بلومبرغ
تواجه لجنة الاتصالات الفيدرالية الأمريكية (FCC) ضغوطاً من مزودي خدمة الإنترنت في المناطق الريفية، لكي ترفض تقديم دعم مخطط له بقيمة 886 مليون دولار لشركة "سبيس إكس" (SpaceX)، التابعة لـرئيس "تسلا" الملياردير إيلون ماسك، لنقل النطاق العريض (Broadband) من الفضاء الخارجي إلى المناطق المحرومة.
وحتى قبل حصولها على الموافقة لتلقّي الأموال، باشرت "سبيس إكس" خدمتها، وبدأت في إطلاق الأقمار الصناعية. وحتى الآن توجد أكثر من 1000 من الأقمار الصناعية الصغيرة التابعة لمشروع الشركة "ستارلنك" (Starlink) في الفضاء، وتقدم الخدمة بهدف اختبار المشتركين بها. وتؤكد الشركة أن نظامها "في وضع فريد يؤهلها لتقديم خدمة النطاق العريض عالية الجودة للأمريكيين الريفيين الذين يصعب الوصول إليهم".
لكن هذا لم يُوقف الشكاوى المتعلقة بفوزها في مسابقة للحصول على الإعانات من صندوق الفرص الرقمية الريفية، التابع للجنة الاتصالات الفيدرالية، ويرجع ذلك جزئياً، إلى أنه تم بناء "ستارلنك" أصلاً دون هذه المساعدات، كما أن خدماته لا تقتصر على المناطق الريفية.
ويذكر أن المنح المخطط لها أن تُعطى لهذه الشركة، التي تعرف رسمياً باسم "شركة تقنيات استكشاف الفضاء" (Space Exploration Technologies Corp)، ولشركات أخرى، تثير تساؤلات حول كل هذا البرنامج الذي تبلغ قيمته 9.2 مليار دولار أمريكي.
اعتراضات المنافسين
في هذا الصدد، قال "جيم ماثيسون"، وهو الرئيس التنفيذي للرابطة التعاونية الكهربائية الريفية الوطنية، التي تضم أعضاء يتنافسون للحصول على التمويل: إن النطاق العريض من المدار الخاص بـ"سبيس إكس"، هو تقنية غير مثبتة بشكل تام. ويضيف متسائلاً: "لماذا يجب استخدام هذه الأموال في تجربة علمية؟"
ولم ترد "سبيس إكس" على رسائل البريد الإلكتروني التي طلبت الحصول على التعليق.
جدوى البرنامج
ويُعد صندوق الفرص الرقمية الريفية حجر الزاوية في الجهود الفيدرالية لربط ملايين الأشخاص الذين لا يملكون النطاق العريض المنزلي، والكثير منهم في مناطق ذات كثافة سكانية منخفضة ومكلفة لهذه الخدمة، وهي الحاجة التي تم تأكيدها خلال جائحة كورونا. حيث يستعد هذا الصندوق لتوزيع الأموال العامة لتوسيع النطاق العريض في 49 ولاية على مدى 10 سنوات.
وفي شهر ديسمبر، أعلن الصندوق عن الفائزين بالمزاد الذي شمل 180 شركة ومجموعة عطاءات، معظمها يوفر النطاق العريض عبر تقنيات أكثر رسوخاً، مثل خدمة الكابل أو الخدمة اللاسلكية.
وعندها، تمت الموافقة على خطة "سبيس إكس" لتقديم الخدمة إلى 642,925 موقعاً في 35 ولاية. لكن المدافعين عن المستهلكين يقولون: إن هذه المواقع تشمل أجزاء من مدينة نيويورك ومطارات في نيوارك وميامي – وهي أماكن لا تتناسب مع هدف البرنامج المتمثل في تقديم الخدمة إلى سكان الريف الموجودين خارج نطاق شبكات النطاق العريض.
وتجدر الإشارة إلى أنه تم اتخاذ هذه القرارات عندما كان المسؤولون المعينون من قبل إدارة "ترمب" لا يزالون يسيطرون على لجنة الاتصالات الفيدرالية، أما الآن فيرأس الوكالة المعينون من قبل "بايدن"، ويمكنهم استبعاد المتقدمين الذين يعتبرون مشبوهين في نظر الوكالة.
مخاوف بشأن إنفاق الدعم الحكومي
في الشهر الماضي، حث 160 من أعضاء مجلسي النواب والشيوخ لجنة الاتصالات الفيدرالية على التدقيق في المستفيدين، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن بناء الشبكة يستغرق وقتاً. حيث قال المشرعون "نخشى ألا نعرف لعدة سنوات ما إذا كانت الأموال قد أنفقت بشكل غير لائق".
وفي هذا السياق صرح النائب "جيم كليبيرن" من ولاية ساوث كارولينا، وهو العضو الديموقراطي في مجلس النواب، في رسالة بالبريد الإلكتروني، إن هناك "حاجة إلى تقييم مسبق ومناسب".
وأضاف أن العديد من المتقدمين يدَّعون أنهم قادرون على تقديم خدمة أسرع للعملاء الجدد مما يقدمونه الآن للمشتركين الحاليين.
ولقد وعد بعض المزايدين بخدمة تتحلى بسرعات غيغابت فائقة السرعة لم يقدموها من قبل. كما فات آخرون المواعيد النهائية السابقة لبناء شبكات مدعومة، أو وعدوا ببناء شبكة بأسعار مخفضة.
ويذكر أن المراجعة تقع على عاتق رئيسة لجنة الاتصالات الفيدرالية بالوكالة "جيسيكا روزنوورسيل"، التي صرحت العام الماضي أن البرنامج يتم دفعه للأمام بسرعة كبيرة فيما يشبه "تسرع ما قبل الانتخابات".
في حين دافع آخرون عن البرنامج معتبرين أن الأمريكيين المحرومين من الخدمة "لا يمكنهم الانتظار" للحصول عليها.
ويشار إلى أن لجنة الاتصالات الفيدرالية رفضت التعليق.
اختيار الشركات الفائزة
في بداية شهر أكتوبر، أجرت لجنة الاتصالات الفيدرالية مزاداً لتحديد كيفية تقسيم الأموال الريفية المخصصة لهذا الشأن، والتي يتم تمويلها من خلال الرسوم المفروضة على فواتير الهاتف الاستهلاكية.
وقامت الوكالة أيضاً بتحديد المناطق غير المترابطة، والتي ليس لديها هذه الخدمة، وبالإعلان عن عطاءات لها. وفازت الشركات التي عرضت بناء النطاق العريض بأدنى سعر بالإعانات.
وتم الإعلان عن الفائزين في ديسمبر، والذي تضمن دفع إعانات تزيد عن مليار دولار لكل من: مزود الكابلات "شارتر للاتصالات"، والجمعية التعاونية الكهربائية الريفية المكوّنة من 95 شركة تعاونية، وشركة تدعى "إل تي دي برودباند"، التي كانت الفائز الأول في الدعم، حيث طلبت مبلغ 1.3 مليار دولار لتوفير الخدمة في 15 ولاية.
وأفصحت "تشارتر" أنها ستستخدم دعمها البالغ 1.2 مليار دولار في مشروع قيمته 5 مليارات دولار، لتقديم خدمة إنترنت سريعة لأكثر من مليون منزل وشركة غير مخدومة في 24 ولاية.
ويشار أيضاً إلى أن "إل تي دي برودباند"، التي تأسست في 2011، تقدم خدمة النطاق العريض الذي يتم توزيعه لاسلكياً من 2100 موقع برج في ولايات آيوا ومينيسوتا ونبراسكا وساوث داكوتا، ووفقاً لموقعها على الإنترنت، قالت إنها ستفي بالتزاماتها المتعلقة باتصالات الألياف، والتي توفر بشكل عام سرعات أسرع من تلك اللاسلكية.
وفي هذا السياق يوضح "كوري هوير"، رئيس "إل تي دي برودباند"، في رسالة بالبريد الإلكتروني: "لقد رأينا الكثير من المنافسين الرافضين لفوزنا بالدعم، لكننا نأخذ التزامنا على محمل الجد، ولن نخيب آمال سكان الريف، الذين ينتظرون خدمة النطاق العريض".
مع وضد
تشمل المواقع التي اختارتها شركة "سبيس إكس" نقطتين بجانب نهر هارليم في برونكس، بالإضافة للمحطات في مطار "نيوآرك ليبرتي الدولي" ومطار "ميامي الدولي"، وفقاً لبحث أجرته مجموعة "بوليسي غروب" للسياسات.
وحول هذا الأمر، رأى ديرك تورنير، مدير الأبحاث في "فري بريس" أنه "لم يكن ينبغي أبداً أن تسمح لجنة الاتصالات الفيدرالية لـ"سبيس إكس" بالمشاركة، إذ يقدمون الخدمة للعملاء الذين يطلبون هذه الخدمة مع أو بدون دعم اللجنة".
وقامت "فري بريس" بحساب نتج عنه أن 111 مليون دولار من دعم "ستارلنك"، سيستخدم في عمليات نشر هذه الخدمة في المناطق الحضرية. ولفتت المجموعة المعنية بالسياسات إلى أنه تم منح أكثر من 700 مليون دولار من إجمالي الإعانات البالغة 9.2 مليار دولار، لنشر النطاق العريض في المناطق غير الريفية. بينما أكدت لجنة الاتصالات الفيدرالية عند إعلانها عن النتائج، أن التمويل سيوفر النطاق العريض لأكثر من 10 ملايين من سكان الريف الأمريكيين.
من جهته، اعتبر بلير ليفين، المحلل في" نيو ستريت ريسيرتش" (New Street Research)، أنه قد يكون من الصعب تنفيذ الالتزامات لبناء الشبكات. وأضاف: "في الوقت الذي نجد أن هناك دليلٌ على نجاح هذه السياسة، لكن قد تضطر لجنة الاتصالات الفيدرالية إلى إزالة الكثير من الفوضى".