بلومبرغ
يوشك الرئيس جو بايدن على تجميد بيع إيجارات النفط والغاز على الأرض الفيدرالية، التي تشكِّل حوالي 10% من الموارد الأمريكية، وفقاً لأربعة أشخاص مطَّلعين على الأمر.
من المخطط أن يتمَّ الكشف عن القرار الذي من شأنه تجميد إيجارات الفحم أيضاً، مع مجموعة من السياسات البيئية الأخرى في الأسبوع القادم، وفقاً للأشخاص المطَّلعين، الذين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم؛ لأنَّ المناقشات الخاصة بالخطط غير معلنة بعد.
وستمنع هذه الخطوة مبيع حقوق التعدين والحفر الجديدة على مساحة تصل إلى 700 مليون فدان (2.8 مليون هكتار) من الأرض الفيدرالية. كما قد تمنع تأجير مواقع النفط والغاز البحرية، بالرغم من أنَّ التفاصيل لا تزال قيد التطوير، على حدِّ قول بعض من هؤلاء الأشخاص.
ورفض المتحدث باسم البيت الأبيض ووزارة الداخلية التي تشرف على تأجير الأرض الفيدرالية التعليق.
وكان منتجو النفط والغاز أسوأ المجموعات أداءً على مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" يوم الخميس. فقد تراجعت أسهم "إي أو جي ريسورسز" (EOG Resources) بنسبة 8.6%، وهي النسبة الأكبر لها في يوم واحد منذ نهاية نوفمبر. وكذلك الأمر بالنسبة لـ"ديفون إينيرجي" (Devon Energy) بنسبة 7.9% في أسوأ أداء لها منذ سبتمبر.
مراجعات جديدة
تراجعت الشركات بالفعل بعد أمر وزارة الداخلية الذي صدر الأربعاء الماضي، ويطلب الحصول على موافقة قادة أعلى الوكالات لإصدار تصريحات الحفر الجديدة في مناطق الغاز والنفط المؤجَّرة خلال الأيام الستين القادمة.
ينطبق هذا التعليق على القرارات الخاصة بالتسهيلات الفيدرالية، والمراجعات البيئية، وعمليات التعدين والتعيين، ويوفِّر وقتاً لتأكيد تعيين المسؤولين الجدد في إدارة بايدن، وملء الشواغر في الوكالات.
وعلى النقيض من ذلك؛ فإنَّ الإيقاف الأطول المخطط له للإيجارات الجديدة في الأسبوع القادم سيتيح للإدارة تقييم أثرها البيئي، واتخاذ القرار فيما إذا كانت ستبدأ في بيعها، وكيف سيتم ذلك؟. وقد ينتج عن المراجعة وضع نهاية لعمليات الإيجار، أو التوصل إلى حدود جديدة على المساحات المباعة، وأسعار أعلى لشرائها.
يمكن أن يضع هذا التعليق صناعة النفط والغاز الأمريكية في المرمى المباشر لنيران الحكومة الفيدرالية. ودعا بايدن إلى إنهاء استخدام الوقود الأحفوري تدريجياً بمرور الوقت لصالح مصادر الطاقة النظيفة، فيما يمثِّل إصلاحاً للمزيج الأمريكي من وقود الطاقة، الذي قد يكون له آثار عميقة على الاقتصاد، وقد تلمس كل شيء بدءاً من أنابيب النقل حتى خطوط الطاقة.
تعمل إدارة بايدن أيضاً على تطوير خطط لتحقيق الوعد الرئيسي بتوجيه 40% من استثمارات الطاقة النظيفة إلى المجتمعات المحرومة، وتسخير التغير المناخي كقوة إيجاد وظائف، وتأسيس فريق حكومي واسع النطاق ليكرس جهوده لهذا الأمر.
ولا تزال التفاصيل النهائية قيد التطوير.
مصير أنبوب "كيستون"
ستستند هذه الخطوات إلى الخطوات العاصفة التي اتخذها بايدن في يومه الأول في البيت الأبيض، إذ ألغى تصريح أنبوب "كيستون إكس إل" (Keystone XL) النفطي، وأعاد انضمام بلاده إلى اتفاقية باريس حول المناخ، ووجَّه المشرِّعين لمراجعة العشرات من القواعد البيئية التي تمَّ فرضها خلال عهد الرئيس السابق دونالد ترمب.
يقول أشخاص على اطلاع بالإجراءات المخطط لها، إنَّها ستعكس رغبة إدارة بايدن في التطبيق السريع لسياسات مناخية قوية، وليس إلغاء للقواعد المفروضة في عهد ترمب فحسب.
وعد بايدن بوضع نهاية للسماح بإصدار تصاريح نفط وغاز جديدة على الأراضي الفيدرالية خلال حملته الانتخابية. وقد حذَّر قادة صناعة النفط والسياسيون من غربي الولايات المتحدة أنَّ هذه الخطوة قد تؤذي بعض الاقتصاديات المحلية التي تزدهر فيها صناعتا التعدين والتنقيب، وتعيق في الوقت نفسه إنتاج الطاقة في الولايات المتحدة؛ ما سيضر بالمستخدمين الأمريكيين.
تعهد "ائتلاف الطاقة الغربي" (ويسترن إينيرجي ألاينس) الذي تصارع مع القواعد المفروضة في عهد أوباما، وقد استهدفت التنقيب عن النفط، بالتوجه إلى المحكمة فوراً لتحدي أي حظر على تصاريح التأجير. وقالت كاثلين سغاما التي ترأس المجموعة، إنَّ حظر الإيجارات والتصاريح يعني "حكماً بالإعدام" على الصناعة في الغرب، إذ من المستحيل فعلياً القيام بعمليات الاستكشاف بدون لمس أجزاء من الأراضي أو المعادن الفيدرالية بغضِّ النظر عن الجهد الذي تبذله الشركات في ذلك".
ثاني أكسيد الكربون
تعادل مساحة الأراضي والمسطحات المائية الفيدرالية حوالي 22% من إجمالي إنتاج الولايات المتحدة من النفط، و12% من إنتاج الولايات المتحدة للغاز الطبيعي في عام 2019، وفقاً لإدارة معلومات الطاقة. وتوفِّر الأراضي الفيدرالية البرية حوالي 8% من النفط الذي تستهلكه الدولة، و9% من غازها الطبيعي، وفقاً لمكتب إدارة الأراضي.
ولا تزال البيانات الخاصة بعام 2020 غير متوفرة.
كما أنَّ هذا يجعل من تلك الأراضي مصدراً رئيسياً لانبعاثات الغازات الدفيئة المرتبطة بحرق الوقود الأحفوري. ويعدُّ النفط، والغاز، والفحم المستخرج من الأراضي والمياه الفيدرالية مسؤولاً عن 24% من انبعاثات الكربون في الولايات المتحدة، وفقاً لتقرير المسح الجيولوجي للولايات المتحدة.
يحثُّ مناصرو البيئة إدارة بايدن على إدراج الأراضي الفيدرالية في المعركة ضد التغيُّر المناخي من خلال تحويل هذه المناطق إلى مناطق امتصاص لثاني اكسيد الكربون، وجعلها موائل غير منقطعة للأنواع المعرَّضة لخطر الانقراض. وتبنَّى مساندو المحافظة على البيئة، ومن بينهم مرشحة بايدن لوزارة الداخلية، عضوة مجلس النواب ديب هالند، خطة لحماية 30% على الأقل من أراضي الولايات المتحدة ومحيطاتها مع حلول عام 2030.
وقال كولين أومارا، رئيس الاتحاد الوطني للحياة البرية: "يمكن لهذا التعليق أن يوفِّر الوقت لمراجعة فعلية، ويسمح للعلم والقانون بوضع معالم التأجير الطويل الأمد".
استراتيجية أوباما
قالت جين ساكي، السكرتير الصحفي للبيت الأبيض يوم الأربعاء، إنَّ الإدارة لديها التزام بإنهاء عقود تأجير أراضي النفط، والغاز الفيدرالية، دون تقديم مزيد من الإيضاحات حول خطط الرئيس. وأضافت: "سنفعل ذلك، وسيقوم فريقنا بمراجعة عقود التأجير".
تحرَّك بايدن بالفعل لمنع تأجير أراضي النفط والنشاطات المتعلقة بها في المحمية الوطنية للحياة البرية في القطب الشمالي، فقد أمر الكونغرس الحكومة في عام 2017 مرَّتين بعرض حقوق التنقيب هناك في مزاد مع حلول نهاية 2024. وفي أمر تنفيذي تمَّ توقيعه يوم الأربعاء، وجَّه بايدن وزارة الداخلية لمراجعة القرارات التي اتخذها سلفه بشأن تطوير النفط القطبي، بما في ذلك احتمال إعادة القيام بالتحليل البيئي الذي نفَّذته إدارة ترمب، علماً أنَّه وفَّر الأساس لبيع 9 عقود إيجار في 6 يناير.
تمت صياغة هذه المقاربة الجديدة والأوسع التي تشمل جميع الأراضي الفيدرالية بناء على استراتيجية استعملها الرئيس الأسبق باراك أوباما في عام 2016، عندما أمر بوقف المبيعات الجديدة لحقوق التعدين، واستخدم الوقت المتوفِّر لدراسة ما إذا كان يجب تحديث برامج تأجير حقوق الفحم الفيدرالية. وأعيد بدء البرنامج بسرعة في عهد ترمب قبل إنهاء التقييم.
هل يمكن الاستمرار بهذا الأمر من الناحية القانونية؟
يقول محامو البيئة والموارد الطبيعية، إنَّ هذه المقاربة قد تكون أكثر استمرارية من الناحية القانونية في حال تدعيمها بمراجعة بيئية ممنهجة. ويفرض كلٌّ من القانون الفيدرالي، وخطط مكتب إدارة الأراضي التي تحكم الأراضي الواقعة تحت سيطرة الوكالة مبيعات الإيجار العادية.
يجادل مناصرو صناعة النفط بأنَّ حواجز الحفر لا تفعل شيئاً لتخفيض الانبعاثات، بل إنَّها تعمل على تحويل إنتاج النفط الخام إلى مكان آخر فقط. قال دان ناتز ، النائب الأول لرئيس جمعية البترول المستقلة الأمريكية: "لا يزال العالم بحاجة إلى الغاز الطبيعي والنفط في ظل أي سيناريو لفترة طويلة، وسيؤدي حظر التأجير إلى نقل هذا الإنتاج إلى المملكة العربية السعودية وروسيا، إذ توجد ضوابط بيئية أقل صرامة".
وحذَّر قادة الصناعة من الألم الاقتصادي المحتمل للولايات الغربية التي تعتمد ميزانياتها على عائدات النفط والغاز المنتجين على الأراضي الفيدرالية. وقالت آن برادبري، الرئيسة التنفيذية لمجلس الاستكشاف والإنتاج الأمريكي: "إنَّ منع الشركات الأمريكية من الوصول إلى الموارد الطبيعية لبلدنا سيىء للوظائف الأمريكية، وسيىء لميزانيات الدولة، وسيئ للأمن القومي".
ومن المقرَّر أيضاً أن يضع بايدن خططاً لضمان تدفق 40% من فوائد الإنفاق على الطاقة النظيفة والسياسات إلى مجتمعات الإصحاح البيئي، وهي مناطق تقع على الخطوط الأمامية لتغير المناخ أو نجت تاريخياً من وطأة التلوث. كما تعهَّد الرئيس خلال الحملة بتوجيه 40% من الاستثمارات في مجال الطاقة النظيفة إلى المجتمعات المحرومة، بما في ذلك الإنفاق على الإسكان المستدام والنقل.
كما من المقرر أن يكون الأمر التوجيهي التالي من بايدن، هو إنشاء مجلس استشاري خارجي يركِّز على تحديث سياسات العدالة البيئية في عهد كلينتون، التي تهدف إلى معالجة الآثار غير المتناسبة التي يفرضها التلوث على الفقراء، والمجتمعات الملونة.