بلومبرغ
قالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، إن الاتحاد الأوروبي قد يمرّر قانوناً جديداً لتسريع وتيرة ضخ الاستثمارات في مجال التكنولوجيا النظيفة، وزيادة التمويل لإحداث تحوّل في قطاع الطاقة، لمواجهة قانون المناخ الأميركي الذي تسود مخاوف من أنه يدعم الشركات الأميركية بشكل غير عادل.
أوضحت فون دير لاين في كلمتها أمام المنتدى الاقتصادي العالمي المنعقد في دافوس اليوم الثلاثاء، أنه "لأجل المحافظة على جاذبية الصناعة الأوروبية، يتطلب الأمر التنافس مع العروض والحوافز المقدمة حالياً خارج الاتحاد الأوروبي".
قالت فون دير لاين: "لتجنب تجزئة السوق الموحدة، ولدعم الانتقال إلى التكنولوجيا النظيفة في أرجاء الاتحاد بأكمله، يتوجب علينا أيضاً زيادة التمويل الذي يقدّمه الاتحاد الأوروبي".
أشارت إلى أنه وفي إطار الصفقة الخضراء الجديدة المتعلقة بالصناعات، يجب على التكتل مؤقتاً تكييف قواعد المساعدات التي تقدّمها الدول لجعلها أسرع وأبسط، بدءاً من حسابها ووصولاً إلى الموافقة عليها، مضيفة أن نماذج الإعفاء الضريبي قد تكون أحد الخيارات على هذا الصعيد.
صندوق سيادي
تفتح خطة رئيسة المفوضية الأوروبية، الباب أمام تمويل إنتاج مشروعات تقنية نظيفة محددة، من خلال "قانون صافي الانبعاثات الصفري في مجال الصناعة"، على غرار قانون الاتحاد الأوروبي للرقائق العام الماضي، بالإضافة إلى تبسيط التصاريح وتتبعها بشكل سريع. كما روّجت فون دير لاين لخطتها لإنشاء صندوق سيادي، وهو أمر غير متوقع إتمامه في وقت لاحق من 2023.
يشعر قادة الاتحاد الأوروبي بالقلق من أن القانون الأميركي للحد من التضخم، الذي يتضمن تقديم حوافز لشركات الطاقة المتجددة، يمارس التمييز ضد الشركات الأوروبية، ويمكن أن يجذب الاستثمار إلى الولايات المتحدة.
التضخم الأميركي يواصل التباطؤ مفسحاً المجال لتخفيف وتيرة رفع الفائدة
يُنتظر أن يجتمع قادة التكتل في بروكسل الشهر المقبل لمناقشة أسلوب المواجهة، في حين تدفع بعض الدول باتجاه إقرار نهج "صُنع في أوروبا"، للمساعدة في تعزيز مكانة الشركات المحلية.
مواجهة جهود الصين
دعت فون دير لاين كذلك إلى اتخاذ إجراءات حاسمة إزاء الجهود الصينية لتعزيز الابتكار في مجال التكنولوجيا والصناعة النظيفة، وتدابيرها التي تشمل الإعانات المحلية الكبيرة، وتقييد وصول شركات الاتحاد الأوروبي إلى الأسواق.
قالت فون دير لاين:" نظل بحاجة إلى العمل والتجارة مع الصين، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بهذا التحول.. نحن بحاجة إلى إعادة تركيز نهجنا على التخلص من المخاطر بدلاً من فك الارتباط".
أضافت: "لن نتردد في فتح تحقيقات إذا اعتبرنا أن مشترياتنا أو الأسواق الأخرى تتعرض للتشويه بسبب تقديم مثل هذا الدعم".
أصبح مسؤولو الاتحاد الأوروبي متشككين بشكل متزايد إزاء تقديم الولايات المتحدة أي تنازلات كبيرة بشأن قانونها المتعلق بالمناخ لصالح الشركات الأوروبية.
تراود البعض آمال بشأن إجراء تغييرات خلال مارس، قد تسمح للمواد الخام للبطاريات لأن تكون مطابقة للمواصفات بموجب القانون الأميركي. لكن المسؤولين أقرّوا أنه سيكون من الصعب مواجهة أوجه الدعم المقدمة، مهما كانت التغييرات المطبقة.
تناقش العواصم الأوروبية والمفوضون الأوروبيون، وسائل المواجهة على الصعيد المحلي في أرجاء الاتحاد الأوروبي. قام المفوّض الأوروبي للسوق الداخلية، تيري بريتون، بحملة في العواصم الأوروبية لزيادة مقدار المساعدات الحكومية المسموح بها لمساعدة الشركات في تحمّل تكاليف التشغيل والاستثمار في إنتاج صناعات التكنولوجيا النظيفة.
كما يدفع بريتون باتجاه إنشاء صندوق سيادي أوروبي، من شأنه أن يسمح للتكتل بضخ الأموال في قطاعات مهمة عند الضرورة.
قالت المفوضة الأوروبية لشؤون المنافسة، مارغريت فيستاجر، إن تقديم الكثير من المساعدات الحكومية قد يلحق الضرر بالبلدان الصغيرة والفقيرة.
استفادت ألمانيا وفرنسا، أكبر اقتصادين في الاتحاد الأوروبي، بشكل أكثر بعدما خفّفت المفوضية القواعد الحالية الخاصة بتقديم المساعدات للشركات لمواجهة ارتفاع تكاليف الطاقة.
فاتورة طاقة بتريليون دولار.. مجرد بداية للأزمة الأوروبية
تتطلع فيستاجر إلى تخفيف قواعد المساعدات الحكومية لتوفير الأموال على وجه التحديد لمنع الشركات من الانتقال إلى خارج الاتحاد الأوروبي، والسماح للدول بتخصيص المزيد من الأموال دون موافقة المفوضية، وفقاً لمضمون رسالة جرى إرسالها إلى وزراء المالية يوم الجمعة، اطلعت عليها "بلومبرغ".
دعوة لتوخي الحذر
حثّت ست دول، وهي الدنمارك وفنلندا وأيرلندا وهولندا وبولندا والسويد، المفوضية الأوروبية بالفعل على توخي الحذر الشديد عند تغيير الإطار المؤقت للأزمة في الاتحاد الأوروبي.
حذّرت الدول الست من مخاطر تجزئة السوق الداخلية، والسباق لتقديم أوجه الدعم الضارة، وضعف التنمية الإقليمية.
على الرغم من أن الرئيس الأميركي جو بايدن قال الشهر الماضي إنه يرى مجالاً لإجراء تعديلات على القانون الأميركي "لتسهيل مشاركة الدول الأوروبية"، إلا أن الولايات المتحدة لم تعرض حتى الآن سوى الإعفاءات الضريبية للسيارات الكهربائية التجارية، والتي يعتبر مسؤولو الاتحاد الأوروبي أنها غير كافية.
السيارات الكهربائية ليست سواسية والعبرة في المنافسة بين "تسلا" و"بي واي دي"
تتواصل المحادثات مع الولايات المتحدة حول إيجاد حلول ودية عبر فريق عمل مخصص، حيث يحرص المسؤولون على تجنب الصراع التجاري المتبادل والتسابق لتقديم الدعم.