بلومبرغ
احتشد أسطول يضم ناقلات نفط بقيمة 2.2 مليار دولار لكي يحافظ على تدفق صادرات الخام والوقود الروسية.
في ظل ارتفاع أسعار الشحن للنفط حالياً، بدأ تنفيذيون يدرسون ما إذا كانوا قادرين على تقديم الخدمات لأطراف أخرى.
بدأت سلسلة من تحول ملكية السفن القديمة نوعاً ما إلى مشترين مجهولين بتكلفة باهظة العام الماضي، وهو ما حجب جزءاً من الأسطول عن سوق الشحن التقليدي.
منذ دخول العقوبات على الوقود الروسي المكرر حيز التنفيذ في وقت سابق من الشهر الجاري، ارتفعت الأرباح اليومية للسفن التي تنقل المنتجات النفطية عبر المحيط الأطلسي بمقدار خمسة أضعاف.
يكاد يكون من المستحيل تجميع البيانات الدقيقة لحجم أسطول الظل على حِدة، حيث تهيمن السرية على تفاصيل الملكية، والتزام معظم السفن الفردية تجاه روسيا. أشارت تقديرات شركة "ترافيغورا" (Trafigura) العملاقة للسلع الأساسية إلى أنه يمكن أن يبلغ إجمالي العدد 600 سفينة، منها 400 ناقلة للنفط الخام. بشكل خاص، وضع بعض مالكي السفن رقماً أقل قليلاً بنسبة تتراوح بين 10% و12% من أسطول الناقلات عالمياً.
بغض النظر عمَّا إذا كانت تلك الناقلات تغادر السوق العالمية لصالح روسيا بشكل دائم أو أنها تتوارى عن الأنظار فحسب، فقد تكون النتيجة ارتفاع تكاليف الشحن بالنسبة إلى منافسي روسيا.
"ترافيغورا" تكشف: أسطول الظل الروسي يضم 600 ناقلة للنفط
850 مليون دولار لنقل الوقود عبر "أسطول الظل" في 2022
قال غيرنوت روبلت، الرئيس التجاري لشركة "آردمور شيبينغ" (Ardmore Shipping)، التي تشغّل أسطولاً من ناقلات الوقود والمواد الكيميائية، خلال مكالمة بمناسبة الأرباح: "ستُخصص هذه السفن لصفقات الظل تلك، وقد فرضت واقعاً يتمثل في أنها احتجبت عن الأسواق التي نعمل بها. الأمر في الواقع لا يزال مهماً من منظور طن - ميل، وربما يكون أكثر أهمية بالنظر إلى أنه غير فعال للغاية".
تُعد أميال الطن مقياساً للطلب على الناقلات، من خلال مضاعفة مقدار نقل سفن الشحن بالمسافات المتضمنة في التسليمات.
تشير تقديرات شركة "فيسيلز فاليو" (VesselsValue)، التي تتبع مبيعات السفن ومشترياتها، إلى أن العام الماضي شهد إنفاق ما يزيد قليلاً عن 850 مليون دولار من أجل توسيع "أسطول الظل" لناقلات الوقود. بالإضافة إلى ذلك، تم استثمار ما يقرب من 1.4 مليار دولار في سفن نقل النفط الخام.
أفادت إحصاءات شركة "إي إيه جيبسون شيبروكرز" (EA Gibson Shipbrokers)، ومقرها في لندن، أنَّ ما لا يقل عن 38 سفينة لنقل الوقود مملوكة لشركات روسية مسجلة، لكنها رجّحت أن يكون الرقم الفعلي أعلى من ذلك، لأنه يصعب تتبع الشركات الأجنبية ذات النشاط القانوني وليس لها اتصال ببلد المنشأ والتي تمتلك المزيد من السفن. كذلك أفادت إحصاءات الشركة أن أكثر من 100 ناقلة وقود بيعت إلى دول خارج مجموعة الدول السبع أو الاتحاد الأوروبي منذ غزو أوكرانيا.
قال ريتشارد ماثيوز، رئيس قسم الأبحاث في "جيبسون": "على الرغم من أن روسيا لا تتحكم صراحةً في العديد من ناقلات المنتجات هذه، نظراً للعدد الكبير من الناقلات المستعملة القديمة التي بيعت منذ الغزو، فمن الممكن أن يتسنى لروسيا الوصول إلى عدد كافٍ من السفن لهذا الحجم".
يكمن الوضع الحرج في أنه، بالإضافة إلى الأسطول الذي صُنّف إلى تجارة روسية وغير روسية، يؤدي حظر الاتحاد الأوروبي على جميع واردات النفط المحمولة بحراً تقريباً من شريكها التجاري يوماً ما إلى اضطرار السفن للإبحار لمسافات أطول. أدى هذا إلى أن يصبح الأسطول أقل كفاءةً بكثير، مما دفع إلى زيادة الطلب على السفن وارتفاع تكلفة الشحن.
يؤثر سحب ناقلات الوقود المكرر الروسية بالفعل على إمداد السفن في أماكن أخرى، وفقاً لمسؤولي أعمال سمسرة الشحن.
عقوبات ضخمة مرتقبة على الديزل ترعب الأسواق العالمية
قوة أسواق شحن المنتجات النظيفة
تمتاز أسواق شحن المنتجات البترولية النظيفة، مثل الديزل ووقود الطائرات، بأنها قوية حالياً، وفقاً لشركة "تورم إيه/ إس" (Torm A /S)، التي تمتلك أسطولاً من الناقلات. ذكرت الشركة عبر البريد الإلكتروني أن هناك طلباً متزايداً في الشرق الأوسط على الشحنات المتجهة إلى أوروبا، بالإضافة إلى الكثير من الشحنات من المصافي في شرق آسيا.
تجني السفن التي تنقل الوقود المكرر عبر المحيط الأطلسي مكاسب بـ55,000 دولار، بعد أن بلغت مستوى منخفضاً يصل إلى 10,000 دولار يومياً في وقت سابق من الشهر الجاري. تقترب ناقلات النفط الخام من رقم مماثل بعد أن تجاوزت لفترة وجيزة 100,000 دولار في اليوم في أواخر العام الماضي.
على المدى الطويل، يشير مالكو السفن إلى محدودية المعروض من السفن الجديدة مما يعزز استمرار الأسعار المرتفعة.
يصل سجل طلبيات الناقلات حالياً إلى أدنى مستوى له منذ 40 عاماً، وفقاً لبرايان غالاغر، رئيس علاقات المستثمرين في "يوروناف" (Euronav NV)، بينما أشارت "آردمور" في أرباحها الأخيرة أيضاً إلى انخفاض مستويات إضافات السفن.
ومع ذلك، فإن المسألة الأكثر إلحاحاً بالنسبة إلى شحن النفط والوقود في جميع أنحاء العالم هي عدد السفن التي تستخدمها روسيا.
إذا استمر تعطّل التجارة ولم يعد الأسطول الصديق لروسيا إلى خدمة الأسواق الغربية، ربما تظل تكلفة نقل الوقود مثل البنزين والديزل أعلى لفترة أطول.
قال سفين موكسنيس هارفجيلد، الرئيس التنفيذي لشركة "دي إتش تي هولدينغز" (DHT Holdings)، المتخصصة في ناقلات النفط: "لدينا انطباع بأن الكثير من هذه الشركات التي تشتري سفناً قديمة تُموّل من خلال رأس مال روسي، بشكل أو بآخر. نكاد لا نصدّق أن هذه السفن سوف تبقى في الخدمة بمرور الوقت، أو تعود إلى الأسواق التي تلتزم بالمعايير".