بلومبرغ
تشير التوقعات إلى أن منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاءها سيرفضون في اجتماعهم هذا الأسبوع دعوات لسد قصور الإمدادات، نتيجة تراجع صادرات النفط من روسيا، وهي طرف في التحالف.
يُتوقع أن يقرّ التحالف المكوّن من 23 دولة بقيادة السعودية، خطط زيادة الإنتاج المتواضعة، المقرر تطبيقها في مايو، خلال الاجتماع المزمع عقده الخميس، وفقاً لمسح أجرته بلومبرغ. حيث توقع العديد من مندوبي الدول الأعضاء في "أوبك" وحلفائها القرار، فيما تشير تصريحات الدول الرئيسية الرسمية إلى نفس المسار.
تراجعت صادرات النفط الروسية بمقدار الربع، وسط مقاطعة عديد من الدول المستوردة لنفط روسيا عقب غزوها لأوكرانيا. تعهدت بعض الشركات من بينها "شل" و"توتال إنرجيز"، بالتوقف عن الشراء من السوق الفورية وإلغاء العقود طويلة الأجل.
يهدد نقص الإمدادات الإضافية لتعويض الخسائر الروسية مع استقرار أسعار النفط فوق 100 دولار للبرميل بارتفاعات أكبر في التضخم وتهديد انتعاش الاقتصاد العالمي وزيادة حدة أزمة تكلفة المعيشة للملايين. لم تتأثر الدول الرئيسية في "أوبك +" بمطالبات المستوردين الرئيسيين للدول التي تملك طاقة إنتاجية فائضة في التحالف، بتسريع زيادة الإنتاج.
ثقة أكبر
قال وزير الطاقة الإماراتي، سهيل المزروعي الإثنين في مؤتمر عقد في دبي: "لن نزيد الموارد طالما أن السوق متوازنة. الموارد موجودة في السوق". كما قال في اليوم التالي للمؤتمر، إن المستهلكين الرئيسيين مثل الولايات المتحدة يجب أن يثقوا في إدارة المنظمة للسوق بأفضل طريقة.
أجمع 23 متعاملاً ومحللاً استطلعت بلومبرغ آراءهم أن التحالف سيلتزم بخطته لزيادة 432 ألف برميل يومياً في مايو. بينما تمثل تلك الزيادة إضافة طفيفة نظرياً، مقارنة بالزيادة السابقة البالغة 400 ألف برميل، حيث تهدف "أوبك +" لإجراء تعديل طفيف في حصص الدول المنتجة كل على حدة، حيث إن أغلب الدول الأعضاء تعثرت بالإيفاء بكامل حصتها التي تعهدت بها على مدى عدة أشهر.
أشارت السعودية والإمارات إلى أن إحجامهما عن الإسراع بزيادة الإنتاج يرجع إلى اعتقادهما بعدم وجود نقص في إمدادات الأسواق العالمية حتى الآن. قد يبدو أن قرارات الشركات الكبرى في الخليج تعكس ولاءً لموسكو.
قال المزروعي يوم الإثنين: "روسيا عضو مهم"، ويجب أن تبقى "أوبك +" بعيداً عن السياسة. أضاف المزروعي أن التحالف ليس معنياً حول ما إذا كان تراجع الإمدادات الروسية تحديداً تسبب بخلل في توازن السوق.
السعر عوضّ خسائر
كان التحالف قد اتخذ مساراً مشابها في اجتماعه الأخير الذي انعقد مطلع هذا الشهر الجاري ودام 13 دقيقة فقط، وتجنب فيه وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان مناقشة الوضع الروسي.
تحرص الرياض وأبوظبي على الحفاظ على علاقاتهما مع موسكو، والتي مكنتهما من تعزيز السيطرة على أسواق النفط العالمية وتخفيف اعتمادهما السياسي على الولايات المتحدة. يستفيد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بشكل خاص من هذا الوضع، في ظل التباعد مع إدارة بايدن عقب مقتل الصحفي جمال خاشقجي.
أدى تداول النفط بأسعار تفوق 100 دولار لتعزيز إيرادات الدول الأعضاء في تحالف "أوبك +"، ما ساهم بتعويض خسائر المالية العامة لتلك الدول، بعدما استنفادها إبان الركود الاقتصادي بسبب الوباء.
قال بول سانكي، كبير المحللين في "سانكي ريسيرش" (Sankey Research) في مقابلة مع تلفزيون بلومبرغ إن السعودية والإمارات "بحاجة للحفاظ على علاقات وثيقة مع روسيا" وأن تغيير موقفهم دون التشاور مع موسكو "سيقضي على أوبك +".
كذلك سيكون هناك عواقب للاستمرار في ذلك النهج أيضاً، في ظل الإحباط الذي سيتسبب به لإدارة بايدن وباقي قادة العالم، الذين يسعون لعزل الرئيس فلاديمير بوتين. كما يزيد ذلك من معاناة الدول المستهلكة، التي طالبت "أوبك +" عبر "وكالة الطاقة الدولية" بتخفيف ضغوط السوق.
شراء سري
لا يمكن إنكار الفجوة التي تسبب بها حظر الإمدادات الروسية وتؤثر على عديد من المصافي والتجار، رغم استمرار الصين والهند بالشراء سراً من روسيا.
انخفض متوسط إنتاج الخام الروسي إلى أقل من 11 مليون برميل يومياً خلال الفترة بين 16 و27 مارس، فسجلت أدنى مستوى للإنتاج منذ بداية العام، وفقاً لحسابات تستند إلى بيانات من وحدة "ذي دي يو - في إي كيه" CDU-TEK في وزارة الطاقة الروسية، اطلعت عليها بلومبرغ.
تتعرض الأسواق العالمية لضغوط قبل الغزو وسط فشل الإمدادات بمواكبة الطلب القوي على الوقود، بالتزامن مع الانتعاش بعد الوباء. كما يكمن جزء من المشكلة في "أوبك +" نفسها، حيث تتعثر في إسعادة كامل طاقتها الإنتاجية التي توقف جزء منها خلال ركود الوباء، بعدما أدى انخفاض الاستثمار لتآكل القدرة الإنتاجية لبعض الدول الأعضاء مثل أنغولا ونيجيريا.
تدعم التطورات الأخيرة التي يشهدها السوق التحرك بحذر، وهو النهج الذي يفضله الأمير عبد العزيز بن سلمان.
تراجعت العقود الآجلة لخام برنت بنحو 7% هذا الأسبوع، ويرجع ذلك أولاً لاغلاقات الصين الرامية لمكافحة تفشي فيروس كوفيد-19 مجدداً، ثم لتعهد روسيا بتقليص العمليات العسكرية حول العاصمة الأوكرانية. ما يزال السوق يترقب احتمال تدفق الإمدادات الإيرانية رغم عدم إحراز أي تقدم بالمفاوضات حول اتفاق نووي من شأنه رفع العقوبات الأمريكية.
قد تكون "أوبك +" في ظل تزايد حال عدم اليقين اختارت التحفظ دون أن تلتفت إلى الاعتبارات السياسية الحالية.
قال بوب مكنالي، رئيس مجموعة "رابيدان إنرجي" (Rapidan Energy Group) الاستشارية، والمسؤول السابق في البيت الأبيض: "وسط ارتفاع أسعار النفط لمستويات تاريخية، والتقلبات الأساسية والجيوسياسية، يبقى تصميم (أوبك +) على التمسك بخطتها للحفاظ على التدرج برفع الإنتاج هو الثابت الوحيد".