بلومبرغ
أعلنت الصين عن أقوى محاولتها حتى الآن لدعم سوق العقارات المتعثرة، حيث خففت قواعد الرهن العقاري وشجعت الحكومات المحلية على شراء المنازل غير المبيعة من المطورين لتحويلها إلى إسكان ميسور التكلفة.
ألغى بنك الشعب الصيني فعلياً الحد الأدنى لسعر الفائدة على الرهن العقاري حول الدولة، وخفض الحد الأدنى لنسبة الدفعة الأولى إلى 15% للمشترين لأول مرة و25% للمنازل الثانية، وفقاً لبيان صدر اليوم الجمعة. وكانت النسب السابقة 20% و30% على التوالي.
أوضحت بكين أيضاً أن الحكومات المحلية يجب أن تشتري المنازل بأسعار "معقولة" وتحولها إلى إسكان ميسور التكلفة، وفقاً لما نقلته وكالة أنباء "شينخوا" الرسمية عن نائب رئيس مجلس الدولة الصيني هي ليفينغ. وقال ليفينغ إن "قطاع العقارات مرتبط بمصلحة العامة والقضية الكبرى للتنمية الاقتصادية". ومن الضروري ضمان "مسؤوليات الحكومة المحلية والمطورين والمؤسسات المالية".
تُعد هذه الخطوات أقوى السياسات حتى الآن لرفع القطاع العقاري المتدهور في البلاد. ويضفي صُناع السياسات إحساساً بإلحاح الأمر حيث أظهرت بيانات رسمية صدرت اليوم الجمعة أن أسعار المنازل في أبريل سجلت أكبر انخفاض شهري خلال عقد. وهذا بعد إصدار سلسلة من السياسات الإضافية لمساعدة القطاع.
ركود القطاع يعيق النمو الاقتصادي
إن "سياسة الدفعة المقدمة هي الأكثر مرونة على الإطلاق في الصين، فهي توضح أن الحكومة المركزية تعطي الأولوية بالفعل لطلب شراء المنازل"، وفق راي يان يوجين، مدير الأبحاث في معهد "إي هاوس تشاينا ريسيرش آند ديفيلوبمنت" (E-house China Research and Development Institute).
يمثل هذا مرحلة جديدة في حملة الحكومة لمعالجة أكبر عائق أمام نمو الاقتصاد؛ حيث يهدد ركود سوق العقارات الصينية الاستقرار الاجتماعي مع تصاعد الاحتجاجات وبلوغ عدد المنازل غير المبيعة إلى أعلى مستوياتها منذ ثمانية أعوام. كما يواجه نحو 5 ملايين شخص خطر البطالة أو انخفاض الدخل وسط توقف أعمال البناء وتعثر المطورين في السداد.
وقال جيف تشانغ، محلل لدى شركة "مورنينغ ستار" في هونغ كونغ، إن هذه الخطوة "غير متوقعة وإيجابية بالنسبة للأسهم العقارية".
وارتفع مؤشر العقارات في بورصة شنغهاي بعد بيان الدولة، حيث قفز بنسبة 3.2% قبل أن يقلص بعض المكاسب. وقفزت أسهم المطورين الصينيين بنسبة 3.68% اليوم الجمعة بعد الإعلان. وارتفع المؤشر بنسبة 31% في مايو.
خفض فائدة الرهن العقاري
قال نائب رئيس الوزراء إن السلطات المحلية ينبغي أن تعيد شراء أو تسترد قطع الأراضي التي بيعت لكنها ما تزال غير مستخدمة، كوسيلة لتخفيف قيود التدفقات النقدية على المطورين. وأكد أيضاً على ضرورة دفع ما يُسمى بـ"المشاريع الثلاثة الكبيرة" التي تتضمن الإسكان الميسور التكلفة والتجديد الحضري والبنية التحتية العامة.
بدأت الصين في خفض الحد الأدنى لمعدلات الرهن العقاري حول البلاد خلال 2022، وسمحت للمناطق التي عانت من الانخفاضات الأكثر حدة بتحديد حدودها الدنيا للرهن العقاري. وأدت هذه الإجراءات إلى انخفاض متوسط سعر الفائدة على القروض العقارية الحديثة إلى 3.69% في الربع الأول، وهو أدنى مستوى منذ بدء السجلات في 2009، لكنها فشلت في تحفيز طلبات الشراء.
يُتوقع أن تؤدي هذه التدابير إلى ضغوط إضافية على هوامش أرباح المقرضين الصينيين الحكوميين. وأدى التباطؤ المستمر في قطاع العقارات إلى تقليص هوامش الفائدة الصافية وزاد من القروض المعدومة.
انخفض هامش الفائدة الصافي للبنوك الصينية إلى مستوى قياسي بلغ 1.69% اعتباراً من نهاية العام الماضي، وهو ما يقل بكثير عن عتبة 1.8% التي تُعد ضرورية للحفاظ على ربحية معقولة.
ويقول بعض المحللين إنه لم يتضح بعد مدى فعالية هذه التدابير اعتماداً على كيفية تنفيذها. وقال شين مينغ، المدير في بنك الاستثمار "تشانسون آند كو" (Chanson & Co)، ومقره بكين، إن "التأثيرات ستعتمد على ما إذا كان المستهلكون سيشعرون بالثقة". وإذا لم تُنفذ التدابير بشكل جيد "فمن غير المحتمل أن تحفز الطلب وتُحدث تحولاً هيكلياً".