مُلاحقة المخزون أم السعر.. أيُّ الهدفين أجدى لــ"أوبك+"؟

time reading iconدقائق القراءة - 7
حفارات في أحد حقول النفط - المصدر: بلومبرغ
حفارات في أحد حقول النفط - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

إذا لم تتمكّن من إصابة الهدف، فقرّبه إليك. يبدو أن هذه هي السياسة التي يتبناها تحالف أوبك+ لمنتجي النفط، ضمن سعيه لإجراء أكبر خفض في الإنتاج عالمياً على الإطلاق في محاولة منه لدعم أسعار النفط.

وعقب اجتماع عُقد في شهر يناير، أعلن القائد المشارك للمجموعة وزير النفط السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، أن المنتجين يضعون لأنفسهم هدفاً جديداً لخفض الإنتاج يتمثل بإعادة مخزونات النفط في البلدان المتقدمة الأعضاء في "منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية" إلى مستوى متوسط جديد مدته خمس سنوات.

وهم يُركزون على "منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية" لأن أعضاءها يقومون بالإبلاغ عن مخزونات النفط في الوقت المناسب (نسبياً)، حيث نشرت "وكالة الطاقة الدولية" في الأسبوع الماضي المستويات الأولية لنهاية ديسمبر، رغم أنها ستخضع لمراجعات على مدار عدة أشهر مقبلة. في حين أن دولاً أخرى، مثل الصين، لا تنشر مستويات مخزون النفط على الإطلاق.

أين تكمن المشكلة؟

تشكّل تحالف أوبك+ عام 2016 للتصدي لمخزون النفط العالمي المتزايد، الناتج عن طفرة النفط الصخري الثانية في الولايات المتحدة وانهيار الأسعار، حيث سعى أعضاء التحالف إلى خفض حجم النفط المودع في الخزانات، والكهوف الملحية، والسفن، وخطوط الأنابيب إلى مستوى متوسط ​​خمس سنوات، رغم أنهم لم يكونوا محددين تماماً بشأن مقياس الخمس سنوات الذي كانوا يُفكّرون فيه. وكان من المفترض أن تكون عملية سريعة مدتها ستة أشهر، تبدأ في يناير 2017. لكن بعد أكثر من أربع سنوات، ما زالت جهودهم مستمرة نظراً للظروف المعاكسة المستجدة بسبب جائحة كورونا.

ويُشار إلى أن أحد الأهداف الذي بدا أن التحالف قد تبنّاه في البداية هو ​​مستوى مخزون المتوسط المتحرك لخمس سنوات. وتكمن المشكلة في أن المقياس يتغير باستمرار، حيث يحل كل شهر جديد مكان نظيره لما قبل خمس سنوات.

عفا عليه الزمن

خلال السنوات الأولى من الاتفاق، أدى النهج المتبع إلى حدوث تضخم مستهدف، حيث كانت مستويات المخزون في الأشهر المضافة حديثاً أعلى بكثير من تلك التي تم استبدالها. وبمرور الوقت، عززت المخزونات الزائدة التي كانوا يحاولون استنزافها متوسط ​​الخمس سنوات بمقدار 210 ملايين برميل، أو 7%، وهو ما أدى بدوره إلى تضييق فائض المخزون بنسبة 40%، وشكّل السحب الفعلي للنفط من المخزونات 60% فقط من عملية إعادة التوازن.

وتمثل الهدف الآخر، الذي بدا جذاباً، بمتوسط ​​مستوى المخزون للفترة 2010-2014، حيث كان له مزايا توفير هدف ثابت، واستبعاد فترة المخزونات الزائدة. ولم يقترب التحالف أبداً من تحقيق هذا الهدف، في حين عادت المخزونات إلى مستوى المتوسط ​​المتحرك لخمس سنوات في أوائل عام 2018.

وفي الواقع، لقد أدرك المنتجون أن الهدف المتحرك باستمرار يُقوّض جهودهم لإعادة التوازن إلى السوق، كما أدركوا أيضاً أن متوسط الفترة 2010-2014 قد "عفا عليه الزمن حقاً" في الوقت الحالي، على حد تعبير الأمير عبد العزيز بن سلمان.

لذلك قرر المنتجون الآن اعتماد متوسط ​​2015-2019 كأحدث هدف لهم. إلاّ أن هذا الهدف أيضاً يُعاني العديد من أوجه القصور، رغم إصلاحه.

والجدير بالذكر هنا أن أحد الأغراض الرئيسية لمخزونات النفط هو توفير وسيلة لتعويض أية اضطرابات غير متوقعة في الإمداد. لذلك سيكون من المنطقي قياسها من حيث عدد أيام الطلب التي تمثلها، وليس من حيث الحجم البسيط. وفي الممارسة العملية، يتطلب ذلك التنبؤ بالطلب، وإضافة طبقة أخرى من عدم اليقين إلى القياس الذي يعوقه بالفعل نقص البيانات في الوقت المناسب. أضف إلى ذلك التقلبات الاستثنائية في الطلب على مدى الاثني عشر شهراً السابقة، بالإضافة إلى الشكوك الهائلة حول المستقبل، وبالتالي من السهل معرفة سبب تركيز أوبك+ على المخزونات من حيث الحجم البسيط.

إلا أن الهدف الذي يعتمد فقط على المخزونات التي يتم الإبلاغ عنها يفوته موضوع الأحجام الأكبر التي لا يتم الإبلاغ عنها. حيث يمكن استخدام الأقمار الصناعية والطائرات بدون طيار لتقدير كميات النفط الموجودة على السفن أو في الخزانات ذات الأسقف العائمة لبناء صورة عالمية أوضح، ولكن لا يمكنها قياس الأحجام الموجودة تحت الأرض أو في خزانات ذات أسقف ثابتة.

لذلك تُركنا لنستخدم الاختلالات بين أرقام العرض والطلب لتقدير التغيرات في المخزونات العالمية. ومن المعروف أن قياس الطلب على النفط هو أمر صعب أيضاً، وذلك بحسب آخر تقريرين شهريين صادرين عن وكالة الطاقة الدولية وأوبك، واللذين نُشرا يوم الخميس، حيث أجرت الجهتان تنقيحات كبيرة لتقديراتهما لعام 2019، مما أدى إلى ظهور إشارات متضاربة للغاية.

ومع عدم وجود مراجعات مقابلة للعرض، تُشير أرقام الطلب المنخفضة لدى وكالة الطاقة الدولية إلى أن المخزونات العالمية ارتفعت بحلول منتصف عام 2020 بدرجة أكثر مما كانت تعتقد سابقاً. وخفّض تعديل أوبك التصاعدي للطلب للفترة نفسها من حجم المخزونات الفائضة التي يعمل أوبك+ على معالجتها.

مخزونات الهند والصين

لا بد من الإشارة إلى أن تغييرات وكالة الطاقة الدولية تؤدي إلى تأخير النقطة التي ستعود عندها المخزونات العالمية إلى مستوياتها بنهاية عام 2018 بمدة تسعة أشهر، مما يدفعها إلى منتصف عام 2023، في حين تدفعها تعديلات أوبك إلى الربع الثالث من عام 2022. وفي تناقض صارخ، فإن لجنة المراقبة في تحالف أوبك+ صرّحت مؤخراً أنها ستكون قادرة على قول إن "المهمة قد أُنجزتْ" في أغسطس، حيث من المتوقع أن تعود مخزونات "منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية" إلى متوسط ​​مستويات 2015-2019، وذلك بناءً على توقعات العرض والطلب الخاصة باللجنة.

لكن لا يوجد ما يؤكد ذلك الآن، لأنه بوسعنا القول إن المخزونات في دول مثل الصين والهند، حيث تعافى الطلب بسرعة أكبر، مهمة حقاً. وإذا كانت تلك المخزونات تنخفض بشكل أسرع من مخزونات "منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية" الأكثر وضوحاً، بسبب النشاط الاقتصادي المتزايد والطقس البارد، فإن المنتجين يخاطرون بالإفراط في تشديد السوق دون أن يدركوا ذلك.

في حين أن السعي وراء هدف المخزون يبدو أفضل بكثير من ملاحقة هدف السعر، والذي يُعرّض المجموعة حتماً لتبعات اعتبارها اتحاداً احتكارياً للمنتجين، إلا أن الأمر له بعض العيوب الضخمة. أضف إلى ذلك أن عدم رغبة بعض الدول في نشر مستويات المخزون، وصعوبة قياس الطلب على النفط في الوقت المناسب تجعل مستويات المخزون غير دقيقة للغاية.

وربما من الأفضل للمنتجين أن يكونوا واضحين ويتبنّوا هدف السعر، فكل ما عليهم فعله حينها هو الاتفاق على السعر الذي يناسبهم جميعاً.

هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان
Julian Lee

Julian Lee

Oil Strategist at Bloomberg News
للإتصال بكاتب هذا المقال:@JLeeEnergy

الرياض

8 دقائق

19°C
غيوم متناثرة
العظمى / الصغرى 19°/19°
9.5 كم/س
51%

فى هذا المقال