بلومبرغ
قلّصت شركات النفط في روسيا وتيرة الحفر هذا العام مقارنة بالعام الماضي الذي حققت فيه رقماً قياسياً، وذلك بالتزامن مع تعميق البلاد لتخفيضات الإنتاج المتفق عليها مع تحالف "أوبك+".
وفقاً لبيانات القطاع التي اطلعت عليها "بلومبرغ نيوز"، جرى حفر آبار إنتاج بمسافة 14370 كيلومتراً (8930 ميلاً) في روسيا خلال الفترة من يناير إلى يونيو، مما يمثل انخفاضاً بنسبة 2.5% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق. يأتي هذا التباطؤ في أعقاب التعاون الطوعي لموسكو مع عدة دول من منظمة البلدان المصدرة للبترول، بما في ذلك المملكة العربية السعودية، لضمان استقرار سوق النفط العالمية.
قال سيرجي فاكولينكو، الذي عمل لمدة عقد كمسؤول تنفيذي في إحدى شركات النفط الروسية وهو حالياً باحث في مؤسسة "كارنيغي للسلام الدولي": "تعمل سقوف الإنتاج الحالية والمتوقعة التي حددها تحالف أوبك+ كعامل مثبط لنمو الإنتاج، وتحد من مقدار رأس المال الذي تعتبره شركات النفط الروسية معقولاً للإنفاق على الحفر"، مضيفاً أن"الشركات تحفر بالقدر المناسب فقط للحفاظ على المستوى الحالي، ولمواصلة القدرة الاحتياطية، ولكن ليس أكثر من ذلك". ولم ترد وزارة الطاقة الروسية فوراً على طلب التعليق.
خفض إنتاج النفط في روسيا
تنفذ روسيا مجموعتين من تخفيضات الإنتاج وفقاً لاتفاق "أوبك+"، والتي يعتبرها التحالف "طوعية" بسبب عدم مشاركة جميع أعضاء التحالف فيها. وتم الإعلان عن أول تخفيض قدره 500 ألف برميل يومياً في أوائل العام الماضي، تلاه تخفيض قدره 471 ألف برميل يومياً، تم التعهد به للفترة من يونيو إلى سبتمبر. ومن المقرر أن يبقى مستوى الإنتاج في البلاد عند 8.978 مليون برميل يومياً حتى أكتوبر، عندما تبدأ الدولة في التخلص التدريجي من هذه القيود وفقاً لاتفاق "أوبك+".
في الوقت الذي تقلص فيه روسيا إنتاجها هذا العام، لا تزال تضخ النفط الخام بأعلى من المستويات المتفق عليها. وفي يونيو، أنتجت البلاد 9.139 مليون برميل يومياً، وفقاً لأحدث تقرير شهري لـ"أوبك" استناداً إلى مصادر ثانوية. تخطط موسكو لإجراء تخفيضات إضافية في أكتوبر ونوفمبر من العام الجاري، وتخفيضات أخرى بين مارس وسبتمبر 2025، مع تنفيذ تخفيضات تعويضية إجمالية تقارب 15 مليون برميل على مدار تلك الفترة.
ربما يكون خفض تشغيل المصافي أثر أيضاً على وتيرة الحفر الأبطأ هذا العام، وفقاً لدميتري كاساتكين، الشريك في "كاساتكين كونسلتينغ" (Kasatkin Consulting)، والتي يعمل لديها عدد من المستشارين السابقين بشركة "ديلويت" في المنطقة.
تضررت عدة مصافٍ روسية منذ بداية العام بعد تعرضها لهجمات بطائرات بدون طيار أوكرانية. في الأسابيع الأخيرة، وزاد القطاع المحلي من معدلات المعالجة بعد أعمال الصيانة المخطط لها والإصلاحات الطارئة.
صمود روسيا أمام العقوبات
قيود الإمدادات التي فرضها "أوبك+" هذا العام خفضت الزيادة في الحفر الروسي التي شهدها العامان الماضيان، والتي أثبتت صمود صناعة النفط في البلاد أمام عقوبات غير مسبوقة بسبب غزو أوكرانيا. واستهدفت القيود الغربية على توريد معدات وتقنيات الطاقة تقليص قدرة روسيا على إنتاج النفط، وهو مصدر رئيسي للعائدات المالية للكرملين.
ارتفع إجمالي عمليات الحفر في روسيا بمتوسط 7.5% بين عامي 2022 و2023، بما في ذلك عمليات الحفر التي تستخدم طرقاً أكثر تقدماً تقنياً. وتجاوزت حصة الحفر الأفقي 64% من الإجمالي في النصف الأول من العام، مقارنة بـ54% في 2021، وفقاً لبيانات القطاع.
قال رونالد سميث، محلل قطاع النفط والغاز في "بي سي إس غلوبال ماركتس" (BCS Global Markets) الواقع مقرها بموسكو: "التأثير المشترك لزيادة الحفر، والتركيز الأكبر على الحفر المتقدم يرجح حفاظ روسيا على قدرتها الإنتاجية للنفط الخام قبل تخفيضات أوبك+ البالغة 10.5 مليون برميل يومياً على الرغم من التحديات التشغيلية المتعلقة بالعقوبات، وحتى مع انخفاض إنتاج النفط إلى حوالي 9 ملايين برميل يومياً".
يُتوقع أن ينخفض إجمالي عمليات الحفر الجديدة في روسيا بشكل طفيف إلى 29400 كيلومتر هذا العام، لكنه لا يزال يتجاوز المتوسط المسجل في الفترة من 2019 إلى 2022. ومن المتوقع أن يتجاوز الإجمالي 30 ألف كيلومتر في العام المقبل، وفقاً لتقديرات "كاساتكين كونسلتينغ".
قال فاكولينكو: "تكيفت شركات النفط الروسية مع الطريقة الجديدة للعمل". ولا توجد مؤشرات على "عدم توفر التكنولوجيا، أو تدهور جذري في قاعدة الإنتاج".