بلومبرغ
بعد عام من خفض غير مسبوق في إنتاج النفط الخام، يتوقع تحالف "أوبك بلس" أن تشهد سوق النفط العالمية قوة كبيرة.
يعتقد التحالف، الذي تقوده المملكة العربية السعودية وروسيا، أن تخمة المعروض من الخام التي نشأت عندما سحقت جائحة فيروس كورونا الشركات والطلب على الوقود، قد تلاشت تقريباً، وأن مخزونات النفط ستتقلص بسرعة في النصف الثاني من 2021، مع تخفيف عمليات الإغلاق وانتعاش السفر.
يترك ذلك لمنظمة البلدان المصدرة للبترول وشركائها قراراً للتفكير يوم الثلاثاء بخيارات ضخ المزيد من النفط أو التراجع، بينما لا تزال التوقعات غارقة في حالة من عدم اليقين.
ومن شأن الإبقاء على استقرار الإنتاج أن يدعم السوق ضد المخاطر المزدوجة المتمثلة في تجدد تفشي كورونا وتدفق محتمل للصادرات من إيران في حال تجديد الاتفاق النووي مع الولايات المتحدة وقوى عالمية أخرى. لكن ارتفاع خام برنت بالفعل بنسبة 36% منذ بداية العام الجاري، إلى أكثر من 70 دولاراً للبرميل، قد يضر بالاقتصاد العالمي ويزيد من الضغوط التضخمية التي تؤثر على "وول ستريت".
وبعد مشاورات أولية يوم الاثنين، قال الأمين العام لمنظمة "أوبك" محمد باركيندو:
هناك العديد من الأمور المتغيرة عندما يتعلق الأمر بالعوامل التي تؤثر على سوق النفط العالمية، مثل وتيرة التغيير خلال الوباء
في اجتماعهم الافتراضي يوم الثلاثاء، من المتوقع أن يمضي الوزراء قدما في إقرار زيادة تدريجية تم تحديدها بالفعل لشهر يوليو، لاستكمال عودة ما يزيد قليلاً عن مليوني برميل يومياً منذ مايو 2021.
ووفقاً لاتفاقية تاريخية تم إبرامها إبان تفاقم أزمة النفط في عام 2020، تعهد التحالف بالإبقاء على مستويات المعروض من ذلك الحين وحتى أوائل عام 2022. لكن تراجع المعروض النفطي بالسوق قد يتطلب مراجعة الاتفاقية.
وقال مندوبون إن المناقشات الأولية ستبدأ يوم الثلاثاء بشأن تحركات التحالف بعد يوليو، دون اتخاذ أي قرار. لكن تجار النفط والسندات سيفحصون تعليقات المندوبين عن كثب بحثاً عن أي إشارات.
تراجع المخزون
تُقدر اللجنة الفنية المشتركة التابعة لمنظمة "أوبك" أنه بحلول نهاية يوليو ستكون المخزونات في الدول المتقدمة أقل من المتوسط خلال عامي 2015-2019، وهو معيار رئيسي للمجموعة. لكن في الفترة بين سبتمبر وديسمبر 2021، ستتراجع المخزونات بوتيرة تزيد عن مليوني برميل يومياً.
أدى ذلك إلى استنتاج العديد من المراقبين أن تحالف " أوبك بلس" سيحتاج إلى زيادة الإنتاج في النصف الثاني من 2021.
في هذا الشأن، تقول لويز ديكسون، المحللة في شركة الاستشارات "ريستاد إنرجي":
السوق تواجه حالياً المعضلة المعاكسة تماماً لما حدث في أبريل 2020.. فلدى المنتجين الآن مهمة حساسة تتمثل في إعادة إمدادات كافية لمواكبة الطلب المتزايد بسرعة على النفط. وفي حالة الإفراط في تشديد الأسواق (تقليص المعروض)، قد يؤدي ارتفاع الأسعار إلى تعريض الانتعاش الاقتصادي العالمي للخطر
لكن توقعات الطلب لا تزال محفوفة بالشكوك، ولا سيما في آسيا. إذ تعرض استهلاك الطاقة في الهند لتراجع كبير بسبب تفشي فيروس كوفيد-19 في جميع أنحاء البلاد. وأعلنت اليابان وماليزيا، الدولتان المستهلكتان الرئيسيتان لخام "أوبك"، مؤخراً عن إجراءات أكثر صرامة للتعامل مع الإصابات الجديدة. وقالت اللجنة الفنية المشتركة التابعة لمنظمة "أوبك" في تقريرها: "لا يزال يمثل ظهور حالات كوفيد-19 في بعض دول آسيا وأمريكا اللاتينية مصدر قلق".
محادثات إيران
ستكون إيران عاملاً حاسماً آخر، إذ تجري البلاد محادثات لإحياء اتفاق 2015 الذي حد من أنشطتها النووية مقابل تخفيف العقوبات الأمريكية.
تحرص طهران على التوصل إلى اتفاق قبل إجراء الانتخابات الرئاسية في 18 يونيو 2021. وقال مسؤولون روس وإيرانيون مشاركون في المحادثات النووية بفيينا يوم الاثنين إنه لا تزال هناك قضايا معقدة يتعين حلها، مشيرين إلى أن المفاوضين قد لا يتمكنون من التوصل إلى اتفاق خلال الجولة الحالية الخامسة من المحادثات.
وفي تغريدة له على تويتر" يوم 31 مايو 2021، قال مندوب روسيا الدائم لدى المنظمات الدولية في فيينا، ميخائيل أوليانوف: "تقلصت مجالات الخلاف بشكل كبير في محادثات فيينا بشأن خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي الإيراني). لكن السيد عراقجي (مساعد وزير الخارجية الايرانية عباس عراقجي) محق: القضايا العالقة المتبقية معقدة نوعاً ما. هناك حاجة إلى نهج مبدع ومسؤول للغاية لإيجاد حلول".
إذا تم التوصل إلى اتفاق ورفعت واشنطن العقوبات، فقد تتمكن إيران من زيادة الصادرات بسرعة. ويقدر محللون أن الإنتاج اليومي الإيراني قد يرتفع إلى نحو أربعة ملايين برميل من 2.4 مليون برميل. وقال الأمين العام لـ"أوبك"، محمد باركيندو، إن عودة إيران ستكون "منظمة وشفافة"، ولن تسبب أي إزعاج لاستقرار سوق النفط الذي كافحت دول أخرى بتحالف "أوبك بلس" لتحقيقه.
وفي حين يدرس الوزراء مخاطر ضخ المزيد من النفط إلى السوق، قد يؤدي الجدل إلى إعادة إثارة الانقسامات القديمة داخل تحالف "أوبك بلس".
غالباً ما اختلفت الرياض وموسكو حول مدى سرعة تعزيز الإنتاج، حيث دعت المملكة عادة إلى ضبط النفس فيما تطلعت روسيا بشدة لزيادة حجم المبيعات، كما أبدى لاعب رئيسي آخر، وهو الإمارات العربية المتحدة، حرصاً على زيادة الصادرات.
وفي هذا الشأن يرى بيل فارين برايس، المدير في شركة الأبحاث" إنفيروس" والمراقب المخضرم لـ"أوبك بلس" أن "الأمر لا يزال يتطلب إجراء موازنة دقيقة".