بلومبرغ
لم يُبدِ زعيم كوريا الشمالية، كيم جونغ أون، أي اهتمام باستئناف المحادثات مع ِالولايات المتحدة، بعدما وافق في 2018 على العمل لأجل "نزع السلاح النووي بالكامل من شبه الجزيرة الكورية". وبدلاً عن ذلك، أصبح مشغولاً بزيادة حجم ترسانته من الأسلحة المجهزة نووياً وقوتها التدميرية وتحسين قدرتها على قصف كوريا الجنوبية واليابان والقوات الأميركية في آسيا، بالإضافة إلى البر الرئيسي للولايات المتحدة.
1) عَلَامَ يعمل كيم جونغ أون؟
على مجموعة من الصواريخ الباليستية متفاوتة المدى، وصواريخ جوالة (كروز) يقال إنها قادرة على قصف اليابان. (الصواريخ الباليستية تطير في مسار أشبه بالقوس ولا تحتاج لمصدر طاقة أثناء الهبوط. يمكن للصواريخ الجوالة الطيران على ارتفاعات منخفضة مع إجراء مناورات، مما يجعل اكتشافها واعتراضها أكثر صعوبة).
- طرح كيم صواريخ باليستية جديدة ذات وقود صلب أسهل في نقلها وإخفائها وإطلاقها مقارنة بالكثير من الصواريخ ذات الوقود السائل. وأطلق ما يزيد عن 60 صاروخاً تقريباً منذ مايو 2019، بما فيها صواريخ "كيه إن-23" (KN-23) فائقة السرعة ذات القدرة النووية، التي يمكنها قصف كوريا الجنوبية بأكملها، والقوات الأميركية المتمركزة هناك، خلال دقائق. كما طرح أيضاً صواريخ "كيه إن-25" (KN-25) قصيرة المدى المصممة للإطلاق في تتابع سريع من منصة إطلاق واحدة لإرباك الطائرات الاعتراضية.
اقرأ المزيد: كوريا الشمالية تطلق مقذوفات يُشتبه في أنها صواريخ بالستية
- الصاروخ الباليستي الجديد، "بوغوكسونغ-3" (Pukguksong-3)، مصمم للإطلاق من غواصة، ومداه التقريبي يصل إلى 1,900 كيلومتر أو 1,200 ميل. اعتباراً من أواخر 2021، نشرت كوريا الشمالية غواصة واحدة قادرة إطلاق الصواريخ. وهناك واحدة أخرى تُبنى منذ أكثر من عام).
- اختبرت الدولة صواريخ تفوق سرعة الصوت عدة مرات في سبتمبر 2021 ومرة أخرى خلال يناير 2022. هذه الصواريخ مصممة لإطلاق مركبة انزلاقية عالية السرعة يمكنها حمل رأس حربي والمناورة بعيداً عن الطائرات الاعتراضية.
- في أكتوبر 2022، أطلقت أول صاروخ لها منذ 5 سنوات تقريباً فوق اليابان، الذي بدا أنه صاروخ "هواسونغ-12" (Hwasong-12) متوسط المدى. سقط الصاروخ في غرب المحيط الهادئ، بعدما وصل لارتفاع 970 كيلومتراً، أي أكثر من ضعفي مدار ارتفاع محطة الفضاء الدولية.
- استعرضت الدولة أيضاً العام الماضي، وكذلك في يناير، ما قالت إنه نظام توصيل جديد لإطلاق الصواريخ من على ظهر قطار، مما يجعل من الصعب على أعين المتطفلين رصده.
2) هل يستطيع كيم قصف الولايات المتحدة فعلاً؟
يبدو أن كيم اكتسب تلك القدرة بعدما نجح في اختبار صاروخ باليستي عابر للقارات في نوفمبر 2017، وهو "هواسونغ-15" (Hwasong-15). كما عُرض صاروخ باليستي عابر للقارات أكبر وأحدث، والذي يحمل اسم "هواسونغ-17" (Hwasong-17)، في استعراض عسكري خلال أكتوبر 2020 احتفالاً بالذكري السنوية الـ75 لحزب العمال الحاكم. ربما يكون الصاروخ قد انفجر بعد فترة قصيرة من إطلاقه في اختبار فاشل بمنتصف مارس 2022.
بعد 8 أيام من هذا الاختبار الفاشل، أطلقت كوريا الشمالية صاروخ باليستي عابر للقارات تعتقد كوريا الجنوبية أنه كان من نوع "هواسونغ-15". يقول خبراء الأسلحة إن الغرض المرجح من "هواسونغ-17" هو إطلاق حمولة متعددة الرؤوس النووية بإمكانها إرباك الدفاعات الأميركية، أو سلاح واحد ذي قوة كبيرة. يقال أيضاً إن كوريا الشمالية تُطوّر صاروخاً باليستياً عابراً للقارات يستخدم تكنولوجيا الوقود الصلب، مما قد يقلل المدة الزمنية لتحذير الولايات المتحدة بشأن إطلاق وشيك.
اقرأ أيضاً: كوريا الشمالية تقر قانوناً يسمح لها بتنفيذ "ضربة نووية وقائية"
مع ذلك، ليس من الواضح ما إذا كانت الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، التي تملكها الدولة، بإمكانها التغلب على الأنظمة المضادة للصواريخ ودقيقة بما يكفي لقصف الأهداف المقصودة، وأيضاً إذا ما كانت الرؤوس الحربية تستطيع دخول الغلاف الجوي مرة أخرى دون أن تتحطم.
3) ما عدد الأجهزة النووية التي تملكها كوريا الشمالية؟
يُقدّر الخبراء أن كوريا الشمالية استطاعت تجميع 40 إلى 50 رأساً نووياً، وهو أقل عدد من بين 9 دول تملك أسلحة نووية. رغم ذلك، أحد التقديرات، من دراسة قامت بها مؤسسة البحث والتطوير (RAND) ومعهد آسان (Asan Institute)، ذكر أن الرقم يصل إلى 116.
أجرت الدولة 6 اختبارات ذرية، وكيم مسؤول عن آخر 4 منهم. قالت الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية إن العاصمة بيونغيانغ قد تُجري اختباراً آخر قريباً. بلغ حجم التفجير الأول في 2006 أقل من كيلوطن، مما دفع الخبراء للتساؤل عما إذا كان الاختبار قد فشل جزئياً. (يعادل الكيلوطن ألف طن متري، أي 1,102 طن، من مادة ثلاثي نيتروتولوين، المعروفة باسم تي إن تي).
في أحدث اختبار بسبتمبر 2017، ظهر مدى صغر القوة التدميرية المُقدّرة بـ15 إلى 20 كيلوطن للقنابل الأميركية التي دمرت هيروشيما وناغازاكي في 1945، مقارنة بنظيرتها الكورية الشمالية المُقدّرة بـ120 إلى 250 كيلوطن. طوّرت كوريا الشمالية في الأغلب أجهزة نووية مُصغّرة لإدخالها في رؤوس الصواريخ الباليستية، وفقاً لتقييمات "عدة" دول ورد ذكرها في تقرير للأمم المتحدة في 2020.
4) من أين يحصل جيش كيم على المواد الانشطارية؟
لدى كوريا الشمالية اكتفاء ذاتي منذ عقود في المادة الانشطارية، وهي المكون الرئيسي لإنشاء تفاعل وانفجار نووي متسلسل. يعتمد البرنامج اليوم بشكل كبير على اليورانيوم المُخصّب، ويُنتِج، وفقاً لخبراء الأسلحة، سنوياً ما يكفي لقرابة 6 قنابل. بالإضافة إلى ذلك، بدا في منتصف 2021 أن كوريا الشمالية استأنفت عمليات إنتاج البلوتونيوم، وهي طريقة أخرى لإنتاج المواد الانشطارية، في مفاعل نووي داخل مجمع يونغبيون القديم.
5) ما المفاجآت التي قد تكون موجودة؟
قد تكون كوريا الشمالية تعمل على صواريخ باليستية عابرة للقارات تحمل عدة رؤوس حربية وإجراءات مضادة أثناء التحليق لتضليل الطائرات الاعتراضية، بحسب "داتايو" (Datayo)، وهو موقع أبحاث عن الأسلحة مفتوح المصدر.
سعى كيم لتطوير أسطوله من الغواصات، ويتطلع لإطلاق غواصة جديدة قريباً يقول الخبراء إنها قد تطلق الصواريخ، وربما قد يحاول أيضاً إعادة إحياء برنامج الأقمار الصناعية للدولة، مدعياً أن كوريا الشمالية لها الحق كدولة ذات سيادة في تطوير برنامج للفضاء.
اقرأ أيضاً: كوريا الجنوبية ترصد استعدادات بيونج يانج لإطلاق صاروخ باليستي من غواصة
قالت كوريا الشمالية إنها أجرت اختباراً "مهماً" لقمر صناعي للاستطلاع في فبراير. يقول خبراء الأسلحة إن كوريا الشمالية قد تستخدم إطلاق الأقمار الصناعية لتطوير تكنولوجيا الصواريخ.
6) كيف تستطيع الدولة تحمل كل هذه التكلفة؟
المبالغ المطلوبة ليست ضخمة بالمعايير العالمية. أنفقت كوريا الشمالية حوالي 4 مليارات دولار سنوياً على قوتها العسكرية، من بينها أحد أكبر جيوش العالم، بين 2007 و2017، بحسب تقييم لوكالة المخابرات المركزية في 2019. يعادل ذلك تقريباً الإنفاق الحربي للولايات المتحدة لمدة يومين. بما أن كوريا الشمالية واحدة من أفقر دول العالم، فإن إنفاق نحو 23% من الناتج المحلي الإجمالي يعد من بين الأعلى على مستوى العالم، إن لم يكن الأعلى بالفعل. رغم أن العقوبات الدولية وجّهت ضربة قوية للاقتصاد، تفلت كوريا الشمالية من بعضها من خلال طرق مثل عمليات نقل سرية بحراً للبضائع الممنوعة مثل النفط، وتحقق سيولة نقدية من خلال وسائل تتضمن شن هجمات ببرامج طلب الفدية. قال محققون في الولايات المتحدة والأمم المتحدة إن نظام حكم كيم، الذي بلغت مدته عقداً، حصل بالفعل على ما يُقدّر بـ2.3 مليار دولار من خلال الجرائم السيبرانية وفي وضع يتيح له الحصول على المزيد.
7) ألم يكن ترمب سيُصلِح هذا الأمر؟
حوّلت المحادثات بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب وكيم، التي بدأت بسنغافورة في يونيو 2018، الاثنين من أعداء يوجهون الإهانات لبعضهم البعض إلى شريكين في الحوار. لكن لم ينتج عن اجتماعاتهم الثلاثة أي تغيير ملحوظ، وأمست كوريا الشمالية ما حاولت 3 عقود من الدبلوماسية منعه، بعدما أصبحت دولة قادرة على تطوير وإطلاق وتفجير قنابل ذرية. لم يُظهِر كيم أي اهتمام بدعوة الرئيس جو بايدن للعودة إلى المحادثات النووية.