بلومبرغ
قادت منطقة شمال أوروبا مبادرةَ وسائل النقل الخضراء، والآن تتخذ الريادة في نقل الطاقة النظيفة من السيارات إلى سوق النقلِ الجويِّ.
وأشارت أيسلندا الشهر الجاري إلى خطط للتحرك نحو رحلاتٍ جويةٍ خاليةٍ من الكربون مع نهاية العقد الجاري، في حين تعتزم شركة "هارت آيروسبيس Heart Aerospace" السويديَّة تسليم طائرات كهربائية مصمَّمة خصيصاً للطرق التي تربط المناطق الاسكندنافية النائية خلال ست سنوات.
وتنسق "الشبكة النوردية للطيران الكهربائي Nordic Network for Electric Aviation" مبادرات المنطقة بعد أن تمَّ تأسيسها العام الماضي لتربط هيئات النقل الجوي مع خمس شركات طيران، مثل "فين آير Finnair Oyj"، و"مجموعة آيسلندا الجوية Icelandair Group"، و"الخطوط الجوية الاسكندنافية SAS AB" بجانب "هارت" وغيرها من شركات الابتكار التكنولوجي.
رحلات جوية نظيفة
ويتماشى التركيز على الرحلات الجويَّة النظيفة مع الخطوات التي اتخذتها النرويج تجاه منع محرِّكات الحرق الداخلي تماماً، وأصبحت أكثر من نصف السيارات المباعة هناك كهربائية.
وقالت ماريا فيسكيرود، مديرة المشروعات في الشبكة النوردية، والمستشارة السابق للحكومة السويدية حول أنواع الوقود الحيوي: "لدينا فرصة الآن كي نثبت للعالم ما هو ممكن، ولإعطاء الصناعات في دولنا أيضاً الفرصة للريادة، وبناء هذا السوق".
وتلقَّت المجموعة 12 مليون كرونة (1.4 مليون دولار) في تمويل مشتركٍ من أعضائها، وحكومات السويد، والدنمارك، والنرويج، وفنلندا، وأيسلندا، وجرينلاند.
مسارات محدودة
وتقود لجنة النقل والبيئة في البرلمان الآيسلندي مبادرةَ تبني الطائرات الكهربائية، وطلبت من الحكومة تشكيل مجموعة من الخبراء لوضع أسس الخدمات المحليَّة الصديقة للبيئة مع حلول 2030.
وبالرغم من أنَّ نجاح النرويج في تشجيع السيارات الكهربائية كان مدفوعاً بالمحفِّزات الضريبية السخيَّة، والمخاوف من اعتماد الاقتصاد على إنتاج البترول، فإنَّ تركيز المنطقة على الطيران الأخضر تعود جذوره للطبيعة الفريدة للسوق الذي يتسم برحلات بين مناطق مأهولة متفرقة ذات روابط برية محدودة.
ويجعل الحجم الصغير أيسلندا مؤهَّلةً لتجربة الجيل الأول من الطائرات الكهربائية التي سوف تحدِّد سعة ركابها وفقاً لحجم البطاريات المطلوبة لرفع عدد قليلٍ من الأشخاص عن الأرض.
سوق خالية من الوقود الأحفوري
وقالت فيسكيرود، إنَّ الرحلات المحليَّة الآيسلنديَّة تقدِّم أرضية الاختبار الأمثل نظراً لأنَّ "جميع المسارات لا تتعدى ساعة واحدة"، أمَّا الحجم الأكبر للسويد على سبيل المثال، فقد يمثِّل مسافةً كبيرة للغاية للنماذج الأولى، وبالتالي، فإنَّ التعهد بجعل السوق المحلية خالية من الوقود الأحفوري مع حلول 2030 سوف يتطلَّب على الأرجح مزيجاً من الطائرات الكهربائية، ووقودَ الطائرات المستدام، وربما تكنولوجيا هجينة أيضاً.
وقال المدير التجاري للخطوط الجوية الآيسلندية، ينس ثوردارسون، إنَّه متحمِّسٌ بشأن تطبيق التكنولوجيا الكهربائية خاصةً في ضوء الموارد الوفيرة للطاقة النظيفة من الموارد الأرضية الحراريَّة والمائيَّة في الجزيرة، وتستخدم ذراع شركة الطيران المحلية "آير آيسلاند كونكت Air Iceland Connect" ثلاث طائرات ذات محركات توربينية "Q200" سعة 37 مقعداً، وطائرتين سعة 70 مقعداً، محركاتها طراز "Q400" من شركة "بومباردييه" التي تملك الآن "دي هافيلاند كندا De Havilland Canada".
وقال في مقابلة: "نحن لا نزال بعيدين كلَّ البعد عن امتلاك طائرات كهربائية يمكنها القيام برحلات طويلة.. ومع ذلك، تجري مشروعات عديدة لتطوير طائرات كهربائية للمسافات الأقصر، وسوف تغيِّر القدرة على استخدام طائرات كهربائية للرحلات المحلية القطاع".
تكلفة رخصية
وقال ثوردارسون، إنَّ الطائرة التي تحمل حوالي 20 شخصاً، وتستخدم الكهرباء المحليَّة يمكن أن تكون أرخص في التشغيل من الطرازات التي تعمل بالكيروسين، مما سيفتح المجال أمام زيادة عدد الرحلات بعدد ركاب أقل من الخدمات القائمة حالياً لتقليل أوزان الإقلاع.
وتخطِّط "هارت" الواقعة في جوتنبرج لاعتماد طائرتها الإقليمية "ES-19" مع حلول 2026، وفقاً لموقع الشركة.
وسوف يصل مدى الطراز - المسمَّى وفقاً لسعة ركابه الـ19 - إلى حوالي 400 كيلو متر (250 ميلاً)، وسوف يحتوي على أجنحةٍ، ومراوح تقليدية، وسوف يتمكَّن من العمل على مدرج قصير بطول 800 متر (2600 قدم).
وقال ثوردارسون، إنَّ الأمر قد يستغرق عامين إلى ثلاثة أعوام بعد الحصول على الاعتماد لإثبات موثوقية الطائرات الكهربائية للخدمات التجارية، من أجل أن تدخل مرحلة الإنتاج بأعداد كبيرة، كما ينبغي تعديل البنية التحتية للمطارات كي توفِّر الوصول المناسب للشحن، كما يتعيَّن التعامل مع تراجع أداء البطاريات في الأجواء المناخية الباردة.
محفزات ضريبية
وربما يتعيَّن على الحكومات توفير دعمٍ يوازي ذلك المقدَّم للمركبات الصديقة للبيئة، وتتطلَّع النرويج التي تستهدف جعل جميع رحلاتها الجويَّة المحليَّة كهربائيةً بالكامل مع حلول 2040، إلى جعل الدَّعم المقدَّم لشركات الطيران الفرديَّة مشروطاً بالتحوُّل عن أنواع الوقود الأحفوري، أو تقديم محفِّزاتٍ ضريبيةٍ للخدمات الكهربائية.
وقالت فيسكيرود، إنَّ جمع منطقة شمال أوروبا بين امتلاك الطاقة الكهربائية المتجددة والثراء المرتفع نسبياً، والجغرافيا التي تتطلَّب طائرات أصغر؛ سوف يقدِّم اختباراً حقيقيَّاً لجدوى الطيران الخالي من الكربون بشكل عام.
وأضافت: "هذا جزءٌ جيدٌ من العالم لبدء العمل بالطائرات الكهربائية، وإذا لم نتمكَّن من القيام بالأمر هنا؛ فسيكون من الصعب رؤية إمكانية تطبيقه في أيِّ مكانٍ آخر".