إذا قضيت وقتا طويلا بالخارج أو حاولت دعم عائلة في دولة أخرى، فستعرف أن عملية إرسال الأموال دوليا تكون مرهقة، وتكلف وقتا وأموالا - وفي بعض الأحيان الكثير منهما - ويأمل البعض أن تجعل العملات الرقمية العالمية هذه العملية أسهل، ولكن حتى يتم قبولها على نطاق أوسع، يتعين عليك إيجاد طرق أخرى للتوفير.
أتذكر العودة إلى نيودلهي بعد فصل دراسي في جامعة ييل في ولاية كونكتيكت منذ عدة سنوات، وحاولت نقل الدولارات التي كنت أملكها إلى حسابي المصرفي في الهند، وكانت عملية تحويل هذه المدخرات عقيمة للغاية وتضمنت التقدم بطلبات في البنكين في الدولتين لدرجة أنني استخدمت بطاقة الخصم المباشر الأمريكية الخاصة بي حتى جف الحساب، وأنا متأكدة من أنني دفعت الكثير من الرسوم وتعرضت للغش في تكاليف تحويل العملة، ولكن وجدت أنه من الأسهل إنفاق الأموال بدلا من قضاء الوقت في محاولة إيجاد طريقة أرخص.
ورغم أن تكاليف التحويل تراجعت في السنوات الماضية، فهي لا تزال فوق هدف التنمية المستدامة للأمم المتحدة عند 3% من المعاملة بحلول 2030، وأظهرت دراسة للبنك الدولي أن متوسط تكاليف التحويل كانت 6.5% في 2020، وكانت تكلفة إرسال المال رقميا أقل قليلا وإرساله عبر البنوك أعلى قليلا.
وهو ما يعني أنه لكل 100 دولار تريد تحويلها للخارج، فأنت فعليا ترسل حوالي 93 دولارا في المتوسط، ويتغير ذلك حسب كيف تنقل أموالك وحسب المكان الذي ترسل الأموال منه أو إليه، فعلى سبيل المثال، سيكلفك تحويل الأموال من مجموعة العشرين إلى الهند أكثر من 3% فقط، ولكن تصل التكلفة إلى 6% إذا كنت ترسل إلى جنوب أفريقيا، وعندما ترسل الأموال إلى منطقة أفريقيا جنوب الصحراء، قد تصل الرسوم إلى 20% من المبلغ.
وهي تكلفة كبيرة لما يفترض أن يكون تحويلا بسيطا، ويقدر البنك الدولي أن المواطنين حول العالم أرسلوا واستلموا أكثر من 650 مليار دولار في صورة تحويلات شخصية في 2019، وهو ما يعني أننا فقدنا حوالي 45 مليار دولار للتكاليف وحدها.
تكلفة التحويلات
ولحسن الحظ، هناك أشياء قليلة يمكن فعلها لتقليص التكاليف عندما تنقل أموالك حول العالم، ولكن تذكر أن التكاليف الفعلية ستعتمد على مكانك وإلى أين ترسل أموالك.
أولا، يساعدك أن تعرف أن هناك مكونين رئيسيين لتكلفة إرسال الأموال للخارج، رسوم البنك أو الجهة التي تستخدمها للتحويل، وهوامش أسعار الصرف الأجنبي التي يحققونها عند تغيير العملات، ويتعين عليك التأكد من الأمرين قبل نقل أي أموال، وستحصل على صفقة جيدة إذا كانت التكلفة الإجمالية - الرسوم زائد هامش أسعار الصرف - أقل من 5% من مبلغ المعاملة، أما إذا وصلت إلى 8% من المبلغ، فهي نسبة عالية بشكل عام.
ويتعين عليك أيضا التفكير في جهة التحويل، وهناك أربعة كيانات تقوم بهذه الوظيفة: البنوك، وبطاقات الائتمان والخصم المباشر، وشركات تحويل الأموال التقليدية، وشركات التكنولوجيا المالية، ولا عجب أن تكلفة البنوك وشركات التحويل هي الأعلى وشركات التكنولوجيا المالية هي الأقل.
وإذا كانت الدولة التي تحول إليها الأموال تسمح بتحويل الأموال عبر المحافظ الإلكترونية على الهواتف، فستكون تلك أرخص طريقة لإرسال واستقبال الأموال، أو يمكنك البحث عن جهة مرخصة وخاضعة للتنظيمات وتعمل بين المناطق الجغرافية التي تريد إرسال الأموال بينها، وتأكد إذا كانت التكلفة أقل من 5% أم لا، ولكن تذكر أن هناك أماكن محددة لا يوجد بها محافظ إلكترونية تعمل مع بعضها بعضا وأنه قد تكون هناك قواعد خاصة بالدولة حول حركة الأموال.
الأمان قبل التكلفة
والتكلفة ليست العامل الوحيد كذلك، وربما يستحق الأمر دفع رسوم تحويل أعلى عبر البنوك بسبب شعور الأمان الناتج عن التعامل مع تلك المؤسسات، وما قد يساعدك كذلك هو إيجاد آخرين قاموا بتحويلات شبيهة وترى أفضل ما نجح معهم.
وبالطبع، ما تقرر فعله يعتمد بالأخير على أهدافك، فإذا كنت تحاول دعم طفل انتقل للتو إلى الخارج، فسيكون البنك أفضل رهان لك، وستريد التأكد من أنه يمتلك شهرين على الأقل من تكاليف الإيجار والطعام وغيرها من النفقات النقدية نظرا لأن تأسيس حسابات مصرفية عبر الحدود يستغرق وقتا.
أما إذا كنت ترسل الأموال إلى أسرتك على أساس شهري، حينها ستحتاج حل أرخص عبر شركات التكنولوجيا المالية إن أمكن، وإلا سيظل البنك صديقك الأقرب، وإذا كانت تسافر لفترة قصيرة (عندما نعود للسفر مجددا)، يمكنك ببساطة استخدام بطاقات الائتمان أو الخصم المباشر للوصول لأموالك، ولكن يتعين عليك التأكد من شركة بطاقتك إذا كان هناك أي رسوم على المعاملات الخارجية، أو يمكنك استخدام أموال الهاتف في صورة المحافظ الإلكترونية.
ونعم، هذه الحلول ليست مثالية، وبالتأكيد، لا يزال نظام التحويلات عقيما، ولكن يمكننا أن نأمل أن تكسب العملات الرقمية المزيد من القبول ويصبح نقل الأموال عبر الدول سريعا وسهلا ورخيصا مثل نقل الأموال داخلها.