بلومبرغ
قد يؤدي التغيير المفاجئ لوزير النفط الليبي إلى تحفيز الصفقات، وإنعاش قطاع الطاقة المحاصر بالأزمات في الدولة العضو بمنظمة "أوبك"، لكن الصورة السياسية المشرذمة لا تزال تلقي بالعديد من العراقيل أمام جهود الشركات العالمية للتفاوض.
خلال الأسبوع الجاري، تم إيقاف وزير النفط محمد عون عن العمل، على خلفية تحقيق تجريه هيئة حكومية بشأن انتهاكات مزعومة تشمل "التحايل على القانون، وإهدار المال العام". وبعد ساعات قليلة، تم تعيين بديل من داخل مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط التي تديرها الدولة، والتي كانت في كثير من الأحيان على خلاف مع الوزارة بشأن السياسة. نفى عون ارتكاب أي مخالفات، وطالب بالتعجيل في إجراء التحقيق.
من المرجح أن يؤدي انتقال خليفة عبدالصادق إلى المنصب المحتدم إلى التنسيق بين المؤسسة الوطنية للنفط والوزارة، مما قد يمهد الطريق لإنعاش القطاع على المدى القصير، والذي يعد محورياً بالنسبة إلى اقتصاد ليبيا ومصدراً مهماً لإمداد الأسواق العالمية. لا يزال من غير المؤكد ما إذا كان ذلك سيؤدي إلى زيادة مستدامة في الإنتاج، لأن الخلافات المحتدمة في الدولة الواقعة في شمال أفريقيا والمنقسمة بين حكومات متنافسة يمكن أن تفاقم اضطرابات القطاع بوتيرة متسارعة.
تسهيل اتفاقيات مع شركات النفط الأجنبية
إقالة الوزير من شأنها ان تزيح إحدى العقبات التي تعترض الاتفاقيات الأخيرة رفيعة المستوى مع الشركات الأجنبية بالقطاع، وفقاً لما ذكره إلياس صديقي، المدير المساعد في شركة "ويسبرينغ بيل" المتخصصة في إدارة المخاطر. لكنه قال: "في ظل ولاية عون أو بدونه" فإن الحكومة في طرابلس "ستجد صعوبة في تنفيذ صفقات جديدة محلياً دون أي مقاومة".
تمتلك ليبيا أكبر احتياطيات من النفط الخام في أفريقيا، ولكنها تأثرت بصراع سياسي امتد لأكثر من عقد، وكثيراً ما يكون الإنتاج رهينة للصراعات بين الإدارات المتنافسة في طرابلس والشرق. انخفض الإنتاج الذي وصل إلى ما يقرب من 1.8 مليون برميل يومياً في 2008 إلى حوالي 100 ألف برميل يومياً بعد مقتل معمر القذافي في الحرب الأهلية في عام 2011. ويتعرض الإنتاج لتقلبات منذ ذلك الحين، ويبلغ حالياً حوالي 1.2 مليون برميل يومياً.
تم تعيين عون وزيراً للنفط في عام 2021، حيث حاولت حكومة رئيس الوزراء عبدالحميد الدبيبة المعترف بها دولياً ومقرها في العاصمة طرابلس، فرض ضوابط أكبر على المؤسسة الوطنية للنفط. وكان رئيس مجلس إدارة الشركة الحكومية منذ فترة طويلة، مصطفى صنع الله، يدير القطاع فعلياً لسنوات في غياب وزير للنفط.
انقسامات وفوضى
أثارت محاولة عون لفرض سيطرته انقسامات عميقة وفوضى في القطاع، وأسفرت عن محاولات الوزير للإطاحة بصنع الله في 2021. وتمكّن صنع الله من الصمود قبل أن يُجبر على الاستقالة في العام التالي، في خطوة يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها حل وسط بين الفصائل الليبية المتناحرة.
كما رفض عون بعض الصفقات والاتفاقات التي دعمها الرئيس الجديد للمؤسسة الوطنية للنفط فرحات بن قدارة والحكومة في طرابلس، مما زاد من توتر العلاقات.
وانهار اتفاق مع شركة "إيني" الإيطالية لاستثمار 8 مليارات دولار في حقلين للغاز في البحر المتوسط العام الماضي بعد أن قال عون إن الصفقة تمت دون موافقة الوزارة. وقال أيضاً إنها أعطت "إيني" حصة كبيرة جداً.
عقبات أكبر
تبيّن أن عون لم يكن شخصية "تابعة"، مما يعني أنه لم تعد هناك حاجة إليه، وفق جلال حرشاوي، الزميل المشارك في معهد "رويال يونايتد سيرفسز" ومقره في لندن. وقال: "يحتاج الدبيبة الآن إلى إظهار مبادرات ملموسة للغاية في مجال الطاقة دون التلكؤ لأسابيع وأشهر من المماطلات والحيرة بين المؤسسة الوطنية للنفط ووزارة النفط".
كما عرقل عون صفقة أُبرمت مؤخراً مع الإمارات لتطوير حقل الظهرة في وسط ليبيا.
قال صديقي من "ويسبرينغ بيل" إن المزيد من التنسيق بين الوزارة والمؤسسة الوطنية للنفط لن يؤدي تلقائياً إلى المزيد من الصفقات، مشيراً إلى تواجد "المزيد من العقبات التي يجب التغلب عليها بما في ذلك التحديات الأمنية المحلية وحسابات القبائل، وإدارة الجهات المعنية".
لكي يعود إنتاج النفط إلى مستويات ما قبل 2011، لا بد من استثمار مستدام، فضلاً عن تحقيق السلام الدائم والاستقرار السياسي.
قال صديقي إنه في حين أن شركات النفط لديها رغبة كبيرة في خوض غمار المخاطرة في ليبيا، فإنها تراقب عن كثب السياسات الداخلية بين مسؤولي النفط، وهو أمر "يقوّض التخطيط طويل المدى، ويستنفذ موارد كثيفة".