ويعمل بالطريقة ذاتها صاروخ "في 1" (V-1) الألماني، ولكن بنظام ملاحة أفضل، أما اليوم فيمكن للطائرات دون طيار العسكرية أن تطوف فوق أوكار الإرهابيين لساعات عدة في كل جولة وتقصفهم، وهذا بقيادة طيار موجود في النصف الآخر من العالم.

ويختلف الطيران في سماء خالية فوق أرض نائية كثيرًا عن الطيران في الممرات الجوية المزدحمة فوق الولايات المتحدة الأمريكية، ففي فبراير 2018، قال طيار كان يقود إحدى المروحيات للمحققين إن محاولاته لتجنب طائرة مدنية دون طيار تسببت في تحطم طائرته في ولاية كارولاينا الجنوبية، دون أن يتم العثور على طيار الطائرة المدنية.

طائرات دون طيار قيد العمل

مجالات استخدام الطائرات الأمريكية التجارية دون طيار عام 2017

الجدل الدائر

ينظر البعض إلى أن إيجاد حل لحماية المطارات ليس بالأمر السهل، فقد خلصت الاختبارات التي أجريت على الأنظمة المضادة للطائرات دون طيار في الولايات المتحدة إلى عدم موثوقيتها وتعرضها للإنذارات الكاذبة واحتمال تداخلها مع أجهزة الراديو الأخرى الموجودة في المطارات.

ويشعر الموظفون الأمنيون المكلفون بتنفيذ القانون بالقلق إزاء الهجمات الإرهابية أو الإجرامية، وزادت هواجسهم عقب محاولة اغتيال الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو في أغسطس 2018 بواسطة طائرتين (درون) مفخختين.

وتتطلع الهيئات الحكومية إلى نظام إلزامي لتحديد هوية المركبات المسيّرة وتعقبها، فشركة "إس زي دي جي أي للتكنولوجيا" (SZ DJI Technology Co.)، ومقرها مدينة شينزن الصينية، وهي أكبر شركة مصنعة للطائرات دون طيار بالعالم، تريد من الجهات التنظيمية تعقب المركبات من خلال أجهزة إرسال الراديو الموجودة فيها، بينما يفضل المشغلون التجاريون إضافة أجهزة إرسال جديدة تسمح بتعقبها على مدى أبعد.

من جانبها، تشعر جماعات الحقوق المدنية بالقلق من تهديدات الخصوصية التي تتراوح من التقاط الصور الفاضحة إلى التجسس البوليسي، داعية إلى وضع قواعد لتقييد استخدام الأجهزة الأمنية للطائرات دون طيار في حالات الطوارئ أو لجمع الأدلة المتعلقة بالجرائم أو بموجب مذكرات التفتيش.

واقترحت "لجنة القانون الموحد" (Uniform Law Commission)، التي تعمل على تعزيز وحدة القوانين بين الولايات، منح مالكي الأراضي الحق في رفع دعوى ضد أي انتهاك للمجال الجوي فوق ممتلكاتهم حتى ارتفاع 60 مترًا تقريبًا.


تصنيفات