على فيسبوك أن تلوم نفسها.. والعلاج الجذري هو الحل الوحيد معها

time reading iconدقائق القراءة - 8
مؤسس فيسبوك مارك زوغربغ في جلسة استماع لمجلس النواب الأمريكي - المصدر: بلومبرغ
مؤسس فيسبوك مارك زوغربغ في جلسة استماع لمجلس النواب الأمريكي - المصدر: بلومبرغ
- مقال رأي

كان "مارك زوكربيرغ" يعرف ذلك دائماً.

في عام 2012، عندما كان عمر إنستغرام عامين فقط، مع 13 موظفاً ولا يوجد مسار واضح للربحية، أدرك "زوكربيرغ" أن تطبيق الصور سريع النمو يُمثل تهديداً مُحتملاً لهيمنة شركة "فيسبوك" على وسائل التواصل الاجتماعي. وكتب في بريد إلكتروني "إنستغرام يمكن أن يؤذينا" خلال نقاش داخلي حول ما إذا كان يجب شراء الشركات الناشئة الأخرى التي قد تشكل يوماً ما تهديداً لاحتكار "فيسبوك" لوسائل التواصل الاجتماعي، وأضاف: "ستكون الخطة الأساسية هي شراء هذه الشركات وترك مُنتجاتها قيد التشغيل مع دمج الديناميكيات التي اخترعوها بمرور الوقت في منتجاتنا الأساسي ".

وبدوره كان المُؤسس المُشارك لإنستغرام "كيفن سيستروم" على علم بشيء أيضاً. لقد كان يعلم أن إغضاب "زوكربيرغ" قد يتسبب في أن يحل "غضب مارك" على شركته التي لا تزال هشّة، ويتسبب في دخول مؤسس "فيسبوك" في "وضع التدمير"، على حد تعبيره في رسالة نصية إلى أحد المستثمرين الأوائل في "إنستغرام". نعم، قد يصبح "إنستغرام" يوماً ما مُنافساً مُهماً لـ"فيسبوك" ولكن كان من الممكن أيضاً أن تقوم "فيسبوك" باستنساخ تقنية "إنستغرام" وإيقاف الشركة الناشئة عن العمل. لذلك في أبريل 2012، عندما عرض "زوكربيرغ" دفع مليار دولار للشركة، قال "سيستروم" ومجلس إدارة "إنستغرام" نعم.

ولكن عندما سعى إلى الحصول على الموافقة للصفقة من قبل لجنة التجارة الفيدرالية في الولايات المتحدة ومكتب التجارة العادلة في المملكة المتحدة، جادلت "فيسبوك" بوجهة نظر مباشرة أن هناك الكثير من المنافسة من تطبيقات الصور الأخرى مثل "كاميرا أوسام".

وكانت الوكالتان الحكوميتان مُقتنعتين بنفس الشيء أيضاً؛ فنظراً لعدم وجود عائدات لـ"إنستغرام"، فإن الاندماج مع "فيسبوك" لن يضيف إلى حصتها في السوق شيئاً ذا معنى. استغرق المُنظمان أربعة أشهر فقط للموافقة على الصفقة، لكنهم بالطبع لم يعرفوا ما يعرفه "زوكربيرغ" و"سيستروم".

بعد ظهر يوم الأربعاء، رفعت لجنة التجارة الفيدرالية (FTC) و48 من المدعين العامين دعاوى مزدوجة لمكافحة الاحتكار مصممة للغي عن اندماج "فيسبوك" و"إنستغرام" بالإضافة إلى استحواذ "فيسبوك" على "واتساب"، وهو مُنافس مُحتمل آخر اشترته "فيسبوك" في عام 2014 مُقابل 19 مليار دولار. لم يكن لدى "واتساب" أيضاً أي إيرادات وكان لديه 55 موظفاً في الوقت الذي اشترته "فسيبوك".

إقتراح مُتطرف

لم تفكر الحكومة الأمريكية في تفكيك شركة منذ أن رفعت وزارة العدل دعوى قضائية ضد "مايكروسوفت" في عام 1998. لكنني لطالما كُنت أؤمن منذ فترة طويلة أنه لا توجد طريقة أخرى لكبح قوة الاحتكار الهائلة التي بحوزة "فيسبوك".

في شكوى النائب العام، أكد المدّعون أن "فيسبوك" تستخدم "إستراتيجية الشراء أو الدفن التي تُحبط المُنافسة وتضر بالمستخدمين والمعلنين". وسيتوجب الضغط على المرء كثيراً ليختلف مع هذا الرأي.

يخشى أصحاب رؤوس الأموال كثيراً من تكتيكات "فيسبوك" القاسية، لدرجة أنهم ببساطة لن يمولوا الشركات الناشئة التي قد ينظر إليها "زوكربيرغ" على أنها منافسة، مهما كانت عديمة الأهمية. وهكذا يتم خنق الابتكار، وكذلك المنافسة نفسها.

ونتيجة لذلك، يؤكد المدّعون أن مُستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي ليس لديهم خيارات مشروعة. إذا لم تعجبهم سياسات خصوصية "فيسبوك"، أو إذا كانوا يريدون عدداً أقل من الإعلانات، أو شعروا بالإهانة بسبب عدم استعداد "فيسبوك" لمواجهة مقدار المعلومات المضللة على نظامه الأساسي، فما هي خياراتهم؟ الانتقال إلى "إنستغرام" أو "واتساب"؟ في هذه الحال هم لا يزالون في عالم "فيسبوك"، الذي لا يزال بإمكانه استخدام بياناتهم لكسب الكثير من المال.

تفكيك "فيسبوك" هو الطريقة الوحيدة لخلق المنافسة فوراً في مجال وسائل التواصل الاجتماعي

اعتذر "زوكربيرغ" عشرات المرات أو أكثر عن بعض الأخطاء على "فيسبوك" ووعد بفعل ما هو أفضل، لكن لا شيء يتغير. وافقت "فيسبوك" على تسوية مع لجنة التجارة الفيدرالية في عام 2012 بشأن ما أطلقت عليه الوكالة "الانتهاكات المتعلقة بالخصوصية" - ثم اضطرت إلى دفع غرامة قدرها 5 مليارات دولار بعد سبع سنوات لانتهاكها شروط تلك التسوية.

أحد أسباب تفكيك "فيسبوك" هو أن الإصلاحات الأقل إجهاداً فشلت ببساطة في إحداث فرق. أثبتت "فيسبوك" مراراً وتكرارً أنها لا تأخذ التفويضات الحُكومية على محمل الجد.

وكما قال الخبير الاقتصادي "هال سينغر" في تغريدة له بعد وقت قصير من تقديم الشكوى: "لا يوجد أمر إلزامي أو علاج سلوكي يُمكنه معالجة هذه الفوضى. يتحدى سلوك"فيسبوك" المُعادي للمُنافسة الأساليب التنظيمية التقليدية".

والسبب الثاني لتفكيك "فيسبوك" هو أنه الطريقة الوحيدة لخلق المنافسة في مجال وسائل التواصل الاجتماعي -ولخلقها على الفور. لدى "إنستغرام" الآن أكثر من مليار مستخدم نشط شهرياً، ولدى "واتساب" أكثر من 1.6 مليار. والأكثر من ذلك، قبل أن تشتريهما "فيسبوك" كان لدى الشركتين مناهج مختلفة كثيراً في أمور مثل الخصوصية وحتى الربحية.

على سبيل المثال، كان "جان كوم" الرئيس التنفيذي لـ”واتساب" قد غادر "فيسبوك" في عام 2018 بعد "صدام حول البيانات"، كما وصفت هذا الصدام صحيفة واشنطن بوست في ذلك الوقت. حافظ "كوم" على خصوصية بيانات مستخدمي "واتساب" لفترة طويلة، لكن "زوكربيرغ" قرر أن الوقت قد حان لكي تبدأ "فيسبوك" في تحقيق الدخل منها.

قد يثبت تطبيق "واتساب" الذي تم فصله عن "فيسبوك" أنه هو نفسه البديل لمُمارسات بيانات "فيسبوك". في الواقع، هذا حاله قبل أن يتم الاستحواذ عليه في عام 2014. ويمكن أن ينطبق الشيء نفسه على "إنستغرام". من الواضح أنهم لن يتنافسوا مع "فيسبوك" من ناحية السعر، بل في جميع الأشياء الأخرى التي يهتم بها مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي.

ليس سراً أنه من الصعب الفوز بقضايا مكافحة الاحتكار الحكومية في المحكمة، حيث فضّل القضاة بشدة الدمج في العقود الأخيرة. ستزعم "فيسبوك" كما حدث بالفعل- أنها حصلت على موافقة الحكومة على الصفقات بشكل عادل. وقالت الشركة في تغريدة على "تويتر": "بعد سنوات من قيام لجنة التجارة الفيدرالية بتصفية عمليات الاستحواذ لدينا، تريد الحكومة الآن التراجع".

لكن الحد من قوة "فيسبوك" هو أحد القضايا القليلة التي يتفق عليها الجمهوريون والديمقراطيون، وكما أشار زميلي "تاي كيم"، فإن رئيس اللجنة الفرعية لمكافحة الاحتكار في مجلس النواب "ديفيد سيسلين"، سيكون في موقع جيد لصياغة مشروع قانون من شأنه أن يسهل كبح قوة شركات التكنولوجيا الكبرى، بدءاً من "فيسبوك".

بالنسبة إلى دعاوى مكافحة الاحتكار، فإن تفكيك "فيسبوك" ليس هو الحل الصحيح فقط، بل إنه الحل الوحيد.

هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات
النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان