بلومبرغ
ما يزال تحالف "أوبك+" يجد أنَّ أفضل استجابة لتزايد حالة عدم اليقين في سوق النفط هي الحفاظ على استقرار الإمدادات.
عندما دفعت الأزمة المصرفية الشهر الماضي العقود الآجلة للخام في لندن إلى أدنى مستوى لها في 15 شهراً بالقرب من 70 دولاراً للبرميل، انتشرت التكهنات بأنَّ المملكة العربية السعودية وشركاءها قد يتدخلون بتخفيضات إنتاج جديدة لدعم السوق.
لكن على الرغم من كل الاضطرابات؛ يُظهر "أوبك+" كل علامات التماسك.
قال السعوديون علناً إنَّ التحالف المؤلف من 23 دولة يجب أن يحافظ على استقرار مستويات الإنتاج طوال العام. يتوقَّع المندوبون بشكل خاص أنَّه عندما يعقد الأعضاء الرئيسيون اجتماع لجنة المراقبة يوم الإثنين، فلن يقوموا بإجراء أي تعديلات.
تتراجع المخاوف بشأن العدوى المالية ويعود التركيز مرة أخرى إلى الطلب الصيني المتزايد على النفط، إلى جانب الضغط على الإنتاج الروسي منذ غزوها لأوكرانيا. حيث انتعشت العقود الآجلة للنفط الخام بشكل حاد إلى ما يقرب من 80 دولاراً للبرميل، مما دعم إيرادات الرياض وحلفائها.
قال ماركو دوناند، الرئيس التنفيذي لشركة تجارة السلع "ميركوريا غروب للطاقة": "يمكن لـ"أوبك" التدخل في الأسواق عندما تشعر أنَّ هناك فائضاً في المعروض.. ومن المرجح أن نرى الأسعار تعود للارتفاع بعد تجاوز هذا".
في بداية العام وعلى نطاق واسع في صناعة البترول؛ تراجعت الثقة في عودة الأسعار إلى 100 دولار للبرميل، إذ أثبتت الصادرات الروسية مرونتها ضد العقوبات الدولية. فيما يبدو أنَّ العرض العالمي سيحقق فائضاً في الربع الجاري.
كما أدى هدف النمو الاقتصادي المتواضع الجديد للصين البالغ 5% إلى إضعاف التفاؤل بين مستثمري النفط. كما أنَّ مجموعة "غولدمان ساكس"، التي ربما تكون الأكثر حماسة في "وول ستريت" بشأن التفاؤل بأسعار النفط، قد تراجعت عن توقُّعاتها بالعودة إلى ثلاثة أرقام هذا العام.
أدت الانعكاسات الناجمة عن انهيار "سيليكون فالي بنك" وتفكك مجموعة "كريدي سويس" إلى زيادة قتامة آفاق النفط الخام.
اختبار العزم
كانت هناك تكهنات بأنَّ هبوط الأسعار قد يختبر إصرار وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، الذي قال الشهر الماضي إنَّ أهداف الإنتاج المحددة عندما خفّض "أوبك+" الإنتاج في أواخر عام 2022 "مستمرة لنهاية العام".
وقد تضاءلت تلك التكهنات مع انتعاش أسعار الخام في وقت لاحق.
قالت هيليما كروفت، رئيسة استراتيجية السلع في "أر بي سي كابيتال ماركتس": "من المرجح جداً أن تقرر قيادة التحالف أنَّه ليست هناك حاجة لممارسة خيار الخفض الإضافي"، "لكنَّنا قد لا نرى المجموعة باقية على (الطيار الآلي) حتى نهاية العام إذا بلغ النفط حالة التدهور".
لا يتوقَّع كبار تجار النفط مثل "ترافيغورا غروب" و"جنفور غروب" مزيداً من الانخفاض في الأسعار، بل يتوقَّعون ارتفاعاً في النصف الثاني من عام 2023 مع خروج الصين تماماً من تداعيات سنوات إغلاق كوفيد. وفي حين خفف بنك "غولدمان ساكس" توقُّعاته الأولية لأسعار النفط؛ فإنَّه قد ضاعف من توصياته بازدهار السلع.
ما يزال الطلب العالمي على النفط في طريقه للزيادة بمقدار مليوني برميل يومياً هذا العام إلى مستوى قياسي يبلغ 102 مليون برميل يومياً، مما يحول السوق إلى العجز هذا الصيف، وفقاً لوكالة الطاقة الدولية. وتأتي التوقُّعات القوية لاستهلاك النفط بالتوازي مع ضيق الإمدادات العالمية.
أعلنت روسيا، العضو في تحالف "أوبك+"، عن خفض الإنتاج بمقدار 500 ألف برميل يومياً هذا الشهر رداً على العقوبات، ووعدت بالإبقاء على الخفض سارياً حتى يونيو.
كانت الدول الأوروبية حظرت البراميل الروسية، ولا تقدّم سوى خدمات تيسيرية للدول التي تشتري شحنات بأقل من 60 دولاراً للبرميل.
وبينما تحدت صناعة النفط في روسيا - حتى الآن - التوقُّعات بحدوث انهيار من خلال تحويل مسار تدفقات النفط الخام في آسيا، لكنْ هناك دلائل على تباطؤ التجارة، مع تعويم شحنات الوقود قبالة سواحل أوروبا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية.
يشعر العراق، العضو في منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك"، بمزيد من الاضطراب، إذ أدى تجدد الخلاف القانوني بين بغداد والمنطقة الكردية الشمالية في البلاد إلى حجز حوالي 400 ألف برميل يومياً تتدفق عادةً عبر تركيا إلى الأسواق الدولية، وذلك قبل الإعلان يوم السبت عن التوصل لاتفاق مبدئي لاستئناف الصادرات عبر تركيا.
عندما يجتمع تحالف "أوبك+" في أوائل يونيو لمراجعة مستويات الإنتاج للنصف الثاني، قد يكون لديه فرصة لفتح الصنابير. وحتى ذلك التوقيت؛ فمن المرجح أن يحافظ الوزراء على نهج الانتظار والترقب، وفقاً لبوب مكنالي، رئيس "رابيدان إنيرجي غروب" والمسؤول السابق في البيت الأبيض.