الأميركيون يسيطرون على كرة القدم الإنجليزية بكل درجاتها

ما يزيد على ثلث فرق المحترفين في إنجلترا يستحوذ الأميركيون على حصص فيها أو على كامل أسهمها

time reading iconدقائق القراءة - 10
ملعب \"كارلايل يونايتد\" على بعد 20 دقيقة سيرًا على الأقدام من وسط المدينة - المصدر: بلومبرغ
ملعب "كارلايل يونايتد" على بعد 20 دقيقة سيرًا على الأقدام من وسط المدينة - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

فريق "كارلايل يونايتد" ليس أول ما يتبادر إلى أذهاننا عند الحديث عن كرة القدم الإنجليزية. فهذا الفريق الذي ينتمي إلى مدينة صغيرة في أقصى شمال غرب البلاد، لم يلعب في الدوري الممتاز سوى موسم واحد فقط في تاريخه، وهو يكافح الآن من أجل البقاء في الدرجة الثالثة.

غير أنه بالنسبة إلى رجل الأعمال من فلوريدا توم بياتاك، فإن هذا النادي هو بالضبط ما كان يبحث عنه. فقد أصبح "كارلايل يونايتد" الفريق الرابع والثلاثين على أقل تقدير في كرة القدم الإنجليزية الذي يستحوذ عليه مستثمر من الولايات المتحدة، وهو الفريق الذي يلعب في مستوى أدنى مما ينبغي له استناداً إلى قاعدته الجماهيرية وملعبه. وبعد اكتمال عملية الاستحواذ في نوفمبر الماضي، قال بياتاك، وهو من مدينة جاكسونفيل: "كنت أرغب في فريق يتمتع بفرص ومزايا تجارية كبيرة".

الاستحواذات الأميركية على أندية في الدوري الإنجليزي الممتاز ليست جديدة، عندما نضع في اعتبارنا عائلة غليزر في نادي "مانشستر يونايتد"، وتود بوهلي ومن يمولونه في "وول ستريت" واستحواذهم على "تشيلسي". إلا أن تأثير ذلك على كرة القدم الإنجليزية آخذ في التعمق والاتساع، ويثير كثيراً من الأسئلة تتعلق بمن سيربح الأموال ومن سيخسرها في أغنى مسابقات كرة القدم في العالم.

الأميركيون منتشرون

بات أكثر من ثلث فرق المحترفين في إنجلترا، والتي يبلغ عددها 92 فريقاً في الدوريات الأربعة الكبرى بالبلاد، لديه حالياً ملكية أميركية بطريقة أو أخرى. فالأميركيون منتشرون من أعلى قمة الهرم في نادي "ليفربول" نزولاً إلى نادي "ريكسهام"، وهو فريق من ويلز يلعب ضمن أندية المستوى الرابع الإنجليزي ويملكه نجما هوليوود رايان رينولدز وروب ماكلهيني. كما أنهم أيضاً منتشرون في جميع أنحاء البلاد، من بورنماث في الساحل الجنوبي صعوداً إلى كارلايل قرب الحدود الاسكتلندية.

وفي العام الماضي وحده، وافق فريق "إفرتون" من الدوري الممتاز على عرض شراء تقدمت به شركة "777 بارتنرز" (777 Partners)، ومقرها في ميامي، وإن كانت الصفقة تنتظر موافقة الهيئة التنظيمية.

الدوري الإنجليزي يدقق في صفقة الاستحواذ على "إيفرتون"

وفي دوري البطولة الإنجليزية، المستوى الثاني بعد الدوري الممتاز، وثب عدد أكبر من المستثمرين الأميركيين على نادي "سوانسي سيتي" الويلزي، فيما اشترى توم واغنر، مؤسس صندوق التحوط، فريق "برمنغهام سيتي"، جالباً معه نجم اتحاد كرة القدم الأميركي السابق توم برادي باعتباره مستثمراً. خلاصة الأمر، أن معظم المشترين المحتملين عند طرح أي فريق للبيع هم من الأميركيين.

جاذبية كرة القدم الأوروبية

تتمتع كرة القدم بالقدرة على جذب اهتمام عالمي بطريقة لا تتوافر للرياضات الأخرى، وهو عنصر مهم في جاذبيتها، كما قال ساشا ريازانتسف، الذي يشرف على مالية فريق آخر يملكه الأميركيون، وهو فريق "بيرنلي" في الدوري الممتاز.

أضاف ريازانتسف: "الرياضة في الولايات المتحدة تتفوق على الرياضات والدورات الأوروبية بوجه عام من حيث الترويج التجاري وتحقيق إيرادات نقدية من مختلف الأصول، غير أن غالبيتها لا تتمتع بالامتداد الدولي الذي تمتاز به كرة القدم".

كذلك تعود هذه الحركة الصاخبة إلى أن الأندية الأميركية في دوري كرة القدم الرئيسي (MLS) باهظة التكلفة، إذ يمكن أن تبلغ تكلفة فريق جديد في هذا الدوري 500 مليون دولار، علاوة على الخوف من فقدان قيمة جيدة في العلامات التاريخية الإنجليزية، وفقاً لآدم سومرفيلد، الشريك الإداري في شركة "سيرتوس كابيتال" (Certus Capital) الاستشارية للاستثمار الرياضي.

يقول سومرفيلد: "عمل المستثمرون على تنقيح وتطوير معاييرهم منذ 18 شهراً، فهم يرغبون في العثور على مجموعة فريدة من المزايا والخصائص تتجاوز مجرد الاستحواذ على فريق إنجليزي. وذلك هو التحول الكبير. بيد أن كثيراً من الأندية التي تبحث عن مستثمرين، مثل (شيفيلد يونايتد) و(ويست برومويتش ألبيون) و(ريدينغ)، تجذب إليها مستثمرين أميركيين".

اقرأ أيضاً: تراجع هيمنة الدوري الإنجليزي على قمة إيرادات كرة القدم

المعضلة التي تواجه الكثير من المستثمرين، هي حساب عامل المخاطرة الذي لا يوجد في الناحية الأخرى من الأطلسي، أي في الولايات المتحدة، فهناك لا تصنف الدوريات الرئيسية لكرة القدم وكرة السلة وهوكي الجليد بنفس طريقة تقسيم الدوريات الإنجليزية، ذلك أن أي نادٍ في إنجلترا قد يتحرك صعوداً أو هبوطاً بين المستويات المختلفة اعتماداً على الأداء.

صعوبة الاستحواذ في دوري البطولة

ربما يكون امتلاك فريق في دوري البطولة الإنجليزية أمراً بالغ الصعوبة، لا سيما أن الكثير من تلك الفرق ينفق أكثر مما يربح للتقدم إلى موقع في الدوري الإنجليزي الممتاز، حيث يتجاوز الدخل من بث المباريات مستوى 100 مليون جنيه إسترليني (126 مليون دولار) سنوياً مقارنة بأقل من عشر هذا الدخل في المستوى الأدنى مباشرة.

يسيطر مارك أتاناسيو، الذي يمتلك أيضاً فريق "ميلووكي برورز" للبيسبول في الولايات المتحدة، على زمام الأمور تدريجياً في نادي "نورويتش سيتي" الإنجليزي لكرة القدم.

ليس لدى المستثمر الأميركي أي أوهام بشأن مدى صعوبة عودة الفريق إلى مكانه في الدوري الإنجليزي الممتاز بعد هبوطه إلى دوري البطولة الإنجليزية في عام 2022.

يقول أتاناسيو إنه بدأ يبحث إمكانية الاستثمار في كرة القدم الإنجليزية للمرة الأولى في عام 2008، واتجه معظم بحثه إلى فرق الدوري الإنجليزي الممتاز. غير أنه اكتشف هذه الفرصة عبر صداقته مع زميله الأميركي توم فيرنر، الذي يرأس مجلس إدارة نادي "ليفربول" لكرة القدم.

يضيف أتاناسيو: "عندما أجريت الفحص النافي للجهالة على (نورويتش)، اعتقدت أن ذلك جانب ضئيل من النادي، وأننا سنتعلم كيفية عمل كرة القدم الإنجليزية من داخلها بمرور الوقت". وهو يتعاون جنباً إلى جنب مع الطاهية البريطانية الشهيرة ديليا سميث وزوجها، وهما من الملاك القدامى لفريق "نورويتش"، ويعتزم زيادة حصته إلى 40% حتى تعادل حصتيهما في النادي.

مظاهرات واحتجاجات المشجعين

واقع الأمر أن هناك الكثير من الحكايات التحذيرية، إذ تكبد مستثمرون أميركيون مثل إليس شورت في نادي "سندرلاند" وراندي ليرنر في نادي "أستون فيلا" خسائر فادحة قبل البيع. وفي الآونة الأخيرة، أصبح ملاك الأندية الأميركيون في أوروبا هدفاً للاحتجاجات من قبل المشجعين الساخطين.

ففي يناير الماضي، حاصرت مجموعة من مشجعي نادي "كيه في أوستند" (KV Oostende) البلجيكي المؤسس المشارك لشركة الاستثمار "باسيفيك ميديا غروب" (Pacific Media Group) بول كونواي في دورة المياه أثناء إحدى المباريات، ووجهوا إليه اللوم في سلسلة من النتائج السيئة للفريق. وتمتلك "باسيفيك ميديا" نحو 10% في نادي "برانسلي" الإنجليزي، وفقاً لكونواي.

المشجعون خائفون من إفساد المالكين الأميركيين كرة القدم البريطانية

وأدت مظاهرة ضد المستثمر الأميركي جون تيكستور في ناديه البلجيكي "آر دبليو دي مولينبيك" (RWD Molenbeek) إلى إلغاء إحدى المباريات. وألقى تيكستور باللوم في إلغاء المباراة على مجموعة من المشجعين المتعصبين. وهو يشارك أيضاً في ملكية فريق "كريستال بالاس" في الدوري الإنجليزي الممتاز، الذي رفع مشجعوه لافتات تطالب بتغييرات في النادي اللندني.

وفي نهاية الأسبوع الماضي في "تشيلسي"، الذي فاز بدوري أبطال أوروبا قبل ثلاث سنوات فقط، كشفت الجماهير عن غضبها من مشاهدة فريقها يخسر على أرضه مرة أخرى ويستقر حالياً في منتصف الجدول. وقد أنفق بوهلي وشركاؤه في الولايات المتحدة أكثر من مليار جنيه إسترليني على اللاعبين.

ومن المؤكد أن واغنر في فريق "برمينغهام سيتي" قد شاهد الكتابة على الحائط. فقد طالب المستثمر الأميركي الجماهير بالصبر أثناء التعاقد مع المدرب وهداف إنجلترا السابق واين روني ثم إقالته فيما بعد. فبالإضافة إلى الجهود المضنية على أرض الملعب، يحتاج الاستاد أيضاً إلى أعمال إصلاح عاجلة.

الإصلاح يستغرق وقتاً

قال واغنر، المؤسس المشارك في شركة "نايتهيد كابيتال مانجمنت" (Knighthead Capital Management) التي تدير نحو 9 مليارات دولار وتركز في الاستثمار على مجالات مثل الديون المتعثرة: "أود أن أطلب من الناس إدراك أن عملية إصلاح النادي سوف تستغرق منا بعض الوقت، وأن لدينا خطة لذلك مع أفضل النوايا".

بياتاك في نادي "كارلايل" لديه خطة هو الآخر. تركز هذه الخطة على تأمين الاستقرار المالي، وتطوير اللاعبين، وتعزيز المشاركة المجتمعية، وتحسين المرافق والاستثمار في المجالات التي تحقق دخلاً إضافياً في المستقبل. لم يدفع رئيس شركة "ماغلان ترانسبورت لوجيستيكس" (Magellan Transport Logistics)، ومقرها في فلوريدا، المبلغ الذي يضطر الآخرون إلى دفعه من أجل شراء فريق كبير، لكنه يعلم أن ناديه الجديد يحتاج إلى استثمارات كبيرة.

Nigeria Limits Dollar Repatriation by Oil Firms to Support Nairapيتمثل هدف بياتاك في محاكاة فريق مثل "لوتون تاون"، الذي يمتلك ملعباً أصغر من ملعب "كارلايل"، ومع ذلك استطاع أن يفوز بموقع في الدوري الإنجليزي الممتاز في نهاية الموسم الماضي. وفي الوقت ذاته، صعد فريق "كارلايل" إلى الدوري الإنجليزي الدرجة الأولى، وهو المستوى الثالث في نظام دورات كرة القدم الإنجليزية. والمهمة الأشد إلحاحاً في الوقت الحالي هي الحفاظ على مكانه في هذا الدوري، ذلك أن الفريق مستقر في أسفل الجدول. وقد صعد نادي "كارلايل" إلى الدوري الممتاز مرة واحدة فقط في تاريخه في موسم 1974-1975.

قال بياتاك: "أحب الصعود والهبوط والخصائص التقليدية للعبة كرة القدم الإنجليزية. وأمامنا الفرصة للصعود في سلم الدوريات الإنجليزية، وهذا أمر مهم للغاية".

تصنيفات

قصص قد تهمك