بلومبرغ
بدأ العصر الذهبي لأرباح مصافي النفط يولّي مع بدء تشغيل جيل جديد من المصافي الضخمة، وتباطؤ اقتصاد الصين القوي.
تراجعت الأرباح الناتجة عن تكرير النفط الخام إلى منتجات بترولية هذا العام، مما دفع المصافي في بعض أنحاء العالم إلى خفض الإنتاج. يعود ذلك جزئياً إلى النمو الباهت في الطلب، والذي يعكس بشكل كبير الركود الاقتصادي في الصين، بجانب عنصر هيكلي يتمثل في زيادة القدرة الإنتاجية.
مجموعة من المنشآت الجديدة من الشرق الأوسط إلى أفريقيا وأميركا اللاتينية وآسيا، بما فيها عدة مصافٍ عملاقة، باشرت عملياتها التشغيلية. وتراجعت أرباح مصافي النفط بشكل حاد في الربع الأخير مع اكتمال أعمال الصيانة التي تأخرت بسبب الجائحة والحرب في أوكرانيا.
قال باتريك بويانيه، الرئيس التنفيذي لشركة "توتال إنرجيز" (TotalEnergies SE)، أكبر شركة تكرير في أوروبا، خلال مكالمة للإعلان عن الأرباح أواخر الشهر الماضي، إن "الوضع عاد إلى ما كان عليه قبل هذه الأعوام الاستثنائية، فقد أدركت شركات التكرير ضرورة العودة إلى الواقع، وتحقيق نتائج جيدة بهوامش أقل".
تأثير المصافي الجديدة
تساعد المصافي الجديدة في عكس اتجاه الازدهار الذي كان مدفوعاً بتعطل القدرة الإنتاجية خلال الجائحة، والانتعاش اللاحق في الطلب، ثم الحرب الروسية على أوكرانيا وما نتج عنها من اضطرابات في أسواق الوقود.
على الصعيد العالمي، من المقرر أن تعالج المصافي حوالي 900 ألف برميل إضافي يومياً من النفط الخام هذا العام مقارنة بالعام الماضي، وفق حسابات وكالة الطاقة الدولية. وتشمل الإضافات مصفاتين لديهما القدرة على تحسين الاقتصادات المحلية، وكذلك سوق النفط.
من المقرر أن تصبح نيجيريا منتجاً رئيسياً للوقود فور تشغيل مصفاة "دانغوتي"، التي تبلغ قدرتها الإنتاجية 650 ألف برميل يومياً، بكامل طاقتها. وبعد أن شهدت عدة تأخيرات، يُتوقع أن تبلغ مصفاة "دوس بوكاس" في المكسيك طاقتها الإنتاجية الكاملة البالغة 340 ألف برميل يومياً هذا الشهر وسط سعي الدولة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة.
كما تستعد مصفاة "شاندونغ يولونغ" في الصين لبدء التشغيل التجريبي في وقت لاحق من العام بعد عدة تأخيرات، بالإضافة إلى مصفاة "الدقم" في سلطنة عُمان التي عززت قدرتها الإنتاجية في الأشهر الأخيرة.
أفادت مجموعة "فيتول" (Vitol)، أكبر شركة تجارة نفط مستقلة في العالم، الشهر الماضي أن معدلات تشغيل المصافي العالمية ستصل إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق في وقت لاحق من العام الجاري. يأتي ذلك بعد عدد من الإضافات في 2023، حيث بدأ التشغيل الفعلي لمصفاة "الزور" الكويتية العملاقة. وعززت الولايات المتحدة قدرتها على معالجة النفط بمقدار 270 ألف برميل يومياً، مما ساعدها جزئياً في استعادة بعض الإنتاج الذي توقف خلال الجائحة.
تحديات تشغيل المصافي
مع ذلك، هناك حدود لمدى احتمالية تراجع هوامش الربح. وعادةً ما يؤدي انخفاض الأرباح إلى تقليل الحافز الذي يدفع المصافي للعمل بكامل طاقتها، مما قد يُقلص المعروض. ففي الصين، انخفضت معدلات تشغيل المصافي الخاصة في مقاطعة شاندونغ إلى 48%، لتصل قرب أدنى مستوياتها منذ مارس 2020، ويرجع ذلك جزئياً إلى ضعف الطلب على الوقود مثل البنزين والديزل.
على المدى الطويل، يتوقع أن تُغلق المصافي القديمة، خصوصاً في أوروبا. كما يثير الصيف في نصف الكرة الشمالي مخاطر حدوث اضطرابات، بدءاً من درجات الحرارة العالية إلى الأعاصير في المحيط الأطلسي التي بإمكانها التأثير على مركز التكرير في ساحل خليج الولايات المتحدة.
تعليقاً على الأمر، أوضح ماثيو لوسي، الرئيس والمدير التنفيذي لشركة التكرير الأميركية "بي بي إف إنيرجي" (PBF Energy)، في مكالمة للإعلان عن الأرباح، أن "هناك عوامل اقتصادية أثرت على معدلات تشغيل المصافي خارج البلاد. وعادةً ما تقل كفاءة الاستفادة من القدرة الإنتاجية للمصافي في الصيف".
الأداء المالي لشركات التكرير
أصبحت مشكلات صناعة التكرير واضحة خلال نتائج أرباح الشركات. فقد خالفت شركة "شيفرون" التقديرات بشكل كبير بسبب ضعف التكرير. كما لم ترق نتائج "توتال إنرجيز" الفرنسية إلى التوقعات نتيجة ضعف أعمال التكرير لديها. وخفضت شركة "فيليبس 66" (Phillips 66) تقديراتها لمعدلات الاستفادة من المصافي وستقدم موعد الصيانة المخطط لها.
قال وائل صوان، الرئيس التنفيذي لشركة "شل"، في مقابلة مع تلفزيون "بلومبرغ": "شهدنا في الأساس عودة الأسعار وهوامش الأرباح في نظام الطاقة إلى مستويات ما قبل 2022".