بلومبرغ
قبل سبعة أسابيع فقط، بدت شركة "غينرو بروبيرتيز" الصينية، والتي تعاني من أزمة غير مسبوقة بسبب التخلف عن سداد ديونها، كمنارة نادرة للقوة في صناعة العقارات في الصين.
أعلنت الشركة للتو عن خطط لاسترداد السندات الدائمة، وتفاخرت أنَّ إحدى شركاتها التابعة قد حصلت على خط ائتماني بقيمة 9.14 مليار يوان (1.44 مليار دولار) من بنك الصين المملوك للدولة. وتم تداول سندات "غينرو" قصيرة الأجل بما يقرب من 80 سنتاً على الدولار، مقارنة بـ 17 سنتاً لمجموعة "إيفرغراند غروب" العملاقة في مجال العقارات.
أصبحت شركة "غينرو" أحدث مطور يحذّر من أنَّه قد لا يفي بالتزاماته، وهو ما يعد تحولاً متطرفاً حتى بمعايير الصناعة التي تضاعفت فيها المفاجآت السلبية خلال العام الماضي. وهوت أسهم الشركة وسنداتها خلال تعاملات صباح الإثنين.
ركود واسع
أثار السقوط الغامض والمفاجئ للشركة قلق المستثمرين تجاه العديد من أقرانها في القطاع، مما يقوّض جهود الحكومة الصينية لوقف العدوى المالية في قطاع العقارات، الذي يمثل حوالي ربع الناتج الاقتصادي للدولة. وساعدت التكهنات حول أزمة السيولة في شركة "غينرو" على إطلاق ركود واسع في سندات المطوّرين الصينيين الأسبوع الماضي، مما أدى إلى ارتفاع تكاليف التمويل للشركات التي تحتاج إلى سداد ما يقرب من 100 مليار دولار من الديون هذا العام.
أكدت الشركة مخاوف المستثمرين في إفصاح للبورصة في وقت متأخر من يوم الجمعة، قائلة إنَّ مواردها الحالية قد لا تكون كافية للوفاء بالتزامات سداد الديون خلال الشهر المقبل. وتطلب الشركة من حاملي السندات التنازل عن أي مطالبات تخلف عن السداد قد تنشأ عن فشل استرداد سنداتها الدائمة البالغة 200 مليون دولار في 5 مارس.
تراجعت أسهم شركة "غينرو" بنسبة تصل إلى 17% إلى مستوى قياسي منخفض في تعاملات بورصة هونغ كونغ صباح اليوم الإثنين. وانخفضت سندات الشركة الدائمة بنحو 8.6 سنتات على الدولار عند 14.5 سنتات، مما أدى إلى هبوط سنداتها الدولارية الأخرى، وفقاً للأسعار التي جمعتها "بلومبرغ".
يعد هذا التطور العلامة الأحدث على أنَّ الضائقة المالية لقطاع العقارات في الصين لم تنتهِ بعد. وارتفع العائد على مؤشر المطورين الثقيل للسندات الدولارية الصينية من دون الفئة الاستثمارية مرة أخرى متخطياً 20% الأسبوع الماضي، مما يجعل إعادة التمويل باهظة التكلفة بالنسبة لكثيرين ممن يعملون في هذه الصناعة. استمرت مبيعات المنازل في الانخفاض، مما أدى إلى تقليص مصدر السيولة الرئيسي للمطورين. وقالت شركة "غينرو" يوم الجمعة، إنَّ مبيعاتها تراجعت بنحو 30% في يناير مقارنة بالعام الذي سبقه.
اهتمام متزايد
يتزايد اهتمام السلطات الصينية بهذه الاضطرابات، إذ تعهد منظم الأوراق المالية في الصين، في بيان مقتضب يوم السبت، بمنع وحَلّ مخاطر التخلف عن السداد في سوق السندات. وقالت لجنة تنظيم الأوراق المالية الصينية، نقلاً عن اجتماع عمل 2022، إنَّ بكين ستعمل أيضاً على تعميق الإصلاحات المتعلقة بإصدار الديون، فضلاً عن مزيد من الانفتاح أمام المستثمرين الأجانب.
الصين تتعهد باحتواء مخاطر التخلف عن سداد السندات وتعميق الإصلاحات
على الرغم من صغر حجم شركة "غينرو" مقارنة بمجموعة "إيفرغراند غروب" -جاءت في المرتبة الـ30 بين المطورين العقاريين الصينيين من ناحية المبيعات المتعاقد عليها العام الماضي- كان لمتاعب الشركة تأثير كبير على السوق الأوسع، لأنَّها أشارت مؤخراً إلى أنَّ مواردها المالية كانت سليمة.
رفضت "غينرو" التقارير المتعلقة بأوراق الدين الخارجية، ووصفتها بأنَّها "غير صحيحة ووهمية"، وذلك في الوقت الذي كانت تنهار فيه السندات بسبب تكهنات بأنَّها ستفشل في استرداد السند الدائم. وألقت الشركة باللوم على "ظروف السوق المعاكسة" في مشاكل الديون في بيانها الصادر يوم الجمعة، إلا أنَّها قدّمت القليل من التفاصيل حول سبب تدهور مركزها المالي بشكل كبير منذ مطلع يناير.
قد تعزز هذه الواقعة عقلية "البيع أولاً، وطرح الأسئلة لاحقاً" التي ترسخت بين أذهان المستثمرين، فيما يتعلق بديون العقارات الصينية. وانخفضت سندات "غينرو" الدائمة إلى حوالي 23 سنتاً على الدولار في يوم الجمعة، من 93 سنتاً في وقت سابق من هذا الشهر مع انتشار شائعات حول فشل الاسترداد. كما تراجعت سندات الشركة الدولارية المستحقة في أبريل إلى حوالي 25 سنتاً من 77 سنتاً. واستغرق الأمر نحو أربعة أشهر لانخفاض مماثل في الحجم في سندات "إيفرغراند غروب" الدولارية قصيرة الأجل العام الماضي.
كتب محللو "بلومبرغ إنتليجنس"، بمن فيهم أندرو تشان، في تقرير الأسبوع الماضي أنَّ المخاوف المتزايدة بشأن الافتقار إلى الشفافية في قطاع العقارات في الصين قد تدفع بعض المستثمرين إلى تجنّب ذلك النوع من الاستثمارات تماماً. وأضافوا: "قد لا يتمكّن حاملو السندات غير الراغبين في تحمّل المخاطرة من تحمّل التقلب الشديد في الأسعار".