بلومبرغ
بعد عام من العوائد الفظيعة المرتبطة بالعالم الحقيقي؛ يتحول 3 رعاة من شركات الشيك على بياض الجديدة إلى عالم الـ"ميتافيرس" بحثاً عن أهداف للاستحواذ.
تضم الشركات الثلاث واحدة يقودها مسؤول سابق في شركة "سوني بلاي ستيشن" (Sony PlayStation)، وآخر من الشركة الرائدة في ألعاب الفيديو التي كانت وراء امتياز لعبة "توم ريدر" (Tomb Raider)؛ علماً أنَّ المديرين لديهما خبرات ومهارات كبيرة، بالإضافة إلى سجل وظيفي ناجح بدرجة عالية.
برغم ذلك، تمثل الموجة الجديدة عند بعض المراقبين نموذجاً لملاحقة شركات "الشيك على بياض" مرة أخرى أحدث صيحة مستقبلية، بعد أن فشلت مراهنات هذا القطاع على السيارات الخضراء صديقة البيئة، وعلى الرموز المشفرة.
اقرأ أيضاً: "فيديليتي" تخطط لإطلاق صندوقين متداولين في البورصة مرتبطين بالتشفير والـ"ميتافيرس"
ربما زادت التقلبات التي شهدتها أسهم قطاع التكنولوجيا، والـ"ميتافيرس" في الأسبوع الحالي من صعوبة الوضع بالنسبة إلى رعاة ما يطلق عليها شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة (SPACs)، التي انخفضت إجمالاً بنسبة تجاوزت 40% من الذروة التي بلغتها في فبراير الماضي.
تلك هي طبيعة الوحش، كما يقول ماتيو توتل، الرئيس التنفيذي لشركة "توتل كابيتال مانجمنت" (Tuttle Capital Management)، التي تصدر مؤشراً يتتبّع إيرادات شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة.
اقرأ المزيد: استحواذ "مايكروسوفت" على "أكتيفيجن" يجلب فضيحة في طياته
أضاف توتل: "أنت مضطر أن تفعل شيئاً حتى تجذب اهتمام المستثمرين، وتحتفظ به، فكيف تفعل ذلك؟ عن طريق اكتشاف اللعبة الجديدة".
في هذه الحالة، هذه اللعبة هي الـ"ميتافيرس"، عالم الواقع الافتراضي الذي يستكشفه الناس باستخدام نظم سماعات الرأس التي تسيطر عليها حالياً شركة "أوكيولوس" (Oculus) التابعة لشركة "ميتا بلاتفورمز" (Meta Platforms)، و "بلاي ستيشن في آر" (PlayStation VR) من شركة "سوني".
يطلق الرئيس التنفيذي لشركة "ميتابلاتفورمز" مارك زوكربيرغ على هذا العالم الافتراضي تسمية "الحدود التالية"، ووفق حسابات "بلومبرغ إنتليجنس"؛ قد يصبح الـ"ميتافيرس" سوقاً قيمتها 800 مليار دولار بحلول عام 2024.
اقرأ أيضاً: عين مصلحة الضرائب الأمريكية على مليارات مستثمري الرموز غير القابلة للاستبدال
المحارب القديم
في هذا المجال الناشئ؛ تأتي شركة "باور أب أكويزيشن" (PowerUp Acquisition Corp) التابعة لـ"جاك تريتون"، وهي شركة استحواذ ذات أغراض خاصة تسعى إلى جمع 225 مليون دولار.
شركة أخرى يقودها إيان ليفينغستون تسمى "هيرو ميتافيرس أكويزيشنز" (Hiro Metaverse Acquisitions)، وقد جمعت فعلاً نحو 156 مليون دولار.
تعرف شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة بشركات "الشيك على بياض"، لأنَّها تجمع أموالاً من المستثمرين عبر آلية الطرح الأولي للاكتتاب العام بغرض شراء شركة خاصة لم يتم تحديدها بعد. وتعلن هذه الشركات خبرات فريق الإدارة بها بهدف إقناع الناس بالاستثمار فيها.
مثال ذلك أنَّ جاك تريتون هو الرئيس التنفيذي لشركة "سوني كمبيوتر إنترتينمنت أميركا" (Sony Computer Entertainment America) بخبرة 35 عاماً في صناعة الألعاب، بحسب نشرة الاكتتاب الخاصة بشركته. ويضم فريقه بروس هاك، الرئيس التنفيذي السابق لشركة "فيفندي غايمز" (Vivendi Games)، ونائب رئيس شركة "أكتيفيجن بليزارد" (Activision Blizzard)، وقد ورد باعتباره مشرفاً على إطلاق لعبة "وورلد أوف وركرافت" (World of Warcraft)، وهي إحدى الألعاب الأيقونية في هذا القطاع. وقد تضم أهداف الفريق شركات ألعاب الفيديو، بالإضافة إلى "شركات جديدة لألعاب الفيديو على الميتافيرس".
لم تنجح جهود الاتصال بشركة "باور أب"، ومقرها في نيويورك للحصول على تعقيب؛ ولم يكن رقم الهاتف المدرج في نشرة الطرح الخاصة بها في الخدمة. ولم ترد شركة المحاماة الموجودة في نشرة الاكتتاب، شركة "ماكدرموت ويل آند إمري" (McDermott Will & Emery) على اتصال هاتفي. أما ماتيو بول؛ منظر الـ"ميتافيرس" الذي ورد اسمه في نشرة الاكتتاب باعتباره الرئيس المسؤول عن الاستراتيجية، فقد قال الجمعة، إنَّه لم يعد جزءاً من فريق شركة "باور أب".
أسس ليفينغستون شركة "إيدوس" (Eidos Plc) البريطانية التي ابتكرت لعبة "توم ريدر"، وكان رئيساً غير تنفيذي لشركة "سومو غروب" (Sumo Group) قبل بيعها مقابل أكثر من مليار دولار إلى شركة "تينسنت هولدينغز" (Tencent Holdings).
تعتزم شركة "هيرو" التركيز على الـ"ميتافيرس"، والرياضة الإلكترونية، والبث التفاعلي، و"شبكات التواصل الاجتماعي لجيل زد"، بحسب مستندات الطرح، مع توقُّعات بأن تكون الألعاب، والـ"ميتافيرس" "جزءاً كبيراً من الاقتصاد الجديد في ثلاثينيات القرن الحادي والعشرين".
سوق غير مطروقة
ينتج رجال الأعمال والمبدعون الأوروبيون نحو ثلث إجمالي محتوى ألعاب الفيديو المستخدم في كل أنحاء العالم، ولكنَّهم لا يمثلون إلا 3% تقريباً من إجمالي القيمة السوقية للصناعة في العالم، بحسب بيان أصدره ليفينغستون في 31 يناير الماضي.
رفضت شركة "هيرو" التعقيب، مشيرة إلى مستندات الطرح التي يروّج فيها ليفينغستون "خبرة عميقة بصناعة الألعاب التي تشهد تطوراً سريعاً"، وموقف شركة الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة الذي يسمح لها "بتحديد وتمويل شركة مستهدفة ما زالت أمامها فرصة كبيرة للنمو، وما زالت لديها فرصة لتحقيق قيمة عالية".
شركة "إيفرغرين"، هي شركة استحواذ ذات أغراض خاصة تهدف إلى جمع 100 مليون دولار، ولديها خطة لشراء شركة تعمل في مجال الـ"ميتافيرس"، أو الذكاء الاصطناعي، أو التكنولوجيا المالية، أو في أي قطاع تكنولوجي آخر، بحسب نشرة الاكتتاب.
يقود الشركة الرئيس التنفيذي ليو تشون ليان، الذي يكشف تاريخه المهني عن فترات عمل فيها مع شركات تكنولوجيا كبيرة متنوعة، وبناء شركة بلغت قيمتها عند الطرح 195 مليون دولار. كما أنَّ المسؤولين في شركة "إيفرغرين" التي تتخذ مقرها في ماليزيا لم يردوا على اتصالات طلب التعقيب.
بيانات المهمة بالنسبة إلى شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة تترك مساحة معقولة للحركة بالنسبة إلى ما ستقوم فعلاً بالاستحواذ عليه.
قال جوليان كليموشكو الذي يدير صندوقاً يركز على شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة في شركة "أكسيليريت فايننشال تكنولوجيز" (Accelerate Financial Technologies): "ربما خرجت هذه الشركات بفكرة منذ أشهر قليلة، كما أنَّ السوق كما هو واضح تتغير بسرعة كبيرة. ولذلك؛ فهي ليست مجبرة على الالتزام بالمهمة الأولى، وفي أغلب الأوقات لا تلتزم".
ضربت موجات التقلب قطاع شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة بعد تلاشي الهوس بها في العام الماضي، وهبط مؤشر "آي بي أو إكس سباك" (IPOX SPAC Index) بنسبة 42% منذ أن بلغ مستوى قياسياً مرتفعاً في فبراير الماضي، كما فقد مؤشر "دي-سباك" (De-SPAC Index,) الذي يتتبّع حركة 25 شركة "شيك على بياض" سابقة قامت بالاستحواذ على شركة ما، نحو ثلثي قيمته.
بالنسبة إلى بعضهم؛ تعد هذه الخسائر إشارة إلى أنَّ السوق تجاوزت حد التشبع، وقد ركزت على تكنولوجيا لم تثبت أقدامها على تقييمات مرتفعة.
ما زالت حالة التشكك عالية مع ارتفاع أسعار الفائدة، ومازالت الربحية بعيدة المنال بالنسبة إلى كثير من الشركات البادئة في المستقبل المباشر، بحسب تصريحات إد مويا، محلل أول السوق لدى شركة "واندا كورب" (Oanda Corp).
مع ذلك؛ تميل شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة إلى التداول على أساس "مضاعف التمني" بدلاً من "مضاعف الربحية" الذي قد يوفر قوة دافعة للنسل الجديد.
قال مويا: "بعد انفجار العام الماضي لفقاعة شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة؛ يبحث كثير من المتعاملين بحذر عن شركات يمكن أن تراهن على النمو الهائل الذي سيتواكب مع الجيل الثالث من الإنترنت (ويب 3)، والـ(ميتافيرس)".