الغيص: جزء كبير مما يدفعه المستهلكون بمحطات الوقود عبارة عن ضرائب

تحقق الدول المستهلكة عوائد من الضرائب على الوقود أعلى من عوائد الدول المنتجة من بيع الخام

time reading iconدقائق القراءة - 6
مضخات وقود في محطة تابعة لشركة البترول والكيماويات الصينية (سينوبك) في هونغ كونغ، الصين، يوم السبت، 23 مارس 2019 - المصدر: بلومبرغ
مضخات وقود في محطة تابعة لشركة البترول والكيماويات الصينية (سينوبك) في هونغ كونغ، الصين، يوم السبت، 23 مارس 2019 - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

الشرق

- مقال رأي

لا يمكن للعالم أن يعمل بدون النفط والمنتجات المرتبطة به. فبالنسبة للدول المستهلكة، يوفر النفط الخام البنزين والديزل ومجموعة أخرى من أنواع الوقود الضرورية للنقل، كما يمكّن من تطوير البلاستيك والأدوية والإمدادات الطبية، وغيرها الكثير. وبالنسبة لمنتجي الخام، فإن العوائد المتحصلة من هذا المورد الطبيعي تُعد حيوية لاقتصاداتهم وسكانهم.

الرواية التي نسمعها دائماً تتمثل في أن كل زيادة في أسعار االنفط الخام ترفع من تكاليف الوقود، ما يجلب عائدات متزايدة لمنتجي النفط على حساب المستهلكين. يمكن أن تؤدي هذه الرواية إلى توجيه أصابع الاتهام نحو المنتجين وإثارة المستهلكين ضدهم، بدلاً من الاعتراف بأن الجميع هم أصحاب مصلحة في صناعة الطاقة، ويتشاركون الاحتياجات والمخاوف المشروعة. علاوة على ذلك، فإن هذه الرواية لا تتفق مع الحقائق.

من المهم أن ندرك أن السعر الذي يدفعه المستهلكون في محطات الوقود يتحدد على أساس عدة عوامل: سعر النفط الخام، وتكاليف التكرير والنقل والتسويق، وهوامش شركات النفط والضرائب. يوفر تحليل هذه العوامل بعض الحقائق والأرقام الكاشفة.

مكاسب الدول المستهلكة

تحقيق الإيرادات يحدث بالفعل، لكن التحليل يظهر أن الدول المستهلكة الرئيسية للنفط تكتسب إيرادات عبر الضرائب. على سبيل المثال، تجني اقتصادات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية عائدات من بيع المنتجات البترولية بالتجزئة أعلى كثيراً مما تجنيه دول "أوبك" من بيع النفط الخام.

خلال السنوات من 2019 إلى 2023، حققت اقتصادات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إيرادات من مبيعات المنتجات البترولية بالتجزئة أعلى بنحو 1.915 تريليون دولار سنوياً في المتوسط، (على أساس متوسط ​​الأسعار المرجحة)، مما كسبته دول أوبك من عائدات النفط. وتستحوذ الضرائب على قدر كبير من أسعار التجزئة النهائية للمنتجات البترولية.

في الواقع، خلال عام 2023، ارتفع متوسط حصة إجمالي الضريبة في سعر التجزئة النهائي لدول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى 44% على أساس سنوي، وتزيد هذه النسبة في بعض بلدان المنظمة. وفي العديد من الدول الأوروبية، مثلت الضرائب أكثر من 50% من سعر التجزئة النهائي على مدار العام.

تم التأكيد على أهمية هذا المصدر من الإيرادات من قبل مكتب مسؤولية الميزانية في المملكة المتحدة، حيث أوضح أن رسوم الوقود على مشتريات البنزين والديزل ومجموعة متنوعة من الوقود الأخرى تمثل مصدراً مهماً للإيرادات الحكومية. وتوقع أن تحقق رسوم الوقود في عامي 2023 و2024 نحو 24.7 مليار جنيه إسترليني، وهو ما يمثل 2.2% من إجمالي الإيرادات، ويعادل 850 جنيهاً إسترلينياً لكل أسرة، و0.9% من الدخل الوطني.

لذلك، بالنسبة للعديد من المستهلكين، يمكن أن تمثل الضرائب عاملاً أكثر أهمية من سعر الخام الأصلي وراء شعورهم بالضيق من دفع أسعار أعلى عند مضخات الوقود.

التزامات على الدول المنتجة

بالنسبة لحكومات البلدان المستهلكة، فإن هذه الإيرادات هي في العموم مجرد ربح سهل، وسوف تستمر في تحصيله من بيع المنتجات النفطية داخل حدودها. أما بالنسبة للدول المنتجة، فجزء كبير من الإيرادات المتحصلة من بيع الخام يتم إعادة استثماره في القطاع بمشاريع الاستكشاف والإنتاج والنقل، حتى تتمكن من الاستمرار في تلبية احتياجات العالم من النفط.

بعبارة أخرى، فالدول المنتجة، التي في الغالب تواجه تحديات اجتماعية واقتصادية وفي البنية التحتية وغيرها، لا تتمتع بالحرية في إنفاق كل إيراداتها على هذه الاحتياجات، حيث يتعين عليها إعادة استثمار جزء من إيراداتها في قطاع الطاقة، من أجل تأمين الإمدادات الحالية والمستقبلية للمستهلكين.

بالطبع، حق سيادي للدول والحكومات تطوير أنظمتها الضريبية الخاصة بها، ولكن عندما يكون هناك حديث عن المخاوف المتعلقة بتأثير ارتفاع الأسعار في محطات الوقود على دخل المواطنين، فمن المهم أن نتذكر أن جزءاً كبيراً من هذا الارتفاع يأتي من الضرائب التي تتدفق إلى وزارات المالية للدول عبر أنحاء العالم. 

ما تؤكده مستويات الضرائب هذه هو أن الدول المنتجة والمستهلكة على حد سواء تدرك إمكانات النفط ومشتقاته في توليد الإيرادات، وتستخدم حكومات الدول من كلا الطرفين هذه العائدات للاستثمار في تحسين الخدمات العامة لشعوبها. ولذلك، فإن فكرة إثارة المستهلكين ضد المنتجين تشكل في حدها الأدنى تشويهاً للواقع الذي يوحد الطرفين أكثر مما يفرقهما.

وفي ملاحظة أخيرة، تحرص بعض الحكومات على الاستفادة من إمكانات توليد الإيرادات من النفط، وفي الوقت نفسه تسعى للتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري، إلى جانب دعم مصادر الطاقة الأخرى. ولكن خلال تبنيهم نهج التخلص من الوقود التقليدي، ينبغي لهذه الحكومات أن تنظر في كيفية تعويض العائدات المفقودة من الضرائب المفروضة على النفط. وهل سيكون من الضروري فرض مستويات ضريبية مماثلة على مصادر الطاقة الأخرى؟

المصدر: https://www.opec.org/opec_web/en/7371.htm

الآراء الواردة في هذا المقال تعبر عن وجهة نظر الكاتب فقط، ولا تعكس بأي حال من الأحوال موقف أو رأي "الشرق للأخبار".
تصنيفات

قصص قد تهمك

النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان

فيينا

1 دقيقة

0°C
سماء صافية
العظمى / الصغرى -1°/
11.1 كم/س
80%