بلومبرغ
استهدفت سفن البحرية الأميركية صاروخاً مضاداً للسفن تابعاً للحوثيين في اليمن، بعد ساعات من إصابة ناقلة تعمل لصالح مجموعة "ترافيغورا غروب" (Trafigura Group) التجارية العملاقة كانت تحمل شحنة من الوقود الروسي، وهو الهجوم الأكبر الذي يشنه المتمردون الحوثيون حتى الآن على ناقلة نفط.
وقالت القيادة المركزية الأميركية على موقع "إكس" إن صاروخ الحوثيين كان جاهزاً للإطلاق ويشكل "تهديداً وشيكاً" لحركة الشحن في المنطقة.
أزمة البحر الأحمر
وجاءت الضربة الأميركية بعد ساعات من إعلان الحوثيين مسؤوليتهم عن الهجوم الصاروخي على السفينة "مارلين لواندا" ( Marlin Luanda). وقال متحدث باسم "ترافيغورا" يوم الجمعة إن السفينة كانت تحمل نافتا روسية المنشأ –وهو منتج يُستخدم في صناعة البلاستيك والبنزين– جرى شراؤها بسعر أقل من سقف الأسعار الذي فرضته مجموعة الدول السبع.
وقالت الشركة في بيان على موقعها الإلكتروني في الساعة 12 ظهراً بتوقيت لندن أمس السبت: "جميع أفراد الطاقم على متن السفينة (مارلين لواندا) بخير، وتسنى إخماد الحريق في خزان الشحن بالكامل. السفينة تبحر الآن نحو ميناء آمن".
ولا توجد حالياً سفن أخرى تعمل لصالح "ترافيغورا" في خليج عدن. وقالت الشركة: "نواصل التقييم الدقيق للمخاطر التي تنطوي عليها أي رحلة".
الحوثيون يستهدفون ناقلة نفط تابعة لـ"ترافيغورا" في خليج عدن
وقالت القيادة المركزية الأميركية إن سفن البحرية الأميركية والفرنسية والهندية استجابت للحادث، مضيفة أن طاقم السفينة "مارلين لواندا" يتكون من 22 فرداً من الهند وواحد من بنغلاديش. وأضافت أن إخماد الحريق أدى إلى تجنب "كارثة هدّدت الأرواح وصلاحية السفينة للإبحار، وخاطرت بالتسبب في أضرار بيئية هائلة".
وقد ارتفع خام برنت القياسي العالمي إلى أعلى مستوى في شهرين.
الاضطرابات تؤثر على الملاحة
الهجوم على السفينة "مارلين لواندا" من شأنه أن يثير تساؤلات جديدة بشأن ما إذا كانت ناقلات النفط ستستمر في عبور البحر الأحمر. فمنذ الضربات الجوية الأميركية والبريطانية المشتركة على الحوثيين هذا الشهر، انخفضت حركة الناقلات في المنطقة، لكن بعض مصدري النفط، بما في ذلك السعودية، يواصلون استخدام ذلك الممر المائي.
ولأن السفينة المستهدفة كانت تحمل وقوداً من روسيا، فإن الحادثة ستثير على الأرجح قلق موسكو. وتمر الآن كميات كبيرة من النفط الروسي عبر جنوب البحر الأحمر للوصول إلى المشترين الآسيويين، بعدما امتنعت أوروبا عن شراء شحناتها بسبب الحرب في أوكرانيا. وسبق أن صرح متحدث باسم الحوثيين لصحيفة "إزفستيا" الروسية بأن السفن الروسية والصينية التي تبحر عبر البحر الأحمر ستكون آمنة حتى مع استهداف الجماعة السفن الأميركية والبريطانية.
سفن تنقل بضائع حكومية أميركية تعود أدراجها في البحر الأحمر
جمعت السفينة حمولتها الروسية المنشأ عبر ما يُعرف بالنقل من سفينة إلى سفينة من منطقة مائية في خليج لاكونيان في جنوب اليونان، وفقاً لبيانات من شركة التحليلات "كبلر" (Kpler). والمنطقة محورية في مساعدة روسيا على إيصال نفطها إلى السوق العالمية، فضلاً عن التعامل مع الإمدادات دون سقف الأسعار، كما سهلت المزيد من الصفقات الغامضة.
الالتفاف على العقوبات الروسية
كانت "ترافيغورا"، إلى جانب شركات تجارة السلع الأخرى مثل "غلينكور"، و"فيتول غروب"، و"غونفور غروب" (Gunvor Group)، من أكبر شركات نقل النفط من روسيا قبل غزوها الواسع النطاق لأوكرانيا، وكانت شريكاً في مشروع نفط كبير تديره الشركة المنتجة الحكومية "روسنفت".
ومنذ ذلك الحين ابتعدت الشركة عن تلك الشحنات بعد العقوبات الأميركية والأوروبية والبريطانية على صادرات الطاقة الروسية. وبينما قال رئيسها التنفيذي جيريمي وير إنها تواصل تداول كميات صغيرة من المنتجات النفطية المكررة من روسيا، فإن هذا الموقف قيد المراجعة.
إبحار مضطرب لناقلات النفط الروسي منذ تشديد العقوبات الأميركية
واستلام الشركة الشحنة عن طريق النقل من سفينة إلى سفينة قبالة سواحل اليونان، يسلط الضوء على كيفية استمرار أحد أكبر بيوت تجارة السلع في العالم في تسهيل تصدير المنتجات النفطية من روسيا، في وقت لا تزال فيه الحرب في أوكرانيا مستعرة.
ولفتت عمليات النقل من سفينة إلى أخرى انتباه الجهات التنظيمية، لا سيما وأن معظمها يتعلق بالسفن التي تعمل خارج الحد الأقصى لأسعار مجموعة السبع، حيث يمكن أن تجعل عمليات النقل من الصعب تتبع مصدر الشحنة. وثمة مخاوف جدية تتعلق بالسفن القديمة وبحدوث عملية النقل بطريقة غير خاضعة للوائح، على الرغم من عدم وجود ما يشير إلى أن هذه هي الحال بالنسبة إلى السفينة "مارلين لواندا".
هل استهداف الحوثيين ناجع؟
ويشير الحادث الأخير أيضاً إلى أن الولايات المتحدة وحلفاءها لم يتمكنوا بعد من الحد من القدرات العسكرية للحوثيين بشكل كاف بعد أسبوعين من شن أول غارة جوية من عدة غارات على صواريخ الجماعة وراداراتها وأصولها الأخرى في جميع أنحاء اليمن. وقالت القيادة المركزية الأميركية إن المسلحين الحوثيين أطلقوا يوم الجمعة صاروخاً باليستياً مضاداً للسفن على المدمرة الأميركية "كارني" (Carney) التي أسقطت الصاروخ بنجاح.
وفي مطلع الأسبوع الماضي، قال نائب مستشار الأمن القومي الأميركي جون فاينر إن الإجراءات العسكرية لردع الحوثيين والجماعات الأخرى المدعومة من إيران ستستغرق بعض الوقت.
وأضاف لشبكة "إيه بي سي": "الردع ليس مفتاح ضوء. نستهدف هذه المخزونات حتى لا يتمكنوا من شن العديد من الهجمات مع مرور الوقت. سيستغرق ذلك وقتاً من أجل تنفيذه".
تزايد هجمات الحوثيين على السفن.. و"شل" تجنّب ناقلات النفط البحر الأحمر
وشن المسلحون الحوثيون في الأسابيع القليلة الماضية هجمات متعددة على المنطقة المعنية وجنوب البحر الأحمر. ومنذ منتصف نوفمبر، شنوا هجمات شبه يومية على السفن التي تعبر الممر المائي، في عمل تضامني مع الفلسطينيين وسط الحرب بين إسرائيل وحركة حماس. وأدى الصراع إلى تغيير مسار التدفقات التجارية مع تجنب بعض شركات الشحن الممر المائي الرئيسي.
وكانت صواريخ انفجرت يوم الجمعة بالقرب من سفينة ترفع علم بنما تابعة للهند وتحمل نفطاً من روسيا، وفقاً لما ذكرته شركة "أمبري" (Ambrey) الأمنية البحرية البريطانية.