أميركا تفشل في إضعاف قبضة الكرملين على أسواق الطاقة النووية

روسيا تشارك في حدث عن الطاقة الذرية بواشنطن في أكتوبر ومسؤولون أميركيون يعتبرونه "كابوساً دبلوماسياً"

time reading iconدقائق القراءة - 15
93 مفاعل هو عدد المفاعلات النووية العاملة في الولايات المتحدة. - المصدر: بلومبرغ
93 مفاعل هو عدد المفاعلات النووية العاملة في الولايات المتحدة. - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

تعثرت جهود الولايات المتحدة لإضعاف قبضة الكرملين على أسواق الطاقة الذرية العالمية عقاباً لها على حربها في أوكرانيا، فضلاً عن حشد عملاقة الطاقة النووية الروسية للعب دور رئيسي في تجمع صناعي رفيع المستوى.

شرعت شركة "روساتوم" الروسية في العمل في أول مفاعل طاقة مصري، وذلك بعد أن بدأت موسكو غزوها في فبراير، إضافة إلى مشروعات أخرى متطورة في المجر وتركيا، كما بدأت أعمالاً جديدة من ميانمار إلى أوغندا، بصفقات بمليارات الدولارات.

من المتوقع أن يتصدر مسؤولون من "روساتوم"، أكبر مُصدّر للوقود النووي والمفاعلات في العالم، الجلسات عندما يجتمع وزراء الطاقة ومديرو الشركات في اجتماع يُعقد كل أربع سنوات في أكتوبر في واشنطن لتأكيد النفوذ الروسي.

ستدعو القمة التي تستضيفها الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى إضافة مزيد من الطاقة النووية، إذ أدى ارتفاع درجات الحرارة في جميع أنحاء العالم إلى تكثيف الجدل حول تقنيات منع انهيار المناخ.

لكن الوجود الروسي سيسلط الضوء أيضاً على كيفية تعثُّر الجهود لتشديد القيود على شركة "روساتوم"، التي يضم مجلسها الإشرافي اثنين من المسؤولين الخاضعين للعقوبات، حتى في ظل مطالب الكونغرس بخفض إدارة "بايدن" اعتماد الولايات المتحدة على الوقود النووي الروسي.

يشكّل الاجتماع المقرر عقده في 26-28 أكتوبر كابوساً دبلوماسياً، وفقاً لمسؤولَين أميركيَّين طلبا عدم الكشف عن هويتيهما في أثناء مناقشة مداولات سرية. قال المسؤولان إنّ الولايات المتحدة مُلزَمة وفقاً لاتفاقية الدولة المضيفة بدعوة جميع أعضاء الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومقرها فيينا، وأضافا أن استبعاد "روساتوم" قد يؤثر في علاقة واشنطن بالدول التي تسعى للحصول على التقنية النووية الروسية.

تصعّب قبضة "روساتوم" على دورة الوقود النووي الدولية، بداية من استخراج اليورانيوم إلى التجميعات الهندسية للمفاعلات، قرار واشنطن باستبعاد روسيا من المناقشات حول الطاقة الذرية. ويُعَدّ المهندس الروسي ميخائيل شوداكوف المسؤول الأول عن الطاقة النووية في الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

قال بول دبار، نائب وزير الطاقة السابق الذي عمل على إنعاش قدرة الولايات المتحدة على إنتاج الوقود النووي: "إنّ سوق الوقود النووي العالمية هشة للغاية. يمكن لروسيا خفض الإمدادات العالمية المتاحة من الوقود النووي إلى النصف في أي وقت، والولايات المتحدة هي السوق الأكثر تعرضاً لهذا على مستوى العالم".

قدمت روسيا ما يقرب من ربع الوقود لـ93 مفاعلاً أميركياً العام الماضي، ويُتوقع أن تحتفظ "روساتوم" بحصة 15% في نهاية هذا العقد، وفقاً لدراسة أجرتها جامعة "كولومبيا" وشارك "دبار" في كتابتها. يُعَدّ الوضع هشاً بنفس القدر في أوروبا، إذ يولد وقود "روساتوم" الكهرباء لـنحو 100 مليون شخص، معظمهم في دول الاتحاد السوفيتي السابق.

رفضت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التعليق على الكيفية التي يمكن أن تؤثر بها العقوبات الأميركية على مشاركة روسيا في اجتماع واشنطن. وأضافت الوكالة عبر البريد الإلكتروني أن وفد موسكو ضم 35 مسؤولاً تنفيذياً روسياً، أغلبهم من "روساتوم"، في الاجتماع الوزاري الأخير للوكالة.

قال مكتب الشؤون القنصلية بوزارة الخارجية، المسؤول عن تأشيرات اجتماع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إن "سجلاته سرية بموجب القانون الأميركي".

لم تسلَم "روساتوم" بالكامل من عقوبات الحرب. وعاقبت الولايات المتحدة سيرجي كيرينكو، رئيس مجلس إدارة الشركة الرقابي والنائب الأول لرئيس أركان الكرملين، وكذلك عضو مجلس الإدارة ونائب رئيس الوزراء يوري تروتنيف.

من المقرر أن يناقش كيريل كوماروف، النائب الأول للمدير العام للشركة، "البيئات الملائمة" للنمو النووي في مؤتمر الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فيما سيتحدث أليكسي فيرابونتوف نائب رئيس هيئة الرقابة على المعايير التكنولوجية الروسية عن "تعزيز الثقة" بالطاقة الذرية، وفقاً لوثائق الوكالة الرسمية التي اطلعت عليها "بلومبرغ".

لم تردّ "روساتوم" على أسئلة حول حجم وفدها، لكنها قالت إنها واحدة من عدد قليل من البائعين الذين يبنون حالياً مفاعلات وحدات صغيرة جديدة، ستعرض في اجتماع الوكالة الدولية للطاقة الذرية هذا العام.

ردت "روساتوم" بالبريد الإلكتروني على الأسئلة، قائلة إنّ الشركة تستعدّ "للفوز بحصة سوقية أكبر" من الدول الأخرى لبدء تنفيذ التقنيات. وتُعَدّ مفاعلات الوحدات الصغيرة وسيلة أرخص وأسرع لتوسيع توليد الطاقة النووية.

واجهت محاولات الكونغرس مشكلات لكبح النفوذ النووي الروسي. وقدمت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين تشريعات في مارس لتقييد النفوذ الروسي على أسواق الوقود النووي، لكن البيت الأبيض كان قد أعفى السفن الروسية التي تحمل وقوداً ذرياً إلى الموانئ الأميركية من العقوبات بعد شهر واحد.

يمارس الآن بعض الدبلوماسيين الأوروبيين ضغوطاً لضمان أن تناقش قمة الوكالة الدولية للطاقة الذرية الهجوم الروسي في أوكرانيا والأضرار التي يقولون إنها تلحقها بمستقبل الطاقة النووية.

أثارت الهجمات الروسية بالقرب من المفاعلات في "زابوريحيا"، أكبر منشأة ذرية في أوروبا، مخاوف من وقوع حادث، وتسببت في احتجاجات شبه أسبوعية من المسؤولين الأوكرانيين إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

كتب الدبلوماسيون، في وثيقة اطلعت عليها "بلومبرغ"، أن تقديم منصة لإدانة روسيا، دون استبعاد "روساتوم"، يمكن أن يتجنب دعوة نفس النوع من الانتقام الذي عانى منه مستهلكو الغاز الطبيعي الأوروبيون، والذين رأوا كيف أن الكرملين يحجز الإمدادات رداً على العقوبات.

قال "دبار"، المسؤول السابق بوزارة الطاقة: "من شأن هذا الوقف أن يؤثر في محطات الطاقة النووية، وأن يضغط على الأسواق الغربية. سيستغرق تغيير خطوط الإمداد وقتاً طويلاً".

تصنيفات

قصص قد تهمك