تايلندا تفاوض كمبوديا على استكشاف حقل غاز قيمته 300 مليار دولار

الحقل البحري موضع نزاع بين البلدين ويضم 10 تريليونات قدم مكعب غاز و300 مليون برميل نفط

time reading iconدقائق القراءة - 6
منصة غاز طبيعي - المصدر: بلومبرغ
منصة غاز طبيعي - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

تستعد الحكومة التايلندية الجديدة لاستئناف المفاوضات مع كمبوديا بهدف استكشاف حقل نفط وغاز بحري يحتوي على احتياطيات تُقدر بما لا يقل عن 300 مليار دولار، وهو حقل ظل موضع نزاع بين البلدين منذ السبعينيات.

صرحت رئيسة الوزراء التايلندية، باتونغتارن شيناواترا، التي تولت منصبها في سبتمبر، أن استكشاف هذا الحقل يعد أحد الأهداف العشرة الأكثر إلحاحاً لحكومتها، حيث تسعى تايلندا إلى زيادة احتياطياتها المتناقصة من الغاز وتقليل تكاليف الكهرباء وفواتير استيراد الوقود المرتفعة.

أهمية استكشاف حقل الغاز

وافقت دولتا الجوار في وقت سابق من هذا العام على بدء مناقشات حول كيفية استغلال الكتلة البحرية، التي تبلغ مساحتها 26 ألف كيلومتر مربع، بشكل عادل. ويُقدر أن هذه المنطقة تحتوي على حوالي 10 تريليونات قدم مكعب من الغاز الطبيعي و300 مليون برميل من النفط الخام. ومع ذلك، فإن المفاوضات تواجه تحديات كبيرة نظراً للتوترات الدبلوماسية القديمة والحساسيات المتعلقة بالتنازل عن السيادة بين البلدين. وتوقفت المفاوضات منذ عام 2001 عندما اتفق البلدان على ضرورة مناقشة القضايا الإقليمية بالتزامن مع تطوير الموارد المشتركة.

وبالرغم من هذه التحديات، يعرب البعض في تايلندا عن أملهم في أن يؤدي الانخفاض السريع في إنتاج الغاز المحلي والاحتياطيات، بالإضافة إلى اقتراب نهاية استخدام الوقود الأحفوري، إلى دفع المفاوضات نحو انفراجة، ما قد يتيح بدء استكشاف الحقل الآن وتأجيل حل المشكلات الإقليمية العالقة.

قال وزير المالية التايلندي، بيتشاي تشونهافاجيرا، في البرلمان الشهر الماضي: "لسنا بحاجة إلى حل جميع الخلافات الحدودية في هذه المرحلة، بل نحتاج فقط إلى إجراء محادثات ودية مع جيراننا ومحاولة الاستفادة من الموارد المشتركة، وهذا من شأنه أن يعزز أمن الطاقة، وكذلك خفض تكاليف الخدمات".

في المقابل، أكد المتحدث باسم الحكومة الكمبودية بين بونا، في تصريحات لـ"بلومبرغ نيوز"، أن بلاده لا تزال ملتزمة بمواصلة المفاوضات مع تايلندا. وقال: "إذا كانت الحكومة التايلندية الجديدة مستعدة، فسنكون سعداء باستئناف المفاوضات".

أزمة الطاقة في تايلندا

يشكل الغاز الطبيعي حوالي 60% من احتياجات توليد الكهرباء في تايلندا، مع اعتماد البلاد على الإنتاج المحلي لتلبية أكثر من نصف هذه الاحتياجات. وفي ظل الاستهلاك الحالي، من المتوقع أن تنفد احتياطيات الغاز في البلاد في غضون خمسة إلى عشرة أعوام. وتتزايد المخاوف أيضاً بشأن قدرة تايلندا على تلبية الطلب المتزايد على الطاقة، خاصة مع محاولة الدولة، التي تعد مركزاً رئيسياً للسيارات والسياحة، لجذب استثمارات في مراكز البيانات التي تتطلب استهلاكاً كبيراً للطاقة.

وقال كوروجيت ناكورنتاب، المدير التنفيذي لمعهد البترول والطاقة المستقل في تايلندا: "إذا لم نتحرك الآن، سنضطر إلى استيراد كميات كبيرة من الغاز الطبيعي المسال لتلبية احتياجات توليد الكهرباء". وأضاف أن الاحتياطيات غير المستكشفة في الحقل المتنازع عليه قد تمد إمدادات الغاز البحرية لتايلندا لمدة 20 عاماً على الأقل.

نموذج تقاسم الإيرادات

اقترحت كل من تايلندا وكمبوديا نماذج لتقاسم الإيرادات في المنطقة المعروفة باسم "منطقة المطالبات الإقليمية المتداخلة"، والتي تحتوي على موارد تقدر بحوالي 10 تريليونات باهت تايلندي (300 مليار دولار أميركي)، وفقاً لما صرح به وزير الطاقة التايلندي السابق بيتشاي ناريبثافان.

ومن المتوقع أن تسهم المفاوضات الناجحة في استفادة شركات كبرى مثل "شيفرون"، "شل"، و"بي تي تي إكسبلوريشن آند برودكشن" التايلندية (PTT Exploration & Production Pcl)، فقد حصلت هذه الشركات على امتيازات في السبعينيات لكنها لم تتمكن من إجراء أي استكشاف في المنطقة المتنازع عليها.

موقف كمبوديا من الاستكشاف

على الرغم من اعتماد كمبوديا شبه الكامل على الوقود المستورد، إلا أنها ليست مضطرة للاستعجال في المفاوضات. فعلى عكس تايلندا، تفتقر كمبوديا إلى صناعة نفط وغاز محلية قوية، وبالتالي من المرجح أن تواصل الاعتماد على جيرانها في واردات الطاقة وإمدادات الوقود.

وفي تقرير صادر العام الماضي عن شركة الاستشارات "سي إل سي آسيا" (CLC Asia) ومقرها بانكوك، ذُكر أنه "بغض النظر عن نموذج تقاسم الإيرادات المتفق عليه، سيتعين على المنتجين والمقاولين التايلنديين تحمل الجزء الأكبر من العمل في منطقة المطالبات المتداخلة، مما يجعل الشركات التايلندية الرابح الأكبر في هذه الصفقة".

التجربة التايلندية الماليزية

سبق لتايلندا أن خاضت تجربة الاستكشاف المشترك للموارد. ففي عام 1979، توصلت إلى اتفاق مع ماليزيا حول الحدود المشتركة في الجزء السفلي من منطقة خليج تايلندا، وتم تحديد منطقة مشتركة بمساحة 7250 كيلومتر مربع لمشروع استكشاف مشترك مستمر.

أما بالنسبة للنزاع مع كمبوديا، فقد أكد المتحدث باسم الحكومة التايلندية أن المفاوضات تمثل أولوية لرئيسة الوزراء، لكنه امتنع عن تحديد جدول زمني لإنهائها.

ومع ذلك، يرى بعض المنتقدين أن تايلندا يجب أن تحل أولاً مسألة منطقة المطالبات المتداخلة، كما فعلت مع ماليزيا، قبل مناقشة الفوائد المتبادلة للاستكشاف التجاري.

وحذر السيناتور السابق، سومتشاي سوانغكارن، من ذلك قائلاً: "إذا استمرت المفاوضات على هذا النحو، فلن تنتهي أبداً، بل الحكومة هي من سينتهي". وأضاف أن أي تنازل عن السيادة التايلندية سيثير احتجاجات شعبية ضد الحكومة. وختم بقوله: "يجب التفاوض على تحديد الحدود أولاً، فهذا هو الحل الوحيد".

تصنيفات

قصص قد تهمك