بلومبرغ
اتجهت "تويتر" للبحث داخل المؤسسة هذه المرة، وقامت بتعيين باراغ أغراوال غير المشهور رئيساً تنفيذياً للشركة ليقود دفة شبكة التواصل الاجتماعي التي سجلت أداءً أضعف من السوق وعانت من عدم تقديم منتجات جديدة بشكلٍ منتظم وتسعى لتفادي نشر محتوى ضار وسط انتقادات لها بإثارة الانقسامات لفترة طويلة.
توقعات المبيعات تقود سهم "تويتر" لأكبر انخفاض منذ أبريل
جرى الإعلان يوم الإثنين عن تعيين أغراوال الذي يبلغ من العمر 37 عاماً، ليخلف الشريك المؤسس جاك دورسي، وذلك بعد أن قضى 4 سنوات بمنصب كبير مسؤولي التكنولوجيا، وأشرف خلال منصبه على جهود "تويتر" في استخدام تقنيات "البلوكتشين" وغيرها من التقنيات اللامركزية.
يبقى دورسي البالغ من العمر 45 عاماً عضواً بمجلس الإدارة حتى الصيف، كما سيبقى على رأس شركة "سكوير" للمدفوعات التي شارك أيضاً في تأسيسها.
شخصية غير معروفة
هناك فارق بين دورسي الذي يعد أحد أشهر المليارديرات ويتمتع بصداقات متعددة مع المشاهير وكذلك يحظى بمتابعة ملايين من متابعي "تويتر"، في المقابل أغراوال الذي يعتبر شخصاً مجهولاً نسبياً لم يقض أي وقتٍ بدائرة الضوء في شبكة التواصل الاجتماعي المثيرة للجدل.
تظهر اهتمامات دورسي الشخصية - مثل الموسيقى وبتكوين – بوضوح في منشوراته والتي ظهرت في النهاية بخريطة طريق منتجات الشركة، لكنه فشل في إعادة هيكلة أعمال الشركة منذ تولى منصبه في مهمته الثانية كرئيس تنفيذي في عام 2015.
"تويتر": تحديثات "أبل" ستؤثر بشكل محدود على الإعلانات
من بين الميراث الذي سينتقل للرئيس التنفيذي الجديد النزاعات السياسية على "تويتر"، ومن بينها الانتقاد بسبب حظرها للرئيس السابق دونالد ترمب والنزاع مع الحزب الحاكم في الهند. كما سيتعين عليه السعي لتحقيق أهداف قوية لزيادة نمو المستخدمين ومضاعفة الأرباح وتسريع تنفيذ المنتج.
قال مارك شموليك، محلل أبحاث الأسهم في "سانفورد سي بيرنشتاين": "ما هو الهدف الرئيسي للشركة الذي تراه قادراً على تحقيقه ويمثل المعيار الذي اخترته على أساسه أو حياته المهنية على الأقل؟ وما مدى نجاحه في تحقيق ذلك الهدف؟".
رحلة في شركات التكنولوجيا
يعد أغراوال أصغر من يدير شركة مدرجة في مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" وفقاً للبيانات التي جمعتها بلومبرغ.
وقد حصل قبل انتقاله إلى "تويتر" على درجة البكالوريوس في علوم وهندسة الكمبيوتر من "المعهد الهندي للتكنولوجيا" في بومباي والدكتوراه في علوم الكمبيوتر من "جامعة ستانفورد".
عمل أغراوال باحثاً في "مايكروسوفت" و"ياهو" و"ايه تي اند تي" بحسب ملفه الشخصي على "لينكد إن". وقد انضم إلى "تويتر" عام 2011 ليشغل وظيفة مهندس وقتما كان لدى الشركة أقل من ألف موظف.
قالت الشركة، إن أغراوال عمل على تعزيز نمو المتابعين والإيرادات وتم اختياره كأول مهندس متميز في "تويتر". وجرى تعيينه رئيساً للتكنولوجيا في عام 2017 ليقود الاستراتيجية التقنية للشركة والإشراف على تطورات التعلم الآلي، حسبما ذكر الموقع الإلكتروني للشركة.
يتولى أغراوال قيادة شركة كانت بطيئة في طرح منتجات وميزات جديدة لسنوات، لكنها بدأت في التحرك بشكلٍ أسرع، وإجراء المزيد من عمليات الاستحواذ في مجالات قد توسع أعمالها مثل البث الصوتي المباشر والاشتراكات.
الهند تتحرك لتحجيم "فيسبوك وتويتر" بقانون مرتقب للإشراف على المحتوى
تسريع النمو
وضعت "تويتر" أهدافاً للنمو المتسارع بعد استحواذ المستثمر "إليون مانجمنت" على حصة بالشركة مطلع 2020 ليضغط باتجاه الإسراع بالأعمال.
وبعد إجراء تغييرات أولية نالت قبول "إليوت" في عام 2020، أعلنت "تويتر" في فبراير الماضي عن استهدافها مضاعفة إيراداتها السنوية بحلول عام 2023 ومواصلة نمو قاعدة مستخدميها بنسبة 20% سنوياً في المتوسط خلال الثلاث سنوات المقبلة.
تعيين أغراوال يعد أول مرة يصبح فيها لشركة "تويتر" رئيساً تنفيذياً بدوامٍ كامل منذ سنوات، وهو ما يعد أمراً إيجابياً حيث كانت رئاسة دورسي لشركة "سكوير" أحد انتقادات "إليوت" الرئيسية لشبكة التواصل الاجتماعي.
بعث أغراوال برسالة لزملائه من موظفي "تويتر" يوم الإثنين أشار فيها إلى التحديات والفرص التي تنتظرهم.
كتب أغراوال: "قمنا مؤخراً بتحديث استراتيجيتنا لتحقيق أهداف طموحة، وأعتقد أن تلك الاستراتيجية جريئة ومناسبة لكن التحدي الحاسم الذي نواجهه يتمثل في كيفية التنفيذ وتحقيق النتائج التي تجعل تويتر في وضعٍ أفضل بالنسبة لعملائنا ومساهمينا ولكل واحد فيكم".
ردود فعل متباينة
تباينت ردود أفعال الموظفين على قرار التعيين. حيث أظهر استطلاع لا يحدد هوية من أبدوا أراءهم من خلال تطبيق مجهول للموظفين الذين قاموا بالتسجيل باستخدام عنوان بريد إلكتروني للشركة أن أكثر من ثلاثة أرباع المشاركين البالغ عددهم أكثر من 150 مشاركاً إما لا يعتقدون أن أغراوال هو "الرجل المناسب" للوظيفة أو ليس لديهم قرار محدد ولكن "ينظرون للموضوع بشكلٍ سلبي".
في المقابل كانت هناك بعض التغريدات أكثر إيجابية حيث قال الكثيرون إن انتقال الرئيس التنفيذي يبدو أكثر سلاسة من المرة الأخيرة التي قامت فيها "تويتر" بتغيير القيادة.
ينتظر مساهمو "تويتر" من أغراوال وضع مسار أكثر استقراراً يحقق نمواً مستمراً لإيرادات الشركة وعدد المشاركين.
وفي الوقت الذي تتسع فيه قاعدة مستخدمي "تويتر" بشكلٍ كبير لسنوات لكن الشركة فشلت في مواصلة النمو أو توزيع عوائد على الأسهم مثل باقي الشركات المنافسة مثل "سناب" المالكة لتطبيق "سناب شات" و"ميتا بلاتفورم" المالكة لتطبيق "فيسبوك".
ارتفع سعر سهم "تويتر" 62% منذ عودة دورسي في عام 2015 وارتفعت الإيرادات السنوية بنسبة 68% مقارنة بمستويات 2015. مقابل ارتفاع سهم "ميتا" 260% في نفس الفترة وتضاعفت مبيعاتها أكثر من 4 أضعاف.
ضغوط المنافسين
تضغط استثمارات المنافسين المتسارعة في الأجهزة والخدمات التي تعمل بالواقع الافتراضي على "تويتر" للإسراع بوتيرة الابتكار بشكل أكثر جرأة.
وغيرت "ميتا" اسمها مؤخراً في إشارة لتركيزها على العوالم الرقمية الافتراضية المعروفة باسم "ميتافيرس" والتي تسعى العديد من كبرى شركات التكنولوجيا إلى دخولها باعتبارها الجيل التالي من منصات الحوسبة.
قال مانديب سينغ محلل "بلومبرغ إنتليجنس": "القضية الأهم ما ستقوم تويتر بتنفيذه وانعكاس عدد المشاركين لديها على إيراداتها مقارنة ببعض منصات وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى".
وأشار شموليك إلى حاجة أغراوال لتغيير ثقافة الشركة من أجل الحفاظ على القدرة التنافسية وإمكانية توفير المنتجات والاستراتيجيات الجديدة بوتيرة أسرع مما كانت عليه في السنوات الماضية.
وأضاف شموليك: "هل يمكنه على الأقل تجنب توقف كل شيء عنده للحصول على الموافقات وتحريك الأمور؟ وهل يمكنه منح مزيد من الاستقلالية لأجزاء مختلفة من المؤسسة حتى يتمكنوا من التحرك بوتيرة أسرع؟"
مواجهات سياسية
لن يحتاج أغراوال مواصلة تنمية أعمال "تويتر" فقط، حيث لا تزال الشركة تواجه العديد من القضايا السياسية الشائكة مثل كيفية تعديل المحتوى على الإنترنت، حيث كانت الشركة مستهدفة بشكل رئيسي من عدد من السياسيين المحافظين ممن يعتقدون أن شركات التكنولوجيا لديها قوة مفرطة.
ينتقد السياسيون حول العالم وباستمرار طريقة "تويتر" في إدارة المحتوى المضلل وخطاب الكراهية وأشكال أخرى من المحتوى المرفوض على شبكة التواصل الاجتماعي مترامية الأطراف التي تضم 211 مليون مستخدم نشط يومياً.
لقد أصبحت منصة التواصل الاجتماعي المفضلة لدى شريحة كبيرة، إذ يلجأ السياسيون إليها لتوجيه الانتقادات اللاذعة ويعلن الرؤساء التنفيذيون عن منتجات جديدة ويتحدث المستخدمون يومياً عن آخر الأحداث.
الانتشار الواسع لـ "تويتر" يجعل المنصة مكاناً يجمع العديد من وجهات النظر المستقطبة، وهو ما يتسبب بتعرض الشركة للانتقادات بسبب القرارات التي تتخذها لضبط المحتوى. حيث يتهم من يتم إزالة تغريداتهم أو وضع علامة تحذير عليها الشركة بالرقابة، وفي المقابل ينتقدهم آخرون لفشلهم في حماية المستخدمين من سوء المعاملة أو خطاب الكراهية عندما تترك بعض المنشورات.
"بلوسكي"
ولتحقيق ذلك التوازن الصعب أطلقت الشركة ما تسميه "بلوسكي" (Bluesky) المشروع الذي يهدف لتحقيق اللامركزية في التكنولوجيا المستخدمة لتشغيل منصات وسائل التواصل الاجتماعي.
تتمتع الشركات المختلفة من الناحية النظرية بحرية في تحديد القواعد والخوارزميات الخاصة بها للتحكم في وسائل التواصل الاجتماعي. فقد يكون المنشور الذي ينتهك قواعد "تويتر" وتتم إزالته تجدها متاحة على منصات أخرى تستخدم نفس البروتوكول ولكن مع معايير محتوى أكثر تساهلاً.
لذلك يتفهم أغراوال وكافة المسؤولين التنفيذيين في "تويتر" أن مشروع "بلوسكي" سيساهم في حل تلك المشكلة داخلياً قبل أن تُعيِّن الشركة من خارجها مسؤولاً لقيادة المشروع.
لم تنجح استراتيجية "تويتر" في رقابة المحتوى حتى الآن في تفادي انتقادات النواب في واشنطن الذين اعتادوا استدراج دورسي أمام "الكونغرس" للإدلاء بشهادته حول سياسات الشركة. وستمثل الضغوط الخارجية من السياسيين تحدياً رئيسيا لأغراوال الذي قضى وقته في "تويتر" بعيداً عن الأضواء.
حصل أغراوال على دورة تدريبية مكثفة لمحاكاة أدوار منصب الرئيس تنفيذي رفيع المستوى. وقد تلقى انتقاداً من بعض مستخدمي "تويتر" بعد فترة وجيزة من إعلان خلافته لدورسي على تغريدة كان قد كتبها عام 2010 واستشهد فيها بفكاهة من برنامج "ديلي شو" مفادها كيف معاملة جميع المسلمين كإرهابيين مماثلة لمعاملة جميع البيض على أنهم عنصريون.
"جاك ورسي"
قالت "تويتر" إن دورسي سيبقى في مجلس إدارة الشركة التي تتخذ من سان فرانسيسكو مقراً لها حتى نهاية فترته في عام 2022. وسينضم أغراوال لمجلس الإدارة كما تم تعيين بريت تايلور مدير العمليات الرئيسية لشركة "سيلز فورس" رئيس مجلس إدارة مستقل.
ورغم أن أغراوال كشخصية عامة يبتعد كثيراً عن سلفه، ولكن سيتعين عليه كرئيس تنفيذي بناء علاقات جديدة مع الصحافة والجهات التنظيمية وموظفيه أيضاً.
كتب أغراوال يوم الإثنين: "العالم يراقبنا الآن أكثر من قبل لأنهم يهتمون بتويتر ومستقبلنا وذلك دليل على أن ما نقوم به هنا مهم".