الشرق
أعلنت الحكومة المصرية عن قرب انتهاء أزمة انقطاع التيار الكهربائي، مؤكدة وقف تطبيق خطة تخفيف الأحمال الكهربائية بدءاً من نهاية يوليو المقبل، بحسب مصطفى مدبولي رئيس الوزراء المصري خلال تصريحات تلفزيونية اليوم.
يأتي ذلك بعد أن أعلنت وزارة البترول المصرية أمس، استمرار خطة تخفيف أحمال الكهرباء التي بدأ تنفيذها أمس الأول بمقدار ساعة إضافية لتصل إلى 3 ساعات يومياً حتى نهاية الأسبوع الحالي، بهدف الحفاظ على التشغيل الآمن والمستقر لشبكة الغاز ومحطات إنتاج الكهرباء، بحسب بيان للوزارة.
مدبولي أرجع سبب الأزمة خلال آخر يومين إلى خروج أحد الحقول التي تضخ الغاز من دول الجوار من الخدمة وتوقفه لأكثر من 12 ساعة، وبالتالي تعطل ضخ الغاز لمدة 12 ساعة.
وأوضح أنه تمت الموافقة على تخصيص 1.180 مليار دولار لتوفير المنتجات اللازمة، قائلاً: "وجهت وزيرَيْ البترول والكهرباء بالتعاقد الفوري على الكميات التي نحتاجها حتى نمر بفترة الصيف دون انقطاع".
أضاف رئيس الوزراء المصري: "اعتباراً من الأسبوع القادم، تخفيف الأحمال سيكون لمدة ساعتين فقط، ومع الأسبوع الثالث من يوليو سنوقف تماماً قطع الكهرباء خلال الصيف".
إغلاق مبكر للمحلات التجارية لتوفير الكهرباء
كما وجه مدبولي بإغلاق المحال التجارية في الجمهورية بداية من الشهر المقبل الساعة 10 مساءاً، عدا الصيدليات والمطاعم والسوبر ماركت حتى 1 صباحاً بهدف الترشيد.
أوضح رئيس الوزراء أن مصر مرت بثلاث موجات حر لم تشهدها من قبل خلال يونيو، وأضاف: "فيما نواجه في الصيف زيادة بالطلب والاستهلاك، وتوقفنا تماماً عن التصدير في الصيف، كما أننا نستورد لتغطية احتياجات الدولة".
تراجع إنتاج الغاز الطبيعي في مصر العام الماضي إلى أدنى مستوياته منذ 2017، حسبما تظهر أرقام مبادرة بيانات المنظمات المشتركة "جودي"، ليبلغ 59.29 مليار متر مكعب، بانخفاض 11.5% عن 2022 على أساس سنوي.
بدأت مصر الشهرين الماضيين بشراء شحنات الغاز الطبيعي المسال في خطوة نادرة لتجنب انقطاعات الكهرباء. واشترت شركة "إيجاس" الحكومية مؤخراً أكثر من شحنة على الأقل من الغاز الطبيعي المسال للتسليم الفوري إلى محطة العقبة للتغويز في الأردن، لنقلها عبر الأنابيب إلى مصر، قبل وصول سفينة تغويز "هوج" استأجرتها مصر لاستيراد الغاز الطبيعي المسال مباشرة إلى أراضيها.
حقل ظُهر
ساهم اكتشاف حقل "ظُهر" في 2015 بفتح شهية المستثمرين لقطاع الغاز في البلاد وزيادة عدد الآبار المكتشفة، وأدى إلى توقف البلاد تماماً عن استيراد الغاز بنهاية سبتمبر 2019، ثم تصديره. وعلى الجانب الآخر، كان أيضاً من أهم أسباب معاودة البلاد للاستيراد بعد تراجع إنتاجه لنحو ملياري قدم مكعب يومياً مقارنة مع أرقام تجاوزت 3 مليارات قدم مكعب في بعض الأوقات، بجانب توقف "إيني" عن ضخ استثمارات جديدة بالحقل والاكتفاء بعمليات التنمية الحالية للحقول -وليس حفر حقول جديدة- لحين حصولها على متأخراتها المالية لدى الحكومة المصرية.
وصلت مستحقات الشركات الأجنبية العاملة بالاستكشاف والتنقيب واستخراج النفط والغاز لدى "الهيئة المصرية العامة للبترول" لنحو 4.5 مليار دولار، بحسب تقرير صندوق النقد الدولي.
سددت مصر 1.5 مليار دولار من مستحقات شركات النفط الأجنبية في مارس الماضي، ووعدت مصر الشركات -وفقاً لما أعلنه مصطفى مدبولي رئيس الوزراء نهاية مايو- بسداد دفعة جديدة من المستحقات خلال الأسبوع الأول من يونيو الجاري، وهو ما لم يحدث حتى الآن.
ومنذ انتهاء عطلة عيد الفطر، تطبق مصر نظام تخفيف الأحمال الكهربائية، إذ تقوم بقطع التيار الكهربائي لمدة تتراوح من ساعتين إلى ثلاث يومياً بالتناوب بين المناطق المختلفة، وهو الإجراء الذي يقابل بسخط شعبي كبير، لكن لا حل أمام الحكومة سوى قطع الكهرباء وسط نقص الإنتاج وتراجع الاستيراد وزيادة الاستهلاك، في ظل عدم سداد مستحقات الشركاء الأجانب بالقطاع من أجل حفر آبار جديدة لتعويض تناقص الحقول الطبيعي.
الغاز الإسرائيلي
رغم اعتماد مصر على الغاز الإسرائيلي لتلبية جزء من الطلب المحلي، مع تصدير الفائض على شكل غاز مسال إلى أوروبا بشكل أساسي خلال أشهر الشتاء فقط، هبطت واردات مصر من الغاز الطبيعي المسال الإسرائيلي منذ بداية الشهر الجاري 26% لتبلغ ما يقارب 850 مليون قدم مكعب حالياً، بحسب مسؤول حكومي تحدث إلى "الشرق" في وقت سابق من الشهر الجاري شريطة عدم الكشف عن اسمه، بسبب دخول بعض المحطات بإسرائيل للصيانة، فضلاً عن زيادة الاستهلاك المحلي هناك مع ارتفاع درجات الحرارة، وهو ما شكل عبئاً آخر يضاف إلى مصر.
بدأت مصر استيراد الغاز من إسرائيل للمرة الأولى في 2020، في صفقة قيمتها 15 مليار دولار بين شركتي "نوبل إينرجي" -التي استحوذت عليها "شيفرون" في 2020- و"ديليك دريلينغ" من جانب، وشركة "دولفينوس" القابضة المصرية من جانب آخر.