بلومبرغ
يسابق كيفن غالاغر، الرئيس التنفيذي لشركة "سانتوس" (Santos) الأسترالية، الزمن، فبعد أن نال الرجل الإسكتلندي، صاحب الخبرة في صناعة النفط والغاز الأسترالية، الإشادة لتحويله "سانتوس" إلى ثاني أكبر منتج للوقود الأحفوري في أستراليا خلال أقل من عقد، فإن عليه الآن تسريع استراتيجية النمو الطموحة التي من شأنها أن تعزز مكانة الشركة كمنافس دولي يصنف جنباً إلى جنب مع "وودسايد إنرجي غروب" (Woodside Energy Group) و"إيني"-وكل ذلك في وجود مستثمرين ينفد صبرهم بسرعة، ومقدمي عروض شراء يسعون للاستحواذ عليها.
وإذا تعثر غالاغر في مهمته؛ فإن سعر السهم المتراجع للشركة (البالغة قيمتها 17 مليار دولار) قد يجعلها عرضة للخطر كواحدة من أكثر الأهداف المرغوبة لصفقات الاستحواذ في هذا القطاع.
اتفاقية الأصفاد الذهبية في "سانتوس"
مع انتهاء اتفاقية "الأصفاد الذهبية" البالغة قيمتها 6 ملايين دولار أسترالي (4 ملايين دولار) في نهاية العام المقبل (وهي عبارة عن ترتيب مالي أو منفعة مصممة لتشجيع الموظفين على البقاء مع الشركة لفترة معينة من الزمن)، وسط غياب خليفة واضح ووجود مقدمي عطاءات محتملين جدد، بدأ المساهمون يتساءلون عما إذا كان رئيس "سانتوس" قادراً على تحقيق ذلك.
قال سول كافونيك، محلل الطاقة في شركة "إم إس تي ماركي" ( MST Marquee) ومقرها سيدني: "رأى المستثمرون أن غالاغر أحد أفضل الرؤساء التنفيذيين في أستراليا خلال السنوات الخمس الأولى من ولايته. لكن سمعته شُوهت خلال الشوط الثاني، مع خفض تصنيف سانتوس عدة مرات. لقد كان غير قادر على الوفاء بجميع الوعود التي أعطاها للسوق، وبدأت الشكوك تحيط بقيمة عمليات الاستحواذ التي أجراها".
مساع لتعزيز نمو "سانتوس"
تتوقف خطة غالاغر لتحسين وضع "سانتوس" على زيادة حجم الإنتاج بأكثر من 50% بحلول نهاية العقد، مما يمنح الشركة واحدة من أقوى مسارات النمو في منطقة آسيا والمحيط الهادي، وفق نيل بيفريدج، أحد كبار المحللين في شركة "سانفورد سي بيرنشتاين آند كو" (Sanford C. Bernstein & Co) . والتوسع مرهون إلى حد بعيد باستمرار شهية المنطقة للغاز مع ابتعادها عن النفط والفحم.
لكن هذا الوعد لم يُترجم بعد إلى رفع قيمة الشركة، حيث كان أداء "سانتوس" دائماً أقل من أقرانها. وارتفع السهم بنحو 8% في السنوات الثلاث حتى نهاية يونيو-مقارنة مع 27% لشركة "وودسايد" و83% لشركة "إكسون".
كما فشلت أصول "سانتوس" القديمة بأستراليا في إقناع المستثمرين الباحثين عن النمو، وتراجعت أرباحها وعوائد إعادة الشراء، في حين لا يزال التقدم البطيء في المشروعات الجديدة الرئيسية، بما في ذلك في بابوا غينيا الجديدة، يؤثر سلباً على الشركة.
والنتيجة هي أن "سانتوس" اضطرت بالفعل إلى رفض محاولات استحواذ متعددة، بما في ذلك من منافستها الأسترالية "وودسايد". ومنذ ذلك الحين، ظهر المزيد من مقدمي العروض، وكان آخرهم شركة "بترول أبوظبي الوطنية" (أدنوك) و"أرامكو السعودية"، وفق أشخاص مطلعين على الأمر.
قال غالاغر للمستثمرين في نوفمبر: "نحن محبطون للغاية بسبب سعر سهمنا"، مدركاً أن الشركة أصبحت هدفاً جذاباً للمنافسين المتلهفين. ويقول المحللون والمسؤولون التنفيذيون في الصناعة إن غالاغر صامد في الوقت الحالي.
وقال في مقطع مصور داخلي للموظفين في ديسمبر: "سانتوس لا تحتاج إلى هذه الصفقة"، في إشارة إلى المحادثات مع "وودسايد"، والتي انهارت لاحقاً. وأضاف "لدينا قاعدة أعمال قوية للغاية ولهذا السبب هناك اهتمام بنا". ولم ترد "سانتوس على" طلب للتعليق.
رحلة غالاغر مع "سانتوس"
غالاغر هو مهندس حفر جاء لأول مرة إلى أستراليا للعمل مع "وودسايد" بعد فترة قضاها في بحر الشمال، وتولى منصب الرئيس التنفيذي لشركة "سانتوس" في 2016 بعد قيادة شركة "كلاف" (Clough) الهندسية. وكانت الشركة عندما تولاها في حالة ركود، وتكافح من أجل التكيف مع انخفاض أسعار النفط، وتعثر الأسهم، وتأخر المشروعات.
لكن غالاغر خفض تكاليف الحفر وعزز الربحية من أصول الغاز القديمة للشركة. ومكن ذلك الشركة المنتجة للنفط والغاز من التغلب على تقلبات أسواق الطاقة بشكل أفضل، وتحقيق أرباح أقوى حازت على ثقة المستثمرين.
ووضع نصب عينيه التوسع من خلال عمليات الاستحواذ-أولاً مع منتج الطاقة "كوادرانت إنرجي" (Quadrant Energy) في 2018، ثم الاستحواذ لاحقاً على شركة "أويل سيرش" (Oil Search) التي تركز على بابوا في 2021.
لذلك، عندما كان غالاغر مرشحاً لتولي أعلى منصب في "وودسايد" في ذلك العام، وافق مجلس إدارة "سانتوس" على صفقة مكافآت لإبقائه حتى نهاية 2025. لكن هذا الموعد النهائي أصبح قريباً الآن، كما واجهت مسيرة النمو عقبات.
وأحد المشروعات ذات الأولوية لشركة "سانتوس" هو "باروسا"، الذي تعرض لانتقادات كونه من بين أكثر مشروعات الغاز تلويثاً في العالم. ويتعين على غالاغر أن يحصل على الموافقات الصعبة ويواجه الهيئات التنظيمية والقضايا المرفوعة من أطراف خارجية، مما يهدد بتأخير المشروع من بدايته في 2025. وبدون "باروسا"، لا تستطيع "سانتوس" استئناف الإنتاج في مصنع داروين للغاز الطبيعي المسال، الذي أغلق العام الماضي بعد نضوب حقل غاز قديم.
في الوقت نفسه، هناك مشروع آخر-التوسع في مصنع قائم لتصدير الغاز الطبيعي المسال-يواجه صعوبات في المضي قدماً، حيث تغير الحال رأساً على عقب بالنسبة لمنشأة بابوا بسبب المفاوضات الحكومية، وبعدها جائحة كورونا. وأخرت "توتال إنرجيز"، التي ستشغل المنشأة، قرار الاستثمار النهائي إلى 2025، ويتوقع المحللون أن هذا الموعد قد يتأجل أكثر-أو أن يُلغى تماماً.
وانتقد مستثمر نشط- شركة "سنو كاب" (Snowcap) التي مقرها المملكة المتحدة- خطة الشركة للإنفاق القوي على أنشطة الاستكشاف والإنتاج. وطالب بدلاً من ذلك بانضباط رأسمالي أقوى وعوائد أفضل. وحث مساهمون آخرون الشركة على فصل أصول الغاز الطبيعي المسال المرغوبة عن عمليات النفط في ألاسكا وأعمال الغاز المحلية في أستراليا للاستفادة من التقييمات الأعلى.
وقال هنري كينرسلي، المؤسس المشارك لشركة "سنو كاب" عبر البريد الإلكتروني: "نود أن نرى التزاماً أقوى من الشركة بعائد رأس المال"، مضيفاً أنه بعد الاجتماع مع غالاغر، تم تشجيع الشركة على الانضباط، لكنها واصلت الإنفاق على مزيد من الأشياء.
ليس لزاماً على غالاغر مغادرة الشركة عندما تنتهي صفقة المكافآت الخاصة به في العام المقبل، فمن الممكن أن يبقى على وضعه الحالي. ومع عدم وجود خليفة واضح، فمن المؤكد أن قرار المضي قدماً من شأنه أن يترك "سانتوس" عرضةً للخطر. والبقاء من شأنه أن يزيد من المخاطر على إنجاز الهدف.
قال بيفريدج من "بيرنشتاين": "من المحتمل أن كيفن يريد إتمام الخطة. لا نزال في منتصف هذه الخطة. والتنفيذ هو الحل بالتأكيد".