بلومبرغ
يتخذ بائعو الغاز الطبيعي المسال في آسيا خطوة نادرة، وتنطوي على مخاطر محتملة وهي تتمثِّل بتعبئة الكميات المُتبقية من الغاز لتكوين شحنات كاملة ترسل لأوروبا لمساعدتها في أزمة الطاقة في ظل طلبها المتزايد.
تجمع الشحنات هذه بين إمدادات الغاز الطبيعي المُسال المتروكة بعد عمليات التسليم الجزئية في مراكز مثل أستراليا وسلطنة عُمان وعملاء في شمال شرق آسيا. إذ يُنقل الفائض من الغاز الطبيعي المسال إلى سفينة واحدة في المحيط لتُشكّل شحنة جديدة يمكن بيعها إلى أوروبا أو أي مشترٍ آخر في آسيا بعد ذلك، وفقاً لبيانات "بلومبرغ".
تم رصد عمليات نقل الغاز من سفينة إلى أخرى في المياه قبالة ساحل ماليزيا في شهر يوليو الماضي، في أول الأمثلة على تلك الممارسات هناك منذ تسعة أشهر، بحسب شركة "فورتيكسا" (Vortexa) لاستخبارات الطاقة.
تبعات المزج بين أنواع الغاز
يعدّ إجراء هذا النوع من الممارسات نادراً في سوق الغاز الطبيعي المسال، على عكس قطاع النفط الذي ينتشر فيه المزج بين الأنواع المختلفة من النفط الخام إلى حد ما. إذ قد يؤدي خلط أنواع من المصادر المختلفة إلى تراكم ضغط خطير في الخزانات في حال لم يتم التعامل مع الغاز بشكل سليم، ما يزيد من مخاطر هذه العملية.
فيما يؤدي تجميع هذا الغاز في شحنة كاملة عادة إلى إهدار الوقت والمال. إلا أن إعادة إحياء هذه الممارسات توضّح حجم أزمة الطاقة العالمية، حيث دفعت مشكلة الطاقة في أوروبا بارتفاع الطلب على الغاز الطبيعي المسال وصعود أسعار الغاز إلى مستويات قياسية، الأمر الذي جعل بدوره من هذه الممارسات خياراً جذاباً.
أسعار الغاز الطبيعي ترتفع 21% في أوروبا وتتراجع 16% في أميركا لأسباب متعارضة
الفرص في السوق
يقول التجّار إن شركات الطاقة العملاقة شعرت بوجود الفرص نتيجة لوصول الأسعار الأوروبية إلى حوالي 100 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، وبيع الإمدادات الآجلة بسعر يبلغ نحو 20 دولاراً.
تعليقاً، يقول فيليكس بوث، رئيس إدارة الغاز الطبيعي المسال في "فورتيكسا": "من المتوقع أن تبقى عمليات نقل الغاز الطبيعي المسال من سفينة إلى سفينة نشطة في جنوب شرق آسيا، حيث تُغذِّي الشركات نقص الطاقة الهيكلي في أوروبا".
لكن القائمين على المرافق والتجار والمحللين قالوا إن البائعين يُقدّمون أقل الكميات الممكنة في السوق الضيّقة الحالية، بموجب اتفاقيات محددة المدة. وأضافوا أن العقود تسمح عادة للبائعين بتسليم كميات غاز قد تكون أقل بمقدار 5% عن الكمية الفعلية، في بند معروف بمستويات الحد الأدنى من التحمُّل.
يسمح هذا للشركات العملاقة، وفقاً لبوث، بتخليص الإمدادات المتاحة من كافة محافظها ونشر أسطولها من السفن.
تحركات السفن
أظهرت بيانات "فورتيكسا" أن الناقلة "أتالوس" (Attalos) للغاز الطبيعي المسال وصلت إلى أوروبا الأسبوع الماضي، وهي محمَّلة بشحنة جزئية من الغاز الأسترالي وبعض الغاز القطري. وقبل أن تلتقي مع "أتالوس" الشهر الماضي في ماليزيا، أبحرت السفن الثلاث "باتريس" (Patris) و"سيباك غلاسكو" (Seapeak Glasgow) و"كينيسيس" (Kinisis) إلى شمال شرق آسيا بهدف تفريغ جزء من شحناتها. بينما توقّفت "باتريس" في منشأة "نورث ويست شيلف" الأسترالية التي لدى "بريتيش بتروليوم" مخزون من الغاز بها.
ورفض متحدث باسم "بريتيش بتروليوم "التعليق على شحنات أو عمليات تجارية أو سفن محدّدة بموجب سياسة الشركة.
في الوقت نفسه أظهرت بيانات "بلومبرغ" أن سفينة "فليكس ريزوليوت" (Flex Resolute) أفرغت، هذا الشهر، شحنة جزئية من الغاز العُماني المنشأ في ميناء داهيج الهندي قبل نقل المتبقي من الغاز الطبيعي المسال عبر سفينة إلى أخرى للناقلة "بريتيش بارتنر" (British Partner) قبالة السواحل الماليزية. وتسلّمت "بريتيش بارتنر" الغاز القطري كذلك من سفينة "فليكس أورورا" (Flex Aurora) التي أبحرت في يوليو من رأس لفان في قطر إلى اليابان قبل التوجّه إلى ماليزيا. وتتواجد "بريتيش بارتنر" حالياً في بحر الصين الجنوبي.
تهدّد هذه الاستراتيجية بإبقاء كميات أقل من الغاز الطبيعي للمرافق الآسيوية التي تتنافس بشدة مع أوروبا على تخزين الغاز قبل فصل الشتاء. كما ارتفعت الأسعار المعيارية في اليابان وكوريا إلى أعلى مستوى لها في خمسة أشهر وسط الشكوك حول آفاق الإمدادات الأوروبية في ظل استمرار الصراع الروسي الأوكراني.