الشرق
"باستطاعة (أرامكو) أن تكون شركة متعددة النشاطات، ومقدراتها لا حدود لها طالما تتخذ قرارات اقتصادية صائبة"، حسبما أكد الأمير عبدالعزيز بن سلمان، وزير الطاقة السعودي، خلال مؤتمر التعدين الدولي المنعقد في المملكة.
تصريح وزير الطاقة جاء مع تزايد الدلائل على اتجاه عملاقة النفط السعودية إلى تنويع محفظتها وتوسيع دائرة أنشطتها، إذ تزامن مع إعلان "أرامكو" توقيع اتفاقٍ أوليٍ مع شركة "التعدين العربية السعودية" (معادن) للتخطيط لتأسيس مشروع مشترك للتنقيب عن المعادن وتعدينها في المملكة، بحسب بيان صحفي صادر عن شركة الطاقة العملاقة اليوم الأربعاء.
إلى جانب النفط الذي ظل لعدة عقود النشاط الرئيسي للشركة، تقود "أرامكو" حالياً جهود المملكة في أن تصبح لاعباً رئيسياً في مجال إنتاج الغاز عالمياً، إذ تعمل على استكشاف مزيد من الحقول داخل أراضيها، بالإضافة إلى التوسع بالاستثمار خارجياً، حيث توسعت استثمارات الشركة في آسيا والولايات المتحدة، بالإضافة لدخولها في عدة أنشطة تكنولوجية.
وكانت صحيفة "فايننشال تايمز" أشارت في وقتٍ سابق إلى أن الشركة تعتزم "توسيع استثماراتها في إنتاج الليثيوم في السباق لبناء سلسلة توريد للمعدن الحيوي للبطاريات لتشغيل السيارات الكهربائية".
مجلس الوزراء السعودي وافق في يوليو الماضي على إنشاء "البرنامج الوطني للمعادن"، والذي يستهدف تعزيز مكانة المملكة كمركز إقليمي وعالمي لقطاع التعدين والمعادن، بالإضافة إلى تلبية الاحتياجات المحلية والعالمية المتزايدة على المعادن، وبناء القدرات المحلية، والمساهمة في عمليات الاستكشاف.
الطلب على المعادن
في السياق نفسه، ركز الأمير عبدالعزيز في كلمته على أن "تلبية الطلب المتزايد على المعادن الأساسية يمثل تحدياً كبيراً"، مشيراً إلى أن الطلب على الليثيوم مثلاً سيرتفع 7 أضعاف مستقبلاً.
تواجه إمدادات الليثيوم، الذي يُعتبر عنصراً حيوياً للثورة في الطاقة الخضراء، خطر النقص في المستقبل. فعلى الرغم من أن فائضاً حديثاً في المعدن أدى إلى انخفاض الأسعار، يُتوقع أن ينمو الطلب عليه بمعدل يقارب تسعة أضعاف خلال 15 عاماً القادمة، إذا تحققت أهداف اتفاقية باريس للحد من الاحترار العالمي، وفقاً لتقديرات وكالة الطاقة الدولية.
يأتي هذا في وقتٍ يعتبر قطاع التعدين حيوياً بالنسبة للمملكة، إذ تصنفه بوصفه الركيزة الثالثة للصناعة إلى جانب النفط والغاز، والبتروكيماويات، ما دفعها إلى تسريع وتيرة تطوير البيئة التنظيمية بهدف جذب الشركات من حول العالم للاستثمار في هذا القطاع.
ظهر الأمر من خلال تسجيل المملكة النمو الأسرع عالمياً خلال السنوات الخمس الأخيرة بتطوير البيئة الاستثمارية في التعدين، وفق التقييم العالمي لمخاطر الاستثمار في القطاع الصادر في يونيو الماضي عن مؤسسة"ماين هيوت" (MineHutte) بالتعاون مع "مايننغ جورنال" (Mining Journal).
كما رفعت السعودية في يناير الماضي تقديراتها لإمكانيات الثروات المعدنية غير المستغلة في البلاد من 1.3 تريليون إلى 2.5 تريليون دولار (9.4 تريليون ريال)، بزيادة قدرها 90%. وأرجع الخريف في مقابلة سابقة مع "الشرق" هذه القفزة لعدة أسباب، منها: إظهار عمليات المسح الأخيرة وجود كميات معادن إضافية من الفوسفات والذهب والزنك والنحاس، والكشف عن وجود كميات من المعادن الحرجة التي تلعب دوراً مهماً في الكثير من الصناعات، وأخيراً عملية إعادة تقييم الثروات المعدنية الموجودة.
التداعيات البيئية للتعدين
نبه الأمير عبدالعزيز في كلمته إلى التداعيات البيئية لأنشطة التعدين، وفصل في عرضٍ بصري قدمه مستوى الانبعاثات المترتبة على تعدين كل طنٍ من المعادن الأساسية، وقال: "تساهم عمليات التعدين والمعالجة حاليًا في حوالي 5 غيغا طن من ثاني أكسيد الكربون، وهو ما يعادل 12% من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمية السنوية".
وحذر وزير الطاقة من أن "التسرع في تأمين الوصول إلى الموارد سيؤدي في نهاية المطاف إلى زيادة الانبعاثات وارتفاع أسعار المعادن وارتفاع تكاليف الطاقة".