الشرق
رغم انتعاش الطلب على النفط بعد كبوة العام الماضي نتيجة لتداعيات وباء كورونا، إلا أن وكالة الطاقة الدولية توقعت أن الطلب على النفط لن يعود أبداً لمستويات ما قبل الوباء، حيث أشارت التوقعات الأخيرة للوكالة لوصول معدل الطلب إلى 104 ملايين برميل يومياً في عام 2026 ولكن التحول للطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية وتغير سلوك البشر نتيجة الوباء سيقلل من استهلاك النفط بمعدل 5.6 مليون برميل يومياً أي سيكون معدل الطلب دون مستوى 100 مليون برميل يومياً.
وتحولت توقعات الطلب العالمي على النفط إلى مستوى أدنى، وقد يصل الطلب إلى ذروته في وقت أبكر مما كان يعتقد سابقا إذا تحول التركيز المتزايد من جانب الحكومات على الطاقة النظيفة إلى سياسات أقوى، وأصبحت التغييرات السلوكية الناجمة عن الوباء عميقة الجذور.
وعلق فاتح بيرول، المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية في تقرير اليوم بقوله، "من المتوقع أن يرتفع الطلب العالمي على النفط كل عام من الآن وحتى عام 2026، ولكن لكي يصل الطلب العالمي على النفط إلى ذروته في أي وقت قريب، هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات مهمة على الفور لتحسين معايير كفاءة الوقود، وتعزيز مبيعات السيارات الكهربائية والحد من استخدام النفط في قطاع الطاقة".
وأضاف بيرول، يمكن لهذه الإجراءات مع زيادة العمل عن بعد، وتقليل السفر التجاري أن تقلل من استخدام النفط بما يصل إلى 5.6 مليون برميل في اليوم من أعلى مستوى متوقع وهو 104 ملايين برميل بحلول عام 2026، مما يعني أن الطلب العالمي على النفط لن يعود أبداً إلى ما كان عليه قبل الوباء، لأنه في هذه الحالة سيكون دون مستوى 100 مليون برميل يومياً.
وبحسب التقرير فمن المتوقع أن تستمر آسيا في السيطرة على النمو في الطلب العالمي على النفط، حيث تمثل 90% من الزيادة بين عامي 2019 و2026، وعلى النقيض من ذلك، لا يُتوقع أن يعود الطلب في العديد من الاقتصادات المتقدمة لمستوياته السابقة.
استثمارات القطاع تحدد مستقبل النفط
وعلى جانب العرض، أشار تقرير الوكالة إلى أن حالة عدم اليقين المتزايدة بشأن التوقعات وهو ما خلف معضلة للمنتجين. وقد تؤدي قرارات الاستثمار التي يتم اتخاذها اليوم إما إلى زيادة السعة الإنتاجية التي تُترك دون استخدام أو زيادة معروض النفط بشكل ضئيل للغاية لتلبية الطلب.
وتوقع التقرير زيادة طفيفة في الاستثمار العالمي بقطاع النفط هذا العام بعد أن أنفق المنتجون أقل من الثلث في عام 2020 عمّا كان مخططا له في بداية العام.
ومن المتوقع أن تزداد الطاقة الإنتاجية العالمية للنفط بمقدار 5 ملايين برميل في اليوم بحلول عام 2026. وفي الوقت نفسه، أدى الانهيار التاريخي في الطلب إلى توفير طاقة إنتاجية احتياطية قدرها 9 ملايين برميل في اليوم يمكن أن يحافظ على راحة الأسواق العالمية على المدى القريب.
ولتلبية النمو في الطلب على النفط حتى عام 2026 في الحالة الأساسية لتقرير وكالة الطاقة الدولية السنوي، يجب أن يرتفع العرض بمقدار 10 ملايين برميل في اليوم بحلول عام 2026. ومن المتوقع أن يوفر الشرق الأوسط، بقيادة المملكة العربية السعودية، نصف هذه الزيادة وستمثل الحصة السوقية المتزايدة في المنطقة تحولا كبيرًا عن السنوات الأخيرة عندما هيمنت الولايات المتحدة على النمو. خاصة وأنه من غير المرجح أن تصل زيادة المعروض في الولايات المتحدة إلى المستويات العالية التي شوهدت في السنوات الأخيرة.
وتوقع التقرير الصادر اليوم أن ترتفع واردات النفط الخام الآسيوية إلى 27 مليون برميل في اليوم بحلول عام 2026، مما يتطلب مستويات قياسية من إنتاج النفط الخام في الشرق الأوسط وحوض المحيط الأطلسي لسد الفجوة.
ومن المتوقع أن يعود الطلب على وقود الطائرات في المناطق التي تضررت بشدة من الوباء، تدريجياً إلى مستويات ما قبل الأزمة. لكن التحول إلى الاجتماعات والمؤتمرات عبر الإنترنت - إلى جانب جهود الشركات المستمرة لخفض التكاليف وتردد بعض المواطنين في استئناف السفر الترفيهي - يمكن أن يغير اتجاهات السفر بشكل دائم.