بلومبرغ
تتسع مساحة التوقعات بأن منظمة الدول المنتجة للبترول "أوبك" وحلفاءها سوف تحافظ على معدلات الإنتاج ثابتة بعد أن حولت اجتماعها إلى اجتماع عبر الإنترنت وسط حالة من عدم اليقين تحيط بآفاق السوق المستقبلية.
في وقت سابق من الأسبوع الجاري، ألمح مندوبو تحالف "أوبك+" إلى احتمال أن تدرس السعودية وشركاؤها تخفيضاً إضافياً في الإنتاج في الاجتماع الذي ينعقد يوم الأحد، والذي كان مقرراً آنذاك أن يعقد في مقر التكتل الرئيسي في فيينا.
غير أن الآراء تتغير مع قرار المنظمة عقد جلسة افتراضية بدلاً من الاجتماع المباشر، فرغم احتمال مناقشة زيادة الكمية المقرر تخفيضها من إنتاج النفط، يتوقع قطاع عريض من المحللين والمسؤولين في "أوبك+" أن التحالف لن يغير معدلات الإنتاج الحالية.
ويقول هؤلاء المحللون إن منظمة الدول المنتجة للبترول وشريكاتها تواجه تلالاً من الغموض في الوقت الراهن حتى أنها لا تستطيع تغيير المسار. فتوقعات الطلب في الصين ليست واضحة، والدبلوماسيون الأوروبيون مازالوا غارقين في مساوماتهم حول وضع سقف لأسعار صادرات النفط من دولة عضو في "أوبك+"، هي روسيا.
قالت حليمة كروفت، رئيسة تحليل السلع في شركة "آر بي سي كابيتال ماركتس" (RBC Capital Markets): "يبدو أن خيار بث الطمأنينة يرجح احتمال اتخاذ قرار بالتمديد. إن قرار (أوبك) بعقد الاجتماع عبر الإنترنت يوجه التركيز أكثر" على تأثير عقوبات الاتحاد الأوروبي على روسيا، التي تدخل حيز التنفيذ في 5 ديسمبر.
دعوة قاسية
إن قراراً بتمديد العمل بأهداف الإنتاج الحالية قد يمنح التحالف الذي يضم 23 دولة وقتاً كافياً لدراسة تأثير تغيير السياسة التي أعلن عنها في شهر أكتوبر الماضي: أي تخفيض الإنتاج بواقع مليوني برميل يومياً تدخل حيز التنفيذ في شهري نوفمبر وديسمبر.
قدرة التحالف على التخطيط للمستقبل تواجه عرقلة من تفاوض الحكومات الأوروبية حول وضع إجراءات لعقاب روسيا على غزو أوكرانيا. وقد توقفت المباحثات حيث يعاني الاتحاد الأوروبي في تقييم ودراسة السقف السعري على المبيعات الروسية، وسط ضغوط بعض الدول من أجل فرض مستوى منخفض يكبل قدرة موسكو على تسويق إنتاجها.
أمريتا سن، كبيرة محللي النفط والشريكة المؤسسة في "إنيرجي أسبتكتس" الاستشارية (Energy Aspects) قالت: "يريد تحالف (أوبك+) أن يرى أولاً كيف تعالج عملية تخفيض الإنتاج الأخيرة مشكلة زيادة المعروض، خصوصاً مع اقتراب تنفيذ الحظر الأوروبي على النفط الروسي".
أضافت سن: "أنا لا أستبعد زيادة الكمية المقرر تخفيضها – فهذا أمر مطروح على الطاولة فعلاً – غير أن ذلك ليس هو السيناريو الافتراضي لدينا: وأعتقد أن تحالف (أوبك+) سيدرس فقط تمديد عمليات تخفيض الإنتاج الحالية".
ظهرت توقعات إجراء تخفيض جديد في بداية الأسبوع الجاري، عندما انخفضت أسعار عقود برنت الآجلة إلى نحو 80 دولاراً للبرميل بسبب مخاوف من أن تؤدي عمليات الإغلاق في الصين إلى تقويض الطلب على الوقود في أكثر دول العالم استيراداً للنفط.
أشارت الرياض فعلاً إلى إصرارها على الدفاع عن أسواق الخام العالمية. ففي الأسبوع الماضي قال وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان إن تحالف "أوبك+" "مستعد لأن يتدخل" بتخفيض جديد للإنتاج إذا كان ذلك مطلوباً "لموازنة العرض والطلب".
مخاوف المستهلكين
رغم تراجع احتمالات إجراء تخفيض جديد على المعروض، فإنها لم تتلاشَ تماماً. ويقول كلوديو غاليمبرتي، رئيس وحدة تحليل الأميركتين في شركة "ريستاد إنيرجي" (Rystad Energy) ومقرها هوستون: "مع ذلك، يجب على المنظمة أن تدرس ذلك في ضوء حقيقة أن هناك مازلت مساحات كبيرة من الغموض حول قرار الاتحاد الأوروبي حظر الخام الروسي، والذي قد يترتب عليه انخفاض كبير في الإنتاج".
يضيف غاليمبرتي أن هذا يجعل منهج "فلننتظر ثم نرى" الخيار الأحكم، علاوة على أن قراراً بتمديد المستوى الحالي لتخفيض الإنتاج قد يلقى ترحيباً من قبل الدول المستهلكة.
انتقد الرئيس جو بايدن تحالف "أوبك+" عندما أعلن تخفيضه المفاجئ للإنتاج في الشهر الماضي، محذراً الرياض من "عواقب" تعريض التعافي الاقتصادي للخطر ودعم المجهود الحربي لروسيا. وقد حثت "وكالة الطاقة الدولية"، التي تقدم المشورة لمعظم الاقتصادات الكبرى، تحالف "أوبك+" هذا الأسبوع على الاهتمام بمصالح المستهلكين.
قال المدير التنفيذي للوكالة فاتح بيرول في مقابلة في أوسلو: "إن دراسة الدول الأعضاء في تحالف (أوبك+) أوضاع الاقتصاد العالمي شديدة الهشاشة والضعف أمر بالغ الضرورة. فإن بعض عملائها الرئيسيين على مشارف الركود".