كيف سيستخدم الملياردير أمباني التمويل لتحقيق القيمة لمساهمي ريلاينس

يكفي استخدام مساحة تخزين بسعة 5 إكسابايت لتسجيل جميع الكلمات التي نطقت بها البشرية على الإطلاق. لكن عملاء شركة الاتصالات التابعة لقطب الأعمال الهندي موكيش أمباني استعملوا ما يقرب من 6 أضعاف مساحة البيانات هذه في الربع الماضي. فقد تغير التحدي الذي يواجهه أمباني نظراً لأن رجل الأعمال الملياردير يستهدف مشتركيه البالغ عددهم 428 مليون شخص بخدمة جديدة في شبكة الجيل الخامس، كما يسعى لجذب 300 مليون آخرين ممن يستخدمون الهواتف الأساسية وحتى الذكية. عندما بدأ أمباني هذه الشركة قبل 6 سنوات، كانت كيفية بيع البيانات في دولة نامية هي المشكلة الكبرى. لكن السؤال الأهم الآن هو: ما الذي يمكن بيعه في المرحلة المقبلة للأشخاص الذين يستخدمون البيانات بكثرة بالفعل؟

أحد الإجابات الممكنة لهذا السؤال هي: الخدمات المالية. فالناس سيحتاجون دائماً إلى الائتمان. سواء تعلق ذلك بمدى استحقاقهم لهذا الائتمان، ومقدار ما يمكنهم الحصول عليه. ويمكن الحكم على مدى الجدارة الائتمانية للأشخاص من خلال نماذج التصنيف الائتماني التقليدية، التي تميل إلى استبعاد قطاع عريض من السكان الذين لا يتعاملون مع البنوك، أو عبر تقييم بيانات معاملات المشترين والبائعين على منصات كبيرة عبر الإنترنت، حسبما أوضحت شركتا "آنت غروب" في الصين و"ميركادو ليبر" في الأرجنتين.

هذا هو القطاع الجديد الذي يريد أمباني الانتقال إليه في المرحلة المقبلة، ويركز على "نشاط إقراض المستهلكين والتجار المعتمد على تحليلات بيانات الملكية، بهدف تكملة ودعم نماذج التصنيف الائتماني المكتبية"، حسبما قالت شركة "ريلاينس إندستريز" في بيان صحفي الجمعة الماضي.

معلومات هائلة

تعتمد أي منصة ناجحة للتكنولوجيا المالية للقروض على ما يسميه بنك التسويات الدولية بـ"حلقة البيانات والشبكة والنشاط" (DNA loop) ذاتية التعزيز. فخط السير الرقمي الذي يخلفه الأشخاص بعد استعمالهم للتجارة الإلكترونية أو مواقع التواصل الاجتماعي يمكن استخدامه لربطهم بشبكة قوية، والتي قد تُسخَر بالتبعية لتشجيع نشاط الاقتراض، مما يؤدي لمزيد من البيانات حول سلوك المستهلك.

هذه الحلقة متوفرة بالفعل لدى "ريلاينس"، فإلى جانب امتلاك أكبر شركة اتصالات في الهند، يدير التكتل التجاري أيضاً أكبر شركة بيع بالتجزئة في البلاد، وأجرى أكثر من 250 مليون معاملة في الربع الأخير، عبر 50 مليون قدم مربع من مساحة المتاجر. كما يربط أمباني العملاء مع أصحاب المتاجر في الأحياء حتى يتمكنوا من طلب البقالة والأشياء اليومية عبر الإنترنت باستخدام خدمة المراسلة "واتساب" التابعة لشركة "ميتا بلاتفورمز".

مع ذلك، فإن الثقل المتزايد لشركة "ريلاينس" في قطاع المنتجات الاستهلاكية الذي يوفر كماً كبيراً من البيانات لا يؤدي بالضرورة إلى إعطاء دفعة قوية لأسهم الشركة. تصدرت أسهم "ريلاينس" بنحو 30 ضعف مكرر الربحية الآجلة قبل عامين، فيما تُتداول حالياً وفق مكرر ربحية قدره 20. فالضريبة الهندية المفاجئة التي فُرضت على وقود النقل وضعف التكرير وهوامش أرباح أعمال البوليمر تضر بعمليات البتروكيماويات والطاقة القديمة التابعة للتكتل التجاري.

خطوة استباقية

هذا هو السبب في فصل أمباني لشركة "جيو فاينانشيال سيرفس" (Jio Financial Services) بهدف مضاعفة أعمال المنتجات الاستهلاكية، ودعم رواج الأسهم مرة أخرى.

اقرأ المزيد: شركة اتصالات مملوكة للملياردير الهندي أمباني تخطط لأكبر إصداراتها من السندات

سيحصل المستثمرون على سهم واحد من الشركة الجديدة مقابل كل سهم يملكونه في "ريلاينس". ربما ستُدرج "جيو فاينانشيال سيرفس" في سوق الأوراق المالية بسرعة كبيرة إذا كان الهدف أيضاً هو استباق الملياردير المنافس غوتام أداني. يستهدف "أداني كابيتال" (Adani Capital)، وهو بنك الظل التابع لمجموعة "أداني"، إجراء طرح عام أولي بحلول 2024.

هل سيكون نمو قروض المستهلك والتجار سريعاً بما فيه الكفاية لإقناع المساهمين؟ هذا لم يحدث مع شركة "بايتم" (Paytm)، حيث حازت شركة المدفوعات الهندية عبر الإنترنت على قروض أكثر بثماني مرات في ربع يونيو مقارنة بالعام السابق، مع تقديمها للإمدادات وخدمة العملاء نيابة عن البنوك، رغم ذلك استمرت أسهمها في الانخفاض بنسبة 70% أقل من السعر الذي بيعت به في أكبر اكتتاب عام بالهند، والذي جرى شهر نوفمبر الماضي.

اقرأ أيضاً: موكيش أمباني يشتري شركة روبوتات ناشئة لدعم الطموح التكنولوجي

هذا هو القطاع الذي ستعتمد فيه "ريلاينس" على ميزانيتها العمومية البالغة 200 مليار دولار، وتستغل ميزة تكلفة رأس المال التي تحصل عليها من تصنيفها بدرجة أعلى من الحكومة الهندية. في نهاية المطاف، ستسعى أعمال الخدمات المالية التابعة للمجموعة إلى أن تصبح تكتلاً قائماً بذاته، مع دخولها في كل شيء من المدفوعات والتأمين إلى الوساطة الرقمية وإدارة الأصول. لكن اللبنة الأساسية ستكون الائتمان: ستبدأ شركة "جيو فاينانشيال" بالعمل من خلال منح قروض مسعرة بدقة وفق بيانات شبكة "ريلاينس" الواسعة للمستهلكين والتجار. الآن ومع اقتراب إلغاء ميزة الوقف الاختياري لسداد القروض التي مُنحت بسبب أزمة وباء "كوفيد- 19" يبدو التوقيت مناسباً.

توسيع الائتمان

"باجاج فاينانس" (Bajaj Finance) ، وهي شركة هندية غير مصرفية رائدة تمنح قروضاً للعملاء، أعلنت عودتها لتقديم عوائد إضافية بنسبة 20% على حقوق الملكية مع استئناف النمو عبر القطاعات، وتكاليف الائتمان المستقرة.

يكمن الاستخدام الأكثر ربحية لمعلومات العملاء الدقيقة داخل دولة مثل الهند في توسيع نطاق الوصول إلى الائتمان، فأكثر من 60% من السكان البالغين إما لم يُرصدوا في نماذج التسجيل التقليدية، أو لا يعتبرون هدفاً ثميناً لمؤسسات الإقراض.

اقرأ المزيد: أمباني يعتزم استثمار 25 مليار دولار بشبكة الجيل الخامس في الهند

يمتلك أمباني حلقة البيانات والشبكة والنشاط، وفي الست سنوات السابقة لإطلاق رجل الأعمال لشبكة اتصالات الجيل الرابع الخاصة به، استهلكت الهواتف المحمولة على مستوى العالم 120 إكسابايت.

بحلول العام المقبل، قد يستخدم عملاء مجموعة أمباني هذا القدر الكبير من البيانات كل عام. مع ذلك، كما أظهر تقرير الأرباح الذي صدر الجمعة الماضي، فحتى بعد النمو بمقدار الثلث على مدار عامين، فإن متوسط ​​العائد لكل مستخدم يزيد قليلاً عن دولارين شهرياً. لذا؛ حان الوقت لوضع رؤى للعمل نابعة من سلوك المشترين الممتدين من قطاع الاتصالات إلى البيع بالتجزئة، مع تقديم بعض القيمة لمساهمي "ريلاينس".