بلومبرغ
اتسعت العقوبات الأميركية المفروضة على ناقلات النفط الإيراني، ما عطل آلية غير مشروعة حيوية لهذه التجارة، وأسفر عن تباطؤ وصول النفط من إيران -البلد العضو في منظمة أوبك- إلى الصين، أكبر عملائها وأكثرهم أهمية.
يمر نقل النفط الإيراني إلى الصين عادةً عبر مرحلتين، تتمثل الأولى في انطلاق ناقلات خاضعة للعقوبات أو مملوكة لإيران من الموانئ النفطية الإيرانية، وتتوجه إلى نقطة وسطى في جنوب شرق آسيا، غالباً بالقرب من ماليزيا. وعند هذه النقطة، تُنقل الشحنة إلى ناقلة أخرى تكمل الرحلة إلى الصين.
رغم ذلك، طالت العقوبات عدداً من الناقلات التي كانت تُستخدم سابقاً لنقل الشحنات إلى الصين، ما دفع بعض شركات التشغيل إلى الانسحاب من هذا الجزء. وعلى إثر ذلك، انخفض عدد الناقلات المتاحة التي تمر عبر هذا المسار، بحسب بيانات تتبع السفن جمعتها "بلومبرغ" وشهادات أشخاص على دراية بالأمر، طلبوا عدم الإفصاح عن هوياتهم نظراً لحساسية الموضوع.
تراجع إمدادات النفط الإيراني
أسفر عن ذلك هبوط إمدادات النفط الإيراني وارتفاع أسعاره بالنسبة للمصافي غير الحكومية في الصين، التي تستحوذ على حوالي 90% من صادرات النفط الإيراني. ودفع هذا الوضع شركات التكرير الصينية إلى البحث عن مصادر بديلة للإمداد في أفريقيا ومناطق أخرى من الشرق الأوسط، حيث اشترت شحنات نفط لم يُبع خلال جولات تداول سابقة.
يُساور الشركات المشغلة للناقلات الخاضعة للعقوبات القلق من احتمال رفض السفن من قبل سلطات الموانئ، ما يضعها في مواجهة تحدي إيجاد مشترٍ جديد للشحنة وتحمل التكاليف الإضافية. خلال 11 أكتوبر، وسعت الولايات المتحدة الأميركية عقوباتها لتتضمن 20 ناقلة نفط خام، وأضافت 12 ناقلة أخرى إلى القائمة خلال الأسابيع التالية.
غالباً ما تغطي الناقلات جزءاً واحداً فقط من مسار الرحلة، إما من إيران إلى جنوب شرق آسيا أو من جنوب شرق آسيا إلى الصين، وذلك وفق بيانات تتبع السفن جمعتها بلومبرغ. ويساعد ذلك على تقليل الوقت الذي تقضيه الناقلة وهي فارغة.
نقل شحنات النفط إلى الصين
اتسمت جميع الناقلات التي طالتها العقوبات في 11 أكتوبر الماضي بالنشاط في المياه الآسيوية خلال العام الحالي عدا واحدة، حيث ركزت 8 ناقلات على نقل الشحنات إلى الصين، وبحسب بيانات التتبع. بدأت بعض هذه السفن الآن بتغيير أدوارها في تجارة النفط الإيراني.
وتُعد سفينة "شانايي كوين" نموذجاً للتغيير، حيث لم تبحر هذه الناقلة غرب شبه جزيرة ماليزيا منذ أغسطس 2023، وبدلاً من ذلك كانت ترسو في المياه شرق البلاد، منتظرة نقل شحنات النفط الإيراني الخام من سفن أخرى لتوصيلها إلى الصين، وفق بيانات شركة "ستار بورد إنتليجنس ماريتايم" (Starboard Intelligence Maritime).
وفي أكتوبر الماضي، أُضيفت الناقلة إلى قائمة العقوبات الأميركية، وفي الشهر التالي بدأت الإبحار غرباً ووصلت حالياً إلى المياه القريبة من إيران، بحسب بيانات تتبع السفن. كما غيرت الناقلة اسمها إلى "ماريغولد" خلال نوفمبر المنصرم، وأصبحت تبحر تحت علم غيانا بدلاً من ماليزيا، وفق قاعدة بيانات السفن "إكوايسيس" (Equasis).
وبتغيير اسم السفينة والعلم الذي تبحر تحته، يراهن مشغلو السفن على أن هذه الحيلة ستجنبهم التدقيق أو تثير شكوكاً أقل أثناء عمليات التفتيش في الموانئ.
التعتيم على حركة السفن
غيرت ناقلة أخرى اسمها قبيل فرض العقوبات عليها وهي "ديميتريا 2"، وتُسمى الآن "هونغ لو"، وكانت تنقل في السابق الشحنات بين جنوب شرق آسيا والصين. وبتاريخ 26 أكتوبر الماضي، بدأت السفينة الإبحار غرب شبه جزيرة ماليزيا وأغلقت جهاز الإرسال الخاص بها، فيما يُعرف بـ"عملية التعتيم"، لتجنب تتبع حركتها.
ولا تملك شركة "شاناي شيبينغ" (Shanaye Shipping)، مالكة الناقلة "شانايي كوين"، المدرجة على منصة "إكوايسيس"، بريداً إلكترونياً أو رقم هاتف مسجل. أما شركة "هونان شيبينغ" (Hunan Shipping)، مالكة الناقلة "ديميتريا 2"، فلم ترد فوراً على رسالة بريد إلكتروني يطلب التعليق على الموضوع.