إنتاج إيران من النفط يخوض سباقاً مع الزمن في ظل استمرار العقوبات الأمريكية

time reading iconدقائق القراءة - 6
حاملة نفط إيراني - المصدر: بلومبرغ
حاملة نفط إيراني - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

رويترز

تواجه احتياطيات النفط الإيرانية خطر تحوُّلها لأصول عالقة ما لم تخفف الإدارة الأمريكية الجديدة العقوبات التي جعلت إيران تتخلَّف عن منافسيها في الطاقة الإنتاجية، وتخسر سباقاً مع الزمن مع تسارع وتيرة التحوُّل إلى الطاقة منخفضة الكربون.

وتملك إيران رابع أكبر احتياطيات نفطية في العالم، وهي تعوِّل بشكل كبير على إيرادات الخام، لكنَّ العقوبات حالت دون تمكُّنها من الإنتاج بمستويات تقترب من طاقتها الإنتاجية منذ 2018.

وشُددت العقوبات في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب، وبالرغم من أنَّ الرئيس الجديد جو بايدن أكثر ميلاً للتصالح، قال مسؤولون كبار في إدارته، إنَّ واشنطن لن تتخذ قراراً سريعاً بشأن أي اتفاق مع إيران.

وتقول القيادة الإيرانية، إنَّ العقوبات لم تؤدِ إلا إلى تأجيل اللحظة التي ستنتج فيها إيران النفط من احتياطياتها الضخمة، وإنَّ العالم سيحتاجه في النهاية.

لكنَّ الوتيرة المتزايدة لتحوُّل الطاقة العالمي إلى الوقود منخفض الكربون بالإضافة إلى تأثير جائحة كوفيد-19 على الطلب على الطاقة، قد قدَّمت موعد توقُّعات وصول العالم إلى ذروة الطلب، وهي النقطة التي بعدها سينخفض ​​الاستهلاك بشكل دائم.

وصرَّح بعض المسؤولين الإيرانيين، ومن بينهم وزير النفط بيجن زنغنه مراراً أنَّ طهران بحاجة إلى زيادة الإنتاج بشكل كبير بسرعة قبل أن يتلاشى الطلب على النفط، ويحصل المنتجون المنافسون على ما تبقى من حصة إيران في السوق.

ولكن هذه الفكرة قُوبلت برفض من جانب مجموعات تعدّها خيانة للأجيال القادمة.

الفكر المهيمن

وقال إيمان ناصري العضو المنتدب لمنطقة الشرق الأوسط بشركة "إف.جي.إي" للاستشارات: "الفكر المهيمن ما يزال هو الحفاظ على الإنتاج الأمثل على المدى الطويل -دون إدراك أنَّ الوقت ينفد- وتجنُّب تصدير النفط كمادة خام- دون تقدير أنَّ نشاط تكرير النفط قد لا يصبح عملاً مربحاً على المدى الطويل على أيِّ حال".

وبعد انتخاب بايدن، أعطت الحكومة الإيرانية في ظل إدارة الرئيس حسن روحاني تعليمات لوزارة النفط في ديسمبر بإعداد الحقول لإنتاج وبيع الخام بكامل طاقتها الحالية في غضون ثلاثة أشهر.

ويقول محللون، إنَّه في حالة رفع العقوبات، فقد تزيد إيران الإنتاج الحالي من 2.1 مليون برميل يومياً إلى مستوى ما قبل العقوبات الذي كان يبلغ 3.8 مليون برميل يومياً في غضون أشهر.

لكنَّ البرلمان الإيراني رفض الأسبوع الماضي مشروع ميزانية قائم على أنَّ إنتاج إيران النفطي يبلغ 2.3 مليون برميل يومياً اعتباراً من السنة الإيرانية التي تبدأ في مارس، بعد أن شكَّك النواب في أيِّ إمكانية لتخفيف العقوبات بشكل فوري.

ولم يرد متحدِّث باسم بعثة إيران لدى الأمم المتحدة على طلب من رويترز للتعليق.

صعوبات في الحفاظ على طاقة الإنتاج

تسبَّب اضطراب الإنتاج على مدى عقود بسبب العقوبات في أن تواجه إيران صعوبات للحفاظ على طاقة الإنتاج القائمة، ناهيك عن بلوغ إمكانياتها.

وتكشف بيانات من منظمة البلدان المصدِّرة للبترول (أوبك) أنَّه على مدى العشرين عاماً الماضية، رفع معظم المنتجين المنافسين في المنطقة، ومنهم: الإمارات، والعراق، والسعودية، إنتاجهم بمقدار يتراوح بين مليون ومليوني برميل يومياً، كما أضافوا طاقة إنتاجية.

وحتى قبل فرض العقوبات الجديدة في 2018، ظلَّ إنتاج النفط الإيراني أقل بكثير من ستة ملايين برميل يومياً، وكان البلد ينتجها قبل الثورة الإسلامية في 1979، وذلك بفعل القيود القائمة.

وكشف زنغنه في ديسمبر عن خطة طموح لزيادة طاقة الإنتاج إلى ما يتجاوز 6.5 مليون برميل يومياً بحلول 2040. لكنَّ محللين يعتقدون أنَّ هذا غير واقعي.

وقال ناصري: "هناك بالتأكيد فاقد طاقة إنتاج منذ منتصف 2018 ،وتسبَّبت العقوبات في بعض الضرر".

وأضاف: "من الممكن أن يصل إنتاج إيران إلى مستويات ما قبل العقوبات في غضون شهور، لكنَّ تجاوز ذلك يحتاج إلى مزيد من الوقت، واستثمارات كبيرة".

وبلغت صادرات إيران النفطية مستوى مرتفعاً عند 2.8 مليون برميل يومياً في 2018، لكنَّها تراجعت إلى نحو 300 ألف برميل يومياً في 2020 بحسب ما تكشفه تقديرات استندت إلى بيانات تتبع ناقلات.

وقال مصدر في القطاع طلب عدم ذكر اسمه، إنَّ شركات الطاقة الإيرانية اضطرت إلى خفض عدد آبار النفط التي تمَّ حفرها في الآونة الأخيرة من 300 في 2018 إلى 100 في 2020 بفعل قلَّة التمويل، وتراجع الصادرات، الأمر الذي يحدُّ أكثر من إمكانيات النمو.

وهذا العام، يقول مسؤولون إيرانيون، إنَّ الصادرات زادت بشكل كبير، نظراً لأنَّ انتخاب بايدن جعل بعض المشترين أكثر استعداداً للمخاطرة بشراء الخام الإيراني. وقال مشرِّع كبير، إنَّ الرقم قد يصل إلى 900 ألف برميل يومياً.

وتتوقَّع ريستاد إنرجي أنَّه إذا تمَّ رفع العقوبات قد يتجاوز مستوى إنتاج النفط في إيران أربعة ملايين برميل يومياً بحلول 2023.

أما "إف.جي.إي"، فتتوقَّع أن يتجاوز إنتاج النفط الإيراني أربعة ملايين برميل يومياً بحلول 2025، واستقراره عند نحو خمسة ملايين برميل يومياً قبل أن يبدأ في التراجع في 2037.

لكنَّ الخام الإيراني معظمه ثقيل، وعالي الكبريت؛ فهو ينتج انبعاثات أكثر من الخامات الأخف، فضلاً عن ارتفاع تكلفة معالجته كي يلبي المعايير البيئية التي سيجري تشديدها.

وقالت سارة فاخشوري مؤسسة ورئيسة "إس.في.بي إنرجي إنترناشونال": "تتفوَّق السعودية، وروسيا، والولايات المتحدة، وشركات الطاقة الكبيرة بالفعل على إيران في تأمين حصة كبيرة من سوق النفط في المدى المتوسط والطويل".

تصنيفات