لماذا تترقب أسواق النفط اجتماع "أوبك+" يوم الخميس؟

time reading iconدقائق القراءة - 7
الأمير عبد العزيز بن سلمان، وزير الطاقة السعودي - المصدر: بلومبرغ
الأمير عبد العزيز بن سلمان، وزير الطاقة السعودي - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

يستعد تحالف" أوبك+"، الذي يضمُّ الدول الأعضاء في منظمة البلدان المصدِّرة للنفط "أوبك"، فضلاً عن دول من خارجها بقيادة روسيا، لاتخاذ قرار بشأن إنتاج النفط، في حين تعتقد الدول المنتجة أنَّ تبني نهج شديد الحذر يؤتي ثماره.

وتعرَّض التحالف بقيادة السعودية لانتقادات واسعة قبل ثلاثة أسابيع، عندما رفضت دعوات لزيادة إنتاج النفط الخام الذي تمَّ كبحه مع بداية تفشي وباء كورونا.

وأوضح وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، أنَّه لن يضع ثقته في التنبؤات بانتعاش الطلب على النفط في مرحلة ما بعد كوفيد ، قائلاً، إنَّه سيؤمن فقط بتعافي الطلب واقعياً.

ومنذ ذلك الحين، أظهر الطلب على الوقود في الولايات المتحدة علامات قوية على الانتعاش.

لكنَّ عودة ظهور الفيروس في أماكن أخرى أقنع التحالف أنَّه تصرَّف بالطريقة المناسبة، وفقاً للعديد من المندوبين لدى " أوبك+" الذين طلبوا التحدث دون الكشف عن هويتهم.

ويتوقَّع المندوبون أنَّ التحالف سيمتنع مرة أخرى عن زيادة الإنتاج بشكل كبير عندما يجتمع في الأول من أبريل.

وقالت هيليما كروفت، كبيرة استراتيجيي السلع في "آر بي سي كابيتال ماركتس": "يظل الأمير عبد العزيز قلقاً دائماً، فهو غير مستعد للقول، إنَّ كوفيد في مرآة الرؤية الخلفية.. على الأرجح، نحن نتطلَّع إلى تمديد السعودية لخفض إنتاجها".

الطلب الهش

ويدرس التحالف يوم الخميس ما إذا كاد سيعيد ضخ جزء من 8 ملايين برميل يومياً، حوالي 8% من الإمدادات العالمية، في حين لا يزال الطلب على الوقود منخفضاً.

وساعد تدخُّل "أوبك+" في تعزيز أسعار النفط الخام بنسبة تزيد عن 20% حتى الآن خلال 2021 مع استمرار التداعيات الاقتصادية للوباء. وعزَّز التحالف من إيرادات كافة أعضاء صناعة النفط العالمية التي تواجه عقبات.

وقبل ثلاثة أسابيع، تعرَّض التحالف لانتقادات، ورأى مراقبون أنَّ القرار المفاجئ الذي اتخده التحالف بعدم زيادة الإنتاج، بقيادة وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز؛ هو محاولة لرفع الأسعار، وقد يأتي بنتائج عكسية من خلال الإضرار بالطلب، وتشجيع منافسي "أوبك" على الاستثمار في الإمدادات الجديدة.

وفي الأيام التي أعقبت اجتماع 4 مارس، ارتفع خام برنت إلى 70 دولاراً للبرميل، مما دفع الهند، إحدى الدول الرئيسية المستهلكة للنفط، للاحتجاج على المتاعب المالية نتيجة ارتفاع أسعار النفط.

ومع ذلك سرعان ما تراجعت حدَّة صعود أسعار النفط مع إعادة أوروبا فرض عمليات الإغلاق لاحتواء سلالة متحوِّرة من فيروس كورونا، في حين تواجه الهند، والبرازيل، تفاقم تفشي الفيروس.

وتباطأت تجارة النفط الخام في آسيا، فقد أخفق الموسم السياحي الباهت في تحفيز الطلب على الوقود. وفي غضون ذلك، تضخَّمت إمدادات النفط مع زيادة صادرات إيران إلى الصين، متحدية العقوبات الأمريكية.

الحذر السعودي

وفي غضون أسبوع من ارتفاع الخام لأعلى مستوى في عام، تراجعت أسعار النفط في العقود الآجلة بنحو 10 دولارات.

وبغضِّ النظر عن الدافع الفعلي وراء خطوة الرياض، فلم تكن استراتيجيتها وسيلة لرفع الأسعار، أكثر من كونها وسيلة حذرة لمواجهة انهيار الأسعار.

ويعتزم تحالف " أوبك+" مناقشة ما إذا كان سيعيد ضخ حصة من 1.2 مليون برميل يومياً من الإنتاج الذي التزمت بإعادته إلى السوق على مراحل خلال 2021.

وفي الوقت نفسه، ستراجع السعودية موقفها بشأن التخفيض الطوعي بمقدار مليون برميل يومياً منذ فبراير لتسريع عملية القضاء على تخمة النفط المتبقية. كما تعهدت المملكة باستعادة ضخ كمية الخفض الإضافي التطوعي تدريجياً، لكنَّها لم تحدِّد مواعيد مؤكَّدة للقيام بذلك.

ومع استمرار انخفاض أسعار النفط بشكل كبير عن المستويات التي تحتاجها العديد من دول "أوبك" لتغطية الإنفاق الحكومي، يقول المندوبون، إنَّه من المتوقَّع أن يتحرَّك التحالف بحذر مرة أخرى في اجتماع يوم الخميس.

الدول التي تحظى بأفضلية في التعامل

وحال الموافقة على زيادة الإنتاج في الاجتماع المقرر يوم الخميس، فمن المرجَّح أن تكون من جانب روسيا وكازاخستان.

وفي الاجتماعات القليلة الماضية، منح التحالف الدولتين ( روسيا- كازاخستان) إعفاء خاصاً للشروع في استعادة الإمدادات التي تصل إلى حوالي 300 ألف برميل يومياً مناصفة بينهما.

ولا تواجه الحكومة الروسية الحاجة المالية نفسها لارتفاع الأسعار مثل السعودية، لذا فإنَّ منحها المجال لضخِّ المزيد قليلاً، في حين تحافظ الدول الأخرى على ضبط وتيرة الإنتاج، يُنظر إليه على أنَّه الثمن الذي يجب أن تدفعه الرياض لضمان استمرار التعاون من جانب موسكو، بحسب ما قال بيارن شيلدروب، كبير محللي السلع في

" إس إي بي أيه بي" ( SEB AB).

وأضاف شيلدروب: "ربما يكون التحالف متوافقاً مع ذلك ( منح روسيا، وكازاخستان إعفاء خاصاً لزيادة الإنتاج". علماً أنَّ بقية أعضاء "أوبك+" "ستبقي الإنتاج مستقراً خلال مايو، في ضوء ضعف سوق النفط الفعلي حالياً".

ومن المرجَّح أن يزيد التحالف المؤلَّف من 23 دولة الإنتاج في وقت لاحق من 2021. ويتحسَّن الطلب على النفط في الولايات المتحدة، أكبر دولة مستهلكة للنفط في العالم، وأعلى بالفعل من مستويات ما قبل الفيروس في الصين، ثاني أكبر دولة تستهلك النفط.

توقعات النصف الثاني

وتتوقَّع "أوبك" تلاشي فائض مخزونات النفط المتراكمة خلال الأشهر القليلة المقبلة، مع توزيع اللقاح، والسماح للاقتصادات بالعودة إلى طبيعتها، وتسريع الاستهلاك بشكل أكبر،

وتشير مقاييس الأسعار طويلة الأجل في العقود الآجلة إلى أنَّ المخزونات ستقل أو تتراجع بشكل حادٍّ في النصف الثاني من العام الجاري.

وقال جان ستيوارت، خبير شؤون الطاقة العالمي في " كورنرستون ماكرو إل إل سي" ( Cornerstone Macro LLC ) في نيويورك: "تتعافى الصين بقوة كبيرة جداً والاقتصادات الأخرى معها.. في مرحلة ما ، ربما ، تقرِّر السعودية أنَّه من المهم عدم تنفير (الدول) التي تعتمد عليها من أجل النمو".

وقد تواجه الرياض وشركاؤها أيضاً المزيد من الإلحاح لاستعادة الإنتاج المتجمِّد، إذا أصبح مشروع القانون المقدَّم في مجلس الشيوخ الأمريكي الأسبوع الماضي لمعاقبة أوبك على "تثبيت الأسعار" قانوناً، ودخل حيز التطبيق.

ولكن لا يبدو أنَّ إقرار العقوبات ضد "أوبك" سيحدث في الوقت الراهن. وفي غضون ذلك، يراقب العديد من منتجي " أوبك" بقلق التطورات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة وإيران العضو في المنظمة.

وفي حين أنَّ طهران وواشنطن ما زالا على غير اتفاق، فإنَّ الاتفاق النووي المتجدد بين البلدين - الذي يسعى إليه الرئيس جو بايدن - يمكن أن يرفع العقوبات المفروضة عن نحو مليوني برميل يومياً من إنتاج النفط الإيراني، ويخاطر بحدوث اضطرابات في السوق النفطية مرة أخرى.

وقال مارتين راتس، محلِّل النفط في "مورغان ستانلي"، في مقابلة تلفزيونية مع

بلومبرغ، إنَّه في حال ضخ النفط الإيراني في السوق بنهاية 2021، فسيكون من الأسهل استيعابه.. وإذا تدفَّق النفط الإيراني بالسوق في وقت مبكِّر قبل نهاية العام، ستحتاج "أوبك" إلى إيجاد طريقة لاستيعابه.

تصنيفات