بلومبرغ
بعد أن كشف فشل المحادثات الأخيرة، عن صدع خطير في جوهر تحالف "أوبك+"، تعمل منظمة الدول المصدِّرة للبترول (أوبك) وشركاؤها على إصلاح الأضراربهدوء .
ويبذل اللاعبون الرئيسيون في التحالف الذي يضم 23 دولة جهوداً دبلوماسية لحل نزاع، يتمحور حول المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، إزاء كمية النفط الخام التي يجب ضخها خلال العام الجديد، إذ يحتاجون إلى التوصُّل لحلٍّ وسط قبل اجتماع الوزراء يوم الخميس، وهو اجتماع جرى تأجيله بسبب وصول المناقشات إلى طريق مسدود.
ركود غير مسبوق
وأنقذت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وشركاؤها سوق النفط هذا العام من ركود غير مسبوق، مما دفع أعضاء التحالف النفطي للاتفاق على تقليص الإنتاج مع تراجع الطلب جرَّاء تفشى وباء كورونا. وفي حال انهار التحالف؛ فإنَّ الأسعار ستهبط مرة أخرى، مما يضرب القطاع الذي يمتد ليشمل دولاً صغيرةً، مثل الجابون إلى جانب شركات عملاقة مثل " أكسون موبيل".
وحالت الخلافات بين السعوديين والإماراتيين، يوم الإثنين، دون التوصل إلى اتفاق واضح حول ما إذا كان سيتم تأجيل زيادة الإنتاج المخطط له أم لا.
وظهر تصدُّعٌ في المواقف بين الحلفين المتناصرين تقليدياً، كمصدَرين خليجيين للنفط، في حين تنتهج أبوظبي سياسة نفطية أكثر استقلالية.
وأمضى المندوبون يوم أمس الثلاثاء، في التشاور مع حكوماتهم، وتبادل الأفكار عبر الهاتف، فيما يجري حالياً إخفاء النتائج داخل عالم غامض لدبلوماسية الشرق الأوسط، لكن بعض المسؤولين أعربوا في تعليقات غير معلنة عن أملهم في أن يتوصلوا في النهاية إلى حل الخلافات.
دراما "أوبك+"
وقالت "حليمة كروفت"، كبيرة استراتيجييِّ السلع في شركة "آر بي سي RBC ": إن "أوبك بلس" غالباً ما تولِّد الدراما، وهذه المرة التوترات تتصاعد، لكننا ما نزال نعتقد أن المجموعة سوف تجد على الأرجح بعض الحلول الوسط لحفظ ماء الوجه، مع تمديد قصير للتخفيضات الحالية، وهي النتيجة الأكثر ترجيحاً ".
وفضَّلت معظم الدول في جلسة يوم الإثنين عبر الإنترنت تأجيل زيادة المعروض اليومي من الخام بمقدار 1.9 مليون برميل، التي من المقرَّر أن تدخل حيز التنفيذ في يناير مدة ثلاثة أشهر.
ومع موجة جديدة من تفشي الإصابات بفيروس كورونا تضرب الاقتصاد العالمي، يعتقدون أنَّ الطلب لا يزال هشَّاً للغاية، بما يكفي لامتصاص الخام الإضافي.
لكن مندوبين قالوا، إنَّ الإمارات تراجعت، وأصرَّ وزير الطاقة "سهيل المزروعي" دون معارضة علنية على التأجيل وفق شروط صارمة، ومنها وعلى نحو أساسي: التنفيذ السريع للتخفيضات التي يدين بها الأعضاء الآخرون تعويضاً عن ضخ الكثير في الأشهر السابقة، وهي شروط تجعل التوصُّل لاتفاق شبه مستحيل.
بادرة جديدة على خيبة الأمل
في بادرة واضحة على خيبة الأمل، أخبر وزير الطاقة السعودي الأمير "عبد العزيز بن سلمان"، المجموعة أنَّه قد يستقيل من منصبه كرئيس مشارك للجنة الرئيسية في "أوبك بلس"، وعرض على "المزروعي" المنصب، لكنه رفض، بحسب شخص مطَّلع على المناقشات.
وقالت "أمريتا سين"، الشريك المؤسس لشركة الاستشارات"إنرجي أسبكتس"، لتلفزيون بلومبرغ: "إن السوق يقلل قليلاً من خطورة الخلافات، لأن الإمارات أحد أكبر حلفاء المملكة العربية السعودية". ولم تتنبأ بنتيجة فوضوية هذا الأسبوع، لكنها ترى أنَّ التوترات مستمرة خلال العام المقبل.
شكاوى أعمق
ويخفي هذا النزاع الإجرائي استياء الإمارات العميق من قيود العرض التي تفرضها "أوبك"، التي لا تبشر بالخير للتماسك الجماعي داخل التحالف في عام 2021 ، على حد وصف " كروفت".
خلال الصيف الماضي، أدَّى نفاد صبر أبوظبي إلى التخلي عن طاعتها المعتادة لقواعد المنظمة، وضخَّت المزيد من النفط الخام أكثر مما تسمح به حصتها، وكان السعوديون غاضبين، واستدعوا "المزروعي" إلى الرياض، فقد جرى توبيخه علنية.
في حين أن الإمارات العربية المتحدة كفَّرت لاحقاً عن مخالفتها للاتفاق، وقال أشخاص مطلعون على سياستها النفطية، إنَّ أبو ظبي تعتقد أنَّ الحصة الحالية غير عادلة، وأنها حريصة على تحقيق أقصى استفادة من الاستثمارات الضخمة في الطاقة الإنتاجية، كما أنها تخطط لمعيار قياسي وفق سعر إقليمي جديد قائم على نوع خام "مربان" الإماراتي، الذي يحتاج إلى حجم إنتاج كبير، يتعارض مع حدود الإنتاج الحالية.
قبل أسبوعين، أشار الإماراتيون بشكل خاص إلى أنَّهم يفكرون في مغادرة "أوبك" على المدى الطويل، في حين عدَّه المحللون مجرد أحدث مثال على إطار السياسة المستقلة بطريقة متزايدة، الذي يتبعه ولي عهد أبوظبي "محمد بن زايد".
قال "نيل كويليام"، زميل مشارك في برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مركز أبحاث "تشاتام هاوس": "إنَّ الإمارات العربية المتحدة مستعدة بشكل متزايد للعمل من أجل مصالحها الوطنية المباشرة، وعندما لا يتماشى ذلك مع المملكة العربية السعودية، فهي واثقة ومستعدة للقيام بذلك بمفردها".
هل يتوصل الفرقاء لاتفاق؟
ويتوقع العديد من مراقبي النفط التوصل إلى اتفاق يوم الخميس، فقد قال وزير النفط الجزائري "عبد المجيد عطار"، الذي يتولى حالياً منصب رئيس منظمة "أوبك"، للإذاعة الرسمية يوم الثلاثاء، أنَّ تأجيل الاجتماع يظهر أن المجموعة مستعدة للتوصل إلى صفقة توافقية.
ولا تعد "أوبك" غريبة عن الاجتماعات الصعبة، فقد استمر الاجتماع في أبريل، الذي أسفر عن اتفاقية الإنتاج الحالية لعدة أيام، وجرت مساومات المكسيك على حصتها. وفي عام 1986، استمرت جولة واحدة من المحادثات في جنيف مدة 17 يوماً ، ثمَّ أعقبها اجتماع على طريقة سباق "ماراثون" استمر مدة 10 أيام.
وقال "بيل فارين برايس"، المدير في شركة الأبحاث "انفيرس ": "إنَّ الإمارات تبذل جهوداً هائلةً بعزم شديد لتوصيل صوتها، ولإعادة ترتيب المقاعد، وبالتالي تقويض التفوق السعودي".
ويتوقَّع "برايس" بالرغم من ذلك الموافقة على التأجيل. وأضاف : "سوف يرون انخفاضاً كبيراً في الأسعار، إذا لم يفعلوا ذلك".