بلومبرغ
قد تسمح الولايات المتحدة بدخول المزيد من النفط الإيراني الخاضع للعقوبات إلى الأسواق العالمية حتى من دون إحياء الاتفاق النووي لعام 2015، وفقاً لأكبر شركة مستقلة لتجارة الخام.
وفي وقت كان من المفترض أن يحدّ اتفاق جديد من أنشطة إيران النووية ويُخفف العقوبات الأمريكية على صادراتها من الطاقة؛ تعثّرت المحادثات بين طهران والقوى العالمية منذ شهر مارس. كما أنَّ تجار النفط متشائمون بشكل متزايد إزاء توصّل المفاوضين إلى إبرام صفقة.
ومع ذلك، يمكن للرئيس الأمريكي جو بايدن أن يُقرّر أنَّ الحاجة إلى خفض أسعار الوقود، والتي وصلت إلى أرقام قياسية، قبل انتخابات التجديد النصفي لشهر نوفمبر تفوق فائدة التطبيق الصارم للعقوبات، بما في ذلك عن طريق الاستيلاء على مزيد من ناقلات النفط الإيرانية.
قال مايك مولر، رئيس قسم آسيا في مجموعة "فيتول" (Vitol Group)، يوم الأحد في بث صوتي أعدته "غلف إنتليجنس" التي تتخذ من دبي مقراً لها: "قد يسمح العم سام بتدفق قدر أكبر قليلاً من هذا النفط؛ وإذا هيمنت الحاجة إلى خفض أسعار الغاز في أمريكا على انتخابات التجديد النصفي؛ فإنَّ غض الطرف إلى حد ما عن تدفق البراميل الخاضعة للعقوبات هو أمر قد نتوقَّع رؤيته. ولطالما كان تدخل الولايات المتحدة في هذه التدفقات ضئيلاً للغاية".
الجدير بالذكر أنَّ الولايات المتحدة صادرت نفطاً من سفينة ترفع العلم الإيراني قبالة اليونان الشهر الماضي، وأعقب ذلك بأيام احتجاز طهران لناقلتين يونانيتين في الخليج العربي. ولكن من غير المرجح أن تشير خطوة واشنطن إلى بدء المزيد من مصادرة الناقلات من قبل الولايات المتحدة، وفقاً لمولر.
صادرات نفط إيران
يُشار إلى أنَّ إيران رفعت صادرات النفط هذا العام، والتي انتهى المطاف بمعظمها في الصين. ووفقاً لمحللي الطاقة؛ فإنَّ اتفاقاً نووياً جديداً سيؤدي إلى وصول ما بين 500 ألف إلى مليون برميل يومياً إلى الأسواق الدولية، وهو ما يكفي للتأثير على الأسعار. كما تمتلك الجمهورية الإسلامية حوالي 100 مليون برميل من النفط في المخازن يمكن بيعها بسرعة.
ارتفعت أسعار النفط الخام بأكثر من 50% هذا العام إلى ما يقرب من 120 دولاراً للبرميل، ويرجع ذلك في الغالب إلى تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا. وفي حين يُعارض العديد من الجمهوريين وبعض الديمقراطيين أي رفع للعقوبات عن إيران؛ يتعرّض بايدن لضغوط كبيرة لخفض أسعار البنزين التي قفزت إلى ما يزيد عن 4.8 دولارات للغالون الواحد في الولايات المتحدة.
البحث عن التوازن
هناك القليل من الإجماع حول اتجاه أسعار النفط، وفقاً لـ "فيتول" التي تاجرت بما مقداره 7.6 مليون برميل من النفط الخام والمنتجات المكررة يومياً في عام 2021. وفي حين أنَّ الإمدادات ضيقة؛ فإنَّ إطلاق واشنطن للاحتياطيات الاستراتيجية يساعد في تحقيق التوازن في السوق.
علاوةً على ذلك، قال مولر إنَّ قرار "أوبك+"، وهي مجموعة من 23 دولة من المنتجين بقيادة السعودية وروسيا، يوم الخميس لتسريع زيادات الإنتاج من غير المرجح أن يكون له تأثير كبير. وذلك لأنَّ العديد من الأعضاء سيكافحون لضخ المزيد، وقد تنخفض صادرات موسكو بفعل العقوبات المفروضة بسبب الحرب في أوكرانيا.
كذلك قال مولر، الذي يعمل من مقر شركته في سنغافورة، "إنَّ نطاق آراء الخبراء لم يكن يوماً أكثر اتساعاً؛ وهناك أشخاص يعتقدون أنَّ أسعار السوق ستصل إلى 135 - 140 دولاراً للبرميل. كما أنَّ هناك مَن يعتقد أنَّنا سننخفض إلى ما دون مستوى 100 دولار مرة أخرى".
وقال إنَّ هناك أيضاً انقسام ينشأ بين الدول الغنية والفقيرة. إذ يشهد بعض الذين في آسيا مثل ماليزيا وسنغافورة انتعاشاً في الطلب مع تخفيف الإغلاق بسبب فيروس كورونا. في حين أنَّ دولاً أخرى، بما في ذلك باكستان وسريلانكا، التي تخلّفت عن سداد السندات الدولية، وتكافح لدفع ثمن واردات الوقود، وهو ما يعني تقلّص الطلب منها.
أضاف مولر: "هي قصة عالمين؛ حيث سيقضي العالم الثري عطلاته وسيحرق وقود الطائرات. إلا أنَّ الأثر في أماكن أخرى أعمق بكثير. كما أصبح الانقسام بين البلدان المزدهرة والبلدان التي لديها قدرة أقل على دفع ثمن السلع الأساسية صارخاً للغاية".