بلومبرغ
يبحر أكبر منقِّبي النفط في العالم الغربي تجاه موسم الأرباح، وهم مدفوعون برياح أسعار السلع القوية، بعد عام 2020 الذي يفضّلون نسيانه.
وفي ظل أسعار النفط الخام، وهوامش التكرير المدعومة بإطلاق لقاحات كورونا كوفيد-19، واحتمال حدوث انتعاش اقتصادي، سيراقب المستثمرون الإشارات حول أرباح شركات النفط الغربية الكبرى في الربع الأخير من العام الماضي، التي تدل على أنَّ أسعار النفط الخام المرتفعة ستترجَم إلى تدفُّقات نقدية متزايدة تشتد الحاجة إليها في هذا العام.
وبالفعل، حدث ما يبعث على التفاؤل لكلٍّ من "إكسون موبيل"، و "بي بي"، وكلاهما كان قد تخطى خلال العام الماضي أسوأ هبوط في أسعار الأسهم منذ عقود، أما في عام 2021 فقد ارتفعت أسعار أسهمهما بأكثر من 10%. ومع ذلك، فإنَّه ليست هناك شعبية لدى "الخمسة الكبار"، إذ تقل القيمة السوقية المجمَّعة لشركات "إكسون موبيل"، و"شيفرون"، و"رويال داتش شل"، و"توتال"، و"بي بي" عن قيمة "تسلا" وحدها.
لذلك، سيكمن التحدي الذي يواجه المديرين التنفيذيين الذي يعبِّرون عنه أثناء اجتماعاتهم عبر الهاتف مع المحللين والمستثمرين في تحقيق التوازن الصحيح بين سداد الديون، وتمويل مدفوعات المساهمين، وتمويل خطط النمو، واستراتيجيات تحوُّل الطاقة.
فيما يلي خمسة أشياء يجب مراقبتها عندما ينشرون أرباح الربع الرابع، التي سيتمُّ إعلانها، كما هو موضَّح في الجدول الآتي:
الشركة | تاريخ إعلان أرباح الربع الرابع من 2020 |
شيفرون | 29 يناير |
إكسون موبيل | 2 فبراير |
بي بي | 2 فبراير |
شل | 4 فبراير |
توتال | 9 فبراير |
1- توليد النقد
في حين يفيد ارتفاع أسعار السلع الأساسية بشكل واضح شركات النفط، يمكن أن تكون الشركات الخمس الكبار بمثابة صندوق أسود عند ترجمة هذه المكاسب إلى تدفُّقات نقدية. إذ قد يكون للتداول وانقطاع الإنتاج وتوقيت الشحن وصيانة المصافي ومخزونات الوقود تأثير كبير على النتائج. وسيراقب المستثمرون إشارات تدل على أنَّ زيادة الأسعار تعزز الاحتياطيات النقدية.
وقد كتب محللو "مورغان ستانلي" بقيادة "ديفين ماكديرموت" في مذكرة للعملاء: "يجب أن يستفيد كبار المنقبين عن النفط من الإعادة المستمرة لفتح التجارة . لكن
لا يزال المستثمرون بحاجة إلى رؤية التدفُّق النقدي قبل التحوُّل إلى الاتجاه الصعودي على المدى المتوسط".
ويعتقد محللو "مورغان ستانلي" أنَّ التدفُّق النقدي هو المؤشر الأهم والوحيد لأداء أسهم كبرى الشركات الخمس الكبار، في الوقت الذي تخلى المستثمرون إلى حدٍّ كبير عن مكافأة الشركات التي تقوم بزيادة الإنتاج، أو بتوسيع الاحتياطيات الجوفية، أو ببناء المشروع في الوقت المناسب، فقد تزايدت أهمية هذا المقياس في الوقت الذي راكمت فيه الشركات المزيد من الديون.
2- ضبط الإنفاق ضروري
خفَّضت الشركات "الخمس الكبار" الإنفاق بقوة خلال عام 2020، وسيكون المستثمرون حذرين من أيِّ تحركات تهدف لزيادة نفقات هذا العام بشكل أكبر كاستجابة لزيادة الأسعار، لا سيَّما في حقول النفط الصخري في الولايات المتحدة.
وقال محللو "باركليز بلك" بقيادة "جينين واي" في مذكرة، إنّه: "بعد سنوات من الأداء الضعيف فيما يتعلَّق باستخراج النفط والغاز، يمكن وصف عام 2021 بأنَّه أكثر عام يعبر عن هذا الوضع". و"يمكن القول إنَّ أساسيات سوق النفط تقدِّم تدفقات نقدية على طبق من فضة في حال كان بإمكان فرق الإدارة الحفاظ على انضباطها".
ومن المرجَّح أن يواجه "مايك ويرث"، الرئيس التنفيذي لشركة "شيفرون"، أسئلة حول مدى شهيته لمزيد من عمليات الاستحواذ، بالنظر إلى الميزانية العمومية القوية للشركة، بالإضافة إلى قيامها مؤخراً بشراء شركة "نوبل إنيرجي" بقيمة 5 مليارات دولار.
وفي الوقت نفسه، سيُسأل مديرو إكسون التنفيذيون مرة أخرى عن قدرتهم على الحفاظ على ثالث أكبر توزيعات أرباح في مؤشر "ستاندرد أند بورز 500".
أما بالنسبة لشركتي "بي بي"، و"شل"، فسيتعلَّق الأمر كله بعوائد المساهمين. إذ سبق أن خفَّضت كلتا الشركتين توزيعات الأرباح خلال العام الماضي، مما أثار حفيظة المستثمرين الذين كانوا يعوِّلون على مدفوعات سخية. ولقد سعت "شل" لجذب بعضهم مرة أخرى خلال الربع الثالث، من خلال زيادة متواضعة في توزيعات الأرباح، ووعد بمزيد من الزيادات، وكذلك إعادة شراء الأسهم مع تخفيض الديون.
من جهتها كانت شركة "بي بي" قد وعدت بإعادة الفائض النقدي إلى المساهمين، ولكن الآن، في ظل وجود المزيد من الديون، والتزامات أكبر بالإنفاق منخفض الكربون، فإنَّ هذا يقع في مؤخرة أولوياتهم.
ولقد وعدت جميع الشركات الأوروبية الكبرى - على مستويات مختلفة - بتكثيف الاستثمارات في الطاقة النظيفة خلال العقود القادمة. لكنَّ النفط والغاز الطبيعي
لا يزالان يمثلان "الخبز والزبدة"، مما يعني أنَّه سيتعيَّن عليهما التوفيق بين الأموال المتدفِّقة إلى الوقود الأحفوري، في حين يقومون أيضاً في الوقت ذاته بتحويل رأس المال إلى مصادر الطاقة المتجددة الأقل ربحية، وذات المدفوعات الأقل من المساهمين.
3- الشطب
ستشوه نتائج الربع الرابع لشركة "إكسون"، أكبر عملية شطب أصول لها على الإطلاق، التي حذَّرت الشركة من أنَّها قد تصل إلى 20 مليار دولار. من جانبها، حذَّرت "شل" في ديسمبر من انخفاض آخر يبلغ مليارات الدولارات، سيرفع حصيلة العام إلى أكثر من 22 مليار دولار.
وتتوقَّع "شل" المزيد من الرسوم خلال هذا العام فيما يتعلَّق بإعادة الهيكلة العالمية. وستقوم الشركة على مدار عامين بإلغاء ما يصل إلى 9 آلاف وظيفة، وقد أعلنت بالفعل عن تخفيضات في القوة العاملة بمقدار 1600 عامل في موطنيها الأصليين، وهما: هولندا، والمملكة المتحدة، وحول هذا، كانت "جيسيكا أوهل" قد قالت في شهر أكتوبر، وهي تشغل منصب كبيرة المسؤولين الماليين، إنَّ تكاليف إنهاء الخدمة المرتبطة بالتجديد قد تصل على الأرجح إلى قرابة 1.5 مليار دولار إلى 2 مليار دولار.
4- توقعات الطلب
بفضل شبكاتها العملاقة من المصافي، ومحطات التعبئة التابعة لها، تتمتَّع شركات النفط الكبرى برؤية فريدة من نوعها لأنماط الطلب العالمي، مما يمثِّل الإشارة الرئيسية لأسواق النفط في الوقت الذي يتكيَّف فيه العالم مع فيروس كورونا كوفيد-19. وسيتمُّ فحص تعليقات المديرين التنفيذيين عن كثب حول السلوك المتوقّع للعملاء، بهدف تحديد ما إذا كان ارتفاع الأسعار الأخير سيزول أو أنَّه يشكّل بداية دورة أخرى متكررة للسلع الأساسية.
وستكون توقُّعات الغاز الطبيعي المسال في آسيا مهمةً بشكل خاص، التي شهدت ارتفاعاً مذهلاً في الأسعار خلال الأسابيع الأخيرة بسبب الطلب المرتفع على وقود التدفئة بدفع من برودة الطقس. وبالرغم من أنَّه يتمُّ قياس العديد من عقود الغاز الطبيعي المسال طويلة الأجل وفقاً لسعر النفط، إلا أنَّ السوق الفورية لا تزال مؤشراً مهماً للطلب.
5- إعادة الهيكلة
كانت أزمة عام 2020 شديدة جداً إلى درجة أنَّها دفعت الشركات الكبرى لأن تلجأ بسرعة إلى عمليات تسريح عمالة ضخمة سعياً لخفض التكاليف، والآن سيرغب المستثمرون في معرفة حجم المدَّخرات التي تمَّ جنيها. فقد أشارت "إكسون" بالفعل إلى أنَّها ستتجاوز هدفها المتمثِّل في خفض نفقات التشغيل بـ 15%، كما أنَّه يجب أن يؤدي خفض 14 ألف وظيفة إلى مكاسب طويلة الأجل.
وفي أوروبا، لا تعدُّ "شل" الشركة الوحيدة التي قلَّصت عملياتها. إذ قالت شركة "بي بي" في يونيو الماضي، إنَّها ستخفِّض قوتها العاملة، التي يصل عددها إلى 70 ألفاً بمقدار 10 آلاف عامل للمساعدة في تخفيف التكلفة بقيمة 8 مليارات دولار من "تكاليف الأفراد" السنوية.
وفي هذا السياق، شدَّد "برنارد لوني"، الرئيس التنفيذي لشركة "بي بي"، على أنَّه من أجل أن تنتقل الشركة إلى طاقة أنظف؛ فإنَّها تحتاج إلى أن تكون أكثر ذكاءً، وهذا يعني تفكيك أقسام المنبع، والمصب التقليدية، وتجريد طبقات كاملة من الإدارة.