الشرق
لن تبيع المملكة العربية السعودية النفط إلى أي دولة تفرض سقف أسعار على إمداداتها، وفق ما أكده الأمير عبدالعزيز بن سلمان بن عبدالعزيز، وزير الطاقة السعودي.
الأمير عبدالعزيز بن سلمان، قال في لقاء مع "إنيرجي إنتلجينس" نشرت نصه وكالة الأنباء السعودية: "سقف الأسعار، سواء فرض على دولة أم مجموعة دول، وعلى البترول أو أي سلعة أخرى، سيؤدي إلى ردة فعل معاكسة فردياً أو جماعياً، مع تداعيات غير مقبولة تتمثل بالتقلبات الكبيرة وعدم الاستقرار في الأسواق". وأضاف: "لذا، فإنه إذا تم فرض سقف للأسعار على صادرات البترول السعودية، فلن نبيع البترول إلى أي دولة تفرض سقف أسعار على إمداداتنا، وسنخفض إنتاج البترول، ولن أستغرب إذا قامت الدول الأخرى بنفس الإجراء".
كانت دول مجموعة السبع ومعها الاتحاد الأوروبي، قد فرضت سقفاً لسعر الواردات من الخام الروسي عند 60 دولاراً للبرميل، لا تتمكن بموجبه أي جهة من الوصول إلى الخدمات التي يقدمها الغرب على الشحن، مثل خدمات التأمين القياسي الصناعي، إلا إذا دفعت 60 دولاراً أو أقل مقابل استيراد برميل النفط من روسيا.
سياسات تضيف مخاطر جديدة
يدور الحديث الآن حول مشروع قانون "نوبك" الأميركي، أو مشروع "قانون عدم إنتاج وتصدير النفط"، والذي يُفترض أنه سيسمح لوزارة العدل الأميركية بمقاضاة أعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" وحلفائها للحد مما يصفها بعض المشرعين الأميركيين بأنها ممارسات احتكارية مرتبطة بقطاع النفط.
وقال وزير الطاقة السعودي، إن مشروع القانون هذا لا يراعي أهمية امتلاك احتياطي من القدرة الإنتاجية وتبعات عدم امتلاك هذا الاحتياطي على سوق البترول، وبالتالي، فإن "مشروع قانون (نوبك) يضعف الاستثمارات في القدرة الإنتاجية للبترول، كما سيتسبب في انخفاض العرض العالمي بشدة عن الطلب في المستقبل، وسيكون تأثير ذلك ملموساً في جميع أنحاء العالم، سواء في الدول المنتجة أو المستهلكة، وكذلك في صناعة البترول".
"هناك اختلاف كبير بين مشروع قانون (نوبك) والتوسع في فرض سقف الأسعار، لكن تأثيرهما المحتمل على سوق البترول متشابه"، وفق قول الأمير عبد العزيز بن سلمان.
وأشار إلى أن مثل هذه السياسات، تضيف مخاطر جديدة وغموضاً أكبر، في وقت تشتد فيه الحاجة إلى الوضوح والاستقرار؛ محذراً من أن "مثل هذه السياسات ستؤدي لا محالة إلى تفاقم عدم استقرار السوق وتقلباته، وهذا سيؤثر سلباً في صناعة البترول. وفي المقابل، بذل تحالف (أوبك+) قصارى جهده، ونجح في تحقيق استقرار وشفافية عالية في سوق البترول، لا سيما بالمقارنة مع جميع أسواق السلع الأخرى".
اتفاقية "أوبك+" مستمرة لبقية العام
في ما يتعلق بأسواق الطاقة العالمية اليوم، شدّد الأمير عبدالعزيز بن سلمان على ضرورة الإبقاء على الاتفاقية التي أبرمتها الدول الأعضاء في تحالف "أوبك+" في أكتوبر الماضي لبقية العام الجاري.
يضم تحالف "أوبك+" الذي أنشئ في نوفمبر 2016 بهدف تحقيق الاستقرار في أسواق النفط، الدول الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" إلى جانب دول أخرى منتجة للنفط من خارج المنظمة. ويتكون هذا التحالف الذي تقوده السعودية وروسيا من 23 دولة.
في أكتوبر الماضي، اتخذ التحالف قراراً بتحديد أهداف إنتاج ثابتة لعام كامل قادم. وقال وزير الطاقة السعودي في تصريح الشهر الماضي: "الاتفاق الذي أبرمناه في أكتوبر سيظل نافذاً لبقية العام".
بحسب الوزير، فإن هناك العديد من العوامل التي تؤثر في توجهات السوق، حيث تشير التقديرات إلى أن الاقتصاد العالمي سيواصل نموّه خلال العامين الجاري والمقبل، لكن لا تزال هناك حالة من عدم اليقين بشأن وتيرة النمو، إضافة إلى أن الصين بدأت مؤخراً مرحلة التعافي بعد عمليات الإغلاق الممتدة لفترات طويلة إثر جائحة فيروس كورونا، إلا أنّ المدة اللازمة للتعافي، لا تزال غير واضحة.
وقال إن هذا التعافي الاقتصادي، يتسبب بضغوط تضخمية، وهو ما قد يدفع البنوك المركزية إلى تكثيف جهودها للسيطرة على التضخم، وبالتالي، فإن التداخل بين كل هذه العوامل وغيرها، يحد من وضوح الرؤية. وأضاف: "الإجراء المعقول والوحيد الذي يمكن اتباعه في مثل هذه البيئة المحفوفة بعدم اليقين، هو الإبقاء على الاتفاقية التي أبرمناها في أكتوبر الماضي لبقية العام، وهذا ما نعتزم القيام به، إذ يجب علينا أن نتأكد من أن المؤشرات الإيجابية مستدامة".
"هناك من لا يزال يعتقد بأننا قد نعدّل الاتفاقية قبل نهاية العام، وأقول لهم إن عليهم الانتظار إلى يوم الجمعة 29 ديسمبر 2023، ليشهدوا التزامنا التام بالاتفاقية الحاليّة"، وفق ما قاله الوزير.
شبكة أمان لسوق النفط
في ما يتعلق بوضع أسواق النفط اليوم، أشار الأمير عبدالعزيز بن سلمان إلى أن هناك عاملين يشكّلان شبكة أمان أساسية للسوق في مواجهة الصدمات المحتملة، يتمثلان في احتياطي القدرة الإنتاجية ومخزونات الطوارئ العالمية.
في تقريرها لشهر مارس الصادر الثلاثاء، أبقت منظمة "أوبك" على توقعاتها لنمو العرض والطلب لعام 2023 عند نفس مستويات التقرير السابق، رغم توقعها أن ينمو الطلب من الصين هذا العام بمقدار 710 آلاف برميل يومياً، بزيادة قدرها 120 ألف برميل يومياً عن توقعاتها في تقريرها السابق. أما على صعيد العرض، فتشير توقعات المنظمة إلى أن إنتاج الولايات المتحدة سيزيد بواقع 1.07 مليون برميل يومياً عن 2022، مقابل انخفاض بواقع 750 ألف برميل يومياً من روسيا.
وقال وزير الطاقة السعودي: "حذرت مراراً وتكراراً من أن نمو الطلب العالمي سيفوق المستوى الحالي من احتياطي القدرة الإنتاجية العالمية، في الوقت الذي تعدّ فيه احتياطيات الطوارئ في أدنى مستوياتها على الإطلاق". أضاف: "لهذا السبب، من المهم أن تطبق سياسات تدعم الاستثمارات المطلوبة لزيادة القدرة الإنتاجية في الوقت المناسب، والحفاظ على مستويات مخزونات الطوارئ العالمية لتكون كافية ومناسبة".
في هذا السياق، قال وزير الطاقة السعودي: "شرعنا في المملكة العربية السعودية بصورة استباقية في توسيع قدرتنا الإنتاجية، بحيث تصل إلى 13.3 مليون برميل في اليوم بحلول عام 2027، والعمل على هذا التوسع هو الآن في المرحلة الهندسية، ومن المتوقع أن تدخل الزيادة الأولى من هذه التوسعة حيّز العمل في عام 2025".
انخفض سعر مزيج برنت الثلاثاء بنسبة 4% إلى 77.51 دولار للبرميل، لتصل بذلك خسائره منذ بداية العام إلى نحو 10%.