بلومبرغ
برودة الشتاء، حلّت أخيراً في أنحاء أوروبا.
مع وصول رياح من القطب الشمالي، استيقظ سكان ستوكهولم الجمعة ليجدوا طبقة جديدة من الثلوج، وانطلق العديد من المتزلجين للاستمتاع بحلبة تزلج عملاقة في حديقة "كونغستراد غاردن" التاريخية في المدينة. ستستمر موجة البرد التي تحكم قبضتها على القارة حتى الأسبوع المقبل، مع توقُّعات بدرجات حرارة دون الصفر في ألمانيا، وثلوج في بعض أنحاء المملكة المتحدة.
برغم أنَّ الأحوال الجوية هذه تضفي المزيد من الأجواء الاحتفالية مع اقتراب موسم الأعياد، لكنَّها ستبدأ بالضغط على إمدادات الطاقة الحيوية لكي تجتاز أوروبا فصل الشتاء دون انقطاعات في الكهرباء.
قلّص الطقس المعتدل في فصل الخريف استخدام الغاز، وساعد في ملء الخزانات، الأمر الذي هدأ من المخاوف بشأن أزمات نقص محتملة مع توقف التدفقات الروسية. لكنَّ التحديات تبدأ الآن، فارتفاع الطلب على التدفئة وشح الإمدادات من المملكة المتحدة وألمانيا ومزارع الرياح في دول الشمال، سيضعان الشبكات أمام اختبار، فيما تعاني المفاعلات النووية الفرنسية والسويدية من صعوبات.
خفض التدفئة
برغم أنَّ الحكومة في ألمانيا، أكبر اقتصاد في أوروبا، تتوقَّع أن تحصل على ما يكفي من الطاقة خلال الأشهر الأكثر برداً، لكنَّ الجهة التنظيمية للشبكات في البلاد، أي الوكالة الاتحادية للشبكات (BNetzA)، حضّت الأسر وقطاع الأعمال يوم الجمعة على خفض التدفئة للمحافظة على الوقود.
ألمانيا وفرنسا تتفقان على "تبادل الدعم" في إمدادات الطاقة
قالت ألكساندرا شيريد، خبيرة الأرصاد الجوية المشاركة في "ذا ويذر كو" (The Weather Co): "من المرجح للغاية أن يكون هناك ارتفاع في الطلب على التدفئة لمواجهة الأحوال الأكثر برداً التي من المرجّح أن تستمر خلال معظم الشهر الجاري".
برودة شديدة
قال أليكساندر فييرو، خبير الأرصاد الجوية في منصة "ماريكس" (Marex)، إنَّ قبة مانعة من الضغط المرتفع فوق غرينلاند، تتسبب في تحرك موجات من الضغط المنخفض باتجاه الشرق بالقرب من دول الشمال وفوقها. برغم أنَّ الجو سيكون أكثر دفئاً حول البحر المتوسط؛ سيشعر شمال أوروبا بشدة البرودة حتى الأسبوع المقبل.
البرد القارس يعزز الطلب ويرفع أسعار الغاز في أوروبا
قالت هيئة التنبؤ بالطقس التابعة للدولة في السويد إنَّ درجة الحرارة ستنخفض إلى ما يصل إلى 23 درجة مئوية تحت الصفر (سالب 9 فهرنهايت) في أقصى شمال الدول الإسكندنافية يوم الإثنين. تتوقَّع هيئات أخرى للتنبؤ بالطقس أن يكون التساقط الأكثر للثلوج على المدى القصير في شمال وشرق اسكتلندا. كما أطلق مكتب الأرصاد الجوية في المملكة المتحدة تحذيراً بشأن تساقط الثلوج وتكوّن الجليد في جنوب شرق إنجلترا ولندن بدءاً من الأحد.
قال ماتياس ليند، خبير الأرصاد الجوية في هيئة التنبؤ بالطقس التابعة للدولة في السويد: "كل الأمور توحي أنَّ الطقس البارد سيستمر على الأقل لـ10 أيام. ربما تكون هناك الكثير من الثلوج خلال الأيام المقبلة".
أزمة الطاقة
ينبع القلق من أنَّ أحوال البرد القارس تتزامن مع أزمة كهرباء تزداد سوءاً في السويد، بعدما رفع انقطاع التيار من أكبر مفاعل نووي في البلاد خطر انقطاعات الكهرباء الفعلية. يعني ذلك أنَّ الدولة ستضطر إلى الاعتماد على واردات الكهرباء من النرويج وألمانيا وبولندا لضمان أنَّ لديها ما يكفي لتوزيعه.
في ألمانيا، أشادت الحكومة بالمواطنين لتوفيرهم الغاز عندما كانت درجات الحرارة ما تزال معقولة في نوفمبر. وبرغم أنَّ الطلب على التدفئة يرتفع الآن مع انخفاض درجات الحرارة إلى 7 درجات مئوية تحت الصفر في مناطق مثل برلين وهامبورغ؛ ستشعر الأسر بإغراء رفع درجة منظّم الحرارة.
قال كلاوس ميولر، رئيس الجهة التنظيمية للشبكات في ألمانيا، في مقابلة مع الإذاعة العامة "إيه آر دي" (ARD): "علينا أن نتذكر أنَّ الشتاء قد يكون طويلاً".
تهديدات أخرى
هناك أيضاً تهديدات مناخية أخرى لنظام الطاقة في أوروبا. سيصل توليد الكهرباء من طاقة الرياح إلى معدل منخفض خلال العطلة الأسبوعية في المملكة المتحدة، قبل أن يرتفع مرة أخرى يوم الإثنين، وهو ما تسبّب في ارتفاع أسعار الكهرباء قصيرة الأجل.
بالنسبة إلى البعض؛ فإنَّ هذا الجو الشتوي موضع ترحيب. هذه العطلة الأسبوعية مهمة للمنتجعات الشتوية في الجبال الغربية في السويد، إذ يبدأ الموسم بتجارب خاصة للتزلج على الثلوج وفعاليات أخرى لجذب الزائرين بعد بضع سنوات من الخمول بسبب جائحة كورونا.
منتجع "ستوتِن أي سالين"، الذي يبعد نحو 5 ساعات شمال غرب ستوكهولم، فتح أول منحدراته الخميس، وشهد ارتفاعاً في الحجوزات المتأخرة بسبب البرد.
قال ماغنس دوفاليوس، مسؤول التسويق في المنتجع: "بالطبع الجو يساعد. من الجيد لنا أيضاً أنَّ الثلوج تتساقط في بقية أنحاء السويد. حصلنا بالفعل على ثلوج جيدة في وقت سابق من ديسمبر. ذلك سيجعل الناس يرتدون أحذيتهم ومعاطفهم الشتوية".