بلومبرغ
وقَّع الرئيس الأمريكي جو بايدن مؤخَّراً على قانون خطَّة التحفيز الاقتصادي، التي تقدَّر قيمتها بـ1.9 تريليون دولار، وهو أول تشريع رئيسي له منذ توليه الرئاسة في يناير.
وأشارت الإدارة الأمريكية إلى أنَّ حزمة التحفيز التالية ستركِّز على دعم البنية التحتية، لكنَّها ستكون بحاجة لتغطية أكثر من مجرد جسور وطرق سريعة أفضل.
ويشير دعاة حماية المناخ، والمسؤولون التنفيذيون في الصناعة إلى أنَّ تحسينات البنية التحتية يجب أن تبدأ من المنازل. وبشكل أكثر تحديداً، فإنَّهم يرون أنَّ الاستثمار في المنازل مفتاح للوظائف، والمساواة، والصحة العامة، مما يساعد في الوفاء بتعهد الرئيس بـ"إعادة بناء الأمة بشكل أفضل".
وينبغي أن تكون برامج الحماية من عوامل الطقس السيىء، وتحسين كفاءة البناء، ودعم الطاقة لمحدودي الدخل، والتخفيضات لتطوير المباني محرِّكاً لتبنِّي حزمة تحفيز أخرى للبنية التحتية، وفقاً لتقرير حديث صدر عن معهد "روزفلت" للأبحاث، ومجموعة "إيفرغرين كولابوراتيف" المناصرة لمكافحة تغيُّر المناخ. كما يخططون لتزويد المشرِّعين بمجموعة من السياسات والخيارات التفصيلية للنظر فيها أثناء صياغة التشريعات الجديدة. ويقول براكين هندريكس، الزميل في معهد "روزفلت"، والمؤسس المشارك لـ"إيفرغرين كولابوراتيف": "لدينا رئيس دعا إلى حزمة استثمار مناخي بقيمة 2 تريليون دولار. لدينا كونغرس يصيغ حزمة ضخمة للبنية التحتية كجزء من موجة استجابة تحفيزية قادمة".
ويضيف: "إذا لم تُدرج المنازل والمباني ضمن الحزمة التحفيزية الموجَّهة للبنية التحتية، وأجندة خلق الوظائف، فإنَّنا سنفشل في تحقيق طموحاتنا".
يشغل براكين هندريكس أيضاً منصب الرئيس التنفيذي لشركة "ايربان إنجنيتي" التي تقدِّم الدعم والتمويل لأصحاب العقارات الذين يستثمرون في تحسين منازلهم، التي ستستفيد أيضاً من المبادرة التحفيزية التي تعتزم الحكومة الأمريكية إطلاقها قريباً.
الصفقة الخضراء
ركَّز بعض القادة على التطويرات السكنية لفترة من الوقت. ففي أواخر عام 2019، اقترح عضو مجلس الشيوخ عن ولاية فيرمونت بيرني ساندرز، والنائبة الديمقراطية عن نيويورك ألكساندريا أوكاسيو-كورتيز، قانون الصفقة الخضراء الجديدة للإسكان العام لتخصيص مليارات الدولارات لتطوير 1.2 مليون وحدة من وحدات الإسكان العام المدعومة من قبل الدولة.
ويركِّز مناصرو تشييد مساكن عامة جديدة بشكل كبير على إنشاء مساكن مستدامة صفرية الانبعاثات، كما تسير أوروبا على هذا النحو أيضاً، إذ تدعو الصفقة الأوروبية الخضراء إلى موجة تجديد بنسبة 2% من نسبة مباني القارة كل عام.
ومع ذلك، غالباً ما تفتقر المقترحات التقدُّمية اللازمة لإعادة تطوير الطاقة المنزلية إلى تفاصيل واضحة عن كيفية تحقيق ذلك.
ولا يقدِّم مشروع قانون "المنازل للجميع"، وهو اقتراح لاستثمار تريليون دولار في الإسكان العام الجديد، إلا اقتراحاً واحداً، مفاده أنَّ ملايين المنازل يجب أن تركِّز على خفض تكاليف الطاقة، وتحقيق حيادية الكربون. وتمَّ تقديم هذا القانون من قبل النائبة الديمقراطية الممثَّلة عن ولاية مينيسوتا إلهان عمر أمام البرلمان الأمريكي.
ويأمل الباحثون في ترسيخ المناقشات الجارية حول شكل الإنفاق التحفيزي في المستقبل، وذلك من خلال توفير التفاصيل الخاصة بهذا الشأن.
قانون البنية التحتية
وربما يقدِّم المشرِّعون مشروع قانون البنية التحتية بحلول أواخر مايو، وذلك حتى يتمَّ تمريره إلى مجلس النواب في سبتمبر، بحسب ما ذكرت صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية المعنية بالشأن السياسي.
ويشير هندريكس والمشاركون في كتابة التقرير إلى العاصفة الشتوية الكارثية في تكساس، التي تركت دافعي الضرائب في مأزق بسبب فواتير الطاقة الباهظة في أعقاب انقطاع التيار الكهربائي، باعتبارها تؤكِّد الحاجة الملحة لاتخاذ إجراء يَعدُّ بدوره المنازل مكوناتٍ أساسيةً في أنظمة المناخ والصحة.
وتقول كارا سول رينالدي، المدير التنفيذي لمجموعة "أنديل بوليسي"، وأحد المشاركين في كتابة التقرير: "تضمُّ الولايات المتحدة 140 مليون وحدة سكنية، وغالباً ما يتمُّ تجاهلها عند النظر إلى الطلب على الطاقة. لماذا؟ ما الذي يجعلنا لا نتبع نهجاً شاملاً لتلبية مطالب ملايين الملايين من المنازل؟"
وتشير سول رينالدي إلى أنَّ الخطوة التي يجب اتخاذها الآن، هي محاولة فهم كل هذه الأهداف السياسية المتباينة.
وفي حين أنَّ بعض صنَّاع السياسة يركِّزون على الشبكة الكهربائية، يعمل آخرون على الجانب الآخر لتحسين الأجهزة والتكنولوجيا، إذ تُنقل الشبكة الكهرباء للمنازل.
ولا يزال آخرون ينظرون إلى كفاءة الطاقة باعتبارها مسألة تتعلَّق بالقوة العاملة، أو التمويل، أو الائتمان الضريبي.
وتقول سول رينالدي: "مجموع كل هذه الحلول المختلفة يكون أفضل سوياً من اللجوء إلى كل واحدة منها على حدة".
وأوصى الكاتبان هندريكس، وسول رينالدي، بهذه الخطة جنباً إلى جنب مع النائب المسؤول عن شؤون الصحافة لمبادرة "إيفرغرين"، ويس غوبار، ومارك وولف وكاساندرا لوفجوي من رابطة المديرين الوطنيين للمساعدة في مجال الطاقة. وهي خطَّة تتوافق مع السياسات، أو المقترحات الحالية في إطار شامل واحد.
ويمكن تحديث وتوسيع بعض الأدوات الحالية، بما في ذلك برنامج المساعدة في دعم الطاقة لمحدودي الدخل، وبرنامج الحماية من عوامل الطقس السيىء، والبرامج الفيدرالية التي تتعاون لتقديم المساعدة المباشرة للعائلات، والتمتُّع بدعم من كلا الحزبين.
وتعدُّ القدرة على تحمُّل تكاليف الطاقة المنزلية للأسر ذات الدخل المنخفض قضية مهمة، كما أنَّ التخفيضات، والإعفاءات الضريبية، وتقديم القروض المدعومة لتحسين استخدام الطاقة بالنسبة لمالكي المنازل من الطبقة المتوسطة قضية أخرى.
قانون "HOPE for HOMES"
وتدور التوصيات الواردة بالتقرير بشأن الوظائف حول قانون "هوب فور هومز" (HOPE for HOMES)، وهو مشروع قانون اقترحه عضو مجلس الشيوخ عن ولاية ماريلاند كريس فان هولن في عام 2020. ويضمُّ المشروع عنصرين، وهما تقديم تدريب وشهادة للمتعاقدين (تشير كلمة HOPE إلى كفاءة استخدام الطاقة في المنازل وفق الأداء) التي تؤهل بدورها الشركات للمشاركة في برنامج خفض التكلفة لأصحاب المنازل (تشير HOMES إلى إدارة مدخرات مالك المنزل).
وكانت الغاية من وراء هذا القانون مساعدة المتعاقدين خلال فترة الركود الاقتصادي لتحسين مهاراتهم، مع إتاحة الفرصة لمالكي المنازل للحصول على الأموال اللازمة لدفع تكاليف التطور مع انفتاح الاقتصاد.
وبرغم أنَّ مشروع القانون لم يستطع جذب انتباه المشرعين العام الماضي، إلا أنَّه يحظى بدعم "معهد تحول السوق" بالإضافة إلى "الجمعية الأمريكية لمقاولي تكييف الهواء".
ويقول فان هولن في بيان: "التصدي لتغيُّر المناخ، وتعزيز اقتصادنا المتعثر أمران متلازمان. وفيما نعمل على مواجهة هذه التحديات، فإنَّ معالجة الكفاءة في استخدام الطاقة في منازل الأمريكيين من شأنها دعم جهودنا على الجبهتين".
ويضيف: "هذه السياسات لا تخلق فرص عمل، وتساعد أصحاب المنازل على توفير المال فحسب، بل تؤدي أيضاً إلى أسر أكثر صحة، وبيئة أنظف".
من شأن المقترحات الواردة في التقرير المساهمة في تعزيز البرامج الحكومية الأخرى الحالية أيضاً، إذ يوصي المؤلفون بزيادة الإعفاء الضريبي الفيدرالي للطاقة النظيفة بثلاثة أضعاف لأنظمة التدفئة، والتهوية، وتكييف الهواء الموفرة للطاقة من 500 دولار إلى 1500 دولار، على سبيل المثال، لذا سيكون معظمها مؤهلَّاً للخضوع إلى تسوية الميزانية.
وفي حين أنَّ حزب الجمهوريين رفض تقديم الدعم لخطة الإنقاذ الأمريكية، يشير هندريكس إلى دعم المحافظين، والدعم الصناعي السابق لأجزاء مختلفة من محفظة الإسكان، والطاقة والبنية التحتية باعتباره سبباً للتمسك بالأمل للتوصُّل إلى حلٍّ وسط بين الحزبين. ويقول: "إذا أراد الكونغرس تمرير تشريع، فهناك حاجة بالتأكيد لأكثر من 60 صوتاً لهذه الإجراءات".
ظلَّت بعض المقترحات موجودة على الرف دون أن يرغب أحد في اللجوء إليها. ففي عام 2013، قدَّم عضو مجلس الشيوخ عن ولاية كولورادو مايكل بينيت لأوَّل مرة "قانون المحاسبة المعقولة لقيمة الطاقة" بالتعاون مع نظيره الجمهوري السابق، وعضو مجلس الشيوخ عن ولاية جورجيا جوني إيساكسون. وهو قانون يسمح لمقرضي الرهن العقاري بوضع الوفورات المحقَّقة في كفاءة استهلاك الطاقة في المنزل في الحسبان عند تحديد قدرة المشتري على تحميل تكاليف شراء منزل.
وبالنظر إلى الانخفاض التاريخي في تكاليف الاقتراض، وارتفاع معدَّلات البطالة، وأزمة المناخ الكارثية التي تتجلى بطرق جديدة في كلِّ موسم، هناك فرصة أمام إدارة بايدن لإبراز الأفكار الجيدة التي كان يتعيَّن على البلاد تبنيها منذ وقت طويل، والوفاء بوعود حملته الانتخابية، بحسب ما قال هندريكس.
وتحذِّر سول رينالدي من أنَّ المشرِّعين يُقدمون على المخاطرة إذا قرروا التركيز فقط على أجزاء من محفظة الإسكان، والطاقة، وتطوير البنية التحتية التي تناسب أجندتهم. فالتمويل يعمل بالتزامن مع التخفيضات، والإعانات، والتدريب الوظيفي لتحقيق الموازنة بين التكاليف، والتعويضات، والحوافز، فضلاً عن جعل الإسكان أكثر أماناً وعدلاً واستدامة، وأقل تكلفة في نهاية المطاف.
وتقول: "المسألة لا تتعلَّق بقدرتنا على تحمُّل التكاليف، بل هل يمكننا تحمُّل عدم القيام بذلك؟ سيكلفك الأمر المزيد في المستقبل؛ إذا واصلنا تجاهل الحاجة الظاهرة أمام أعيننا مباشرة".