إيران في العراء بعد تعليق روسيا للمحادثات النووية

time reading iconدقائق القراءة - 12
إيران واصلت شحن الخام والمنتجات المكررة إلى الصين وسوريا - المصدر: بلومبرغ
إيران واصلت شحن الخام والمنتجات المكررة إلى الصين وسوريا - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

ظن قادة إيران أن قطع إمدادات النفط والغاز الروسية قد يقوي موقفهم على مائدة المفاوضات في فيينا، التي يناقش عليها زعماء العالم استعادة الصفقة النووية لعام 2015. لكن بدلاً من ذلك، وجدت الجمهورية الإسلامية نفسها مخذولة على يد حليفتها المزعومة روسيا، التي علَّقت يوم الجمعة الماضي المحادثات، في محاولة لعرقلة استعادة النفط الإيراني في السوق. والآن، يمكن للولايات المتحدة وشركائها الأوروبيين تعزيز أفضليتهم للحصول على صفقة أفضل.

اعتقد النظام في طهران أن ارتفاع أسعار الوقود سيجعل الرئيس الأمريكي جو بايدن يائساً للحصول على اتفاقية ترفع العقوبات عن إيران سريعاً، وتعيد الإمدادات الإيرانية إلى السوق. وأن عزوف كبار المنتجين مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة عن زيادة إنتاجهم -لدرجة أن حكامهم رفضوا حتى التحدث تليفونياً إلى بايدن- سيجعل الولايات المتحدة أكثر حرصاً على تلبية المطالب الإيرانية، التي تتضمن استكمال رفع جميع العقوبات، حتى تلك غير المرتبطة بنشاطاتها النووية.

تعزيز إنتاج النفط والغاز

بالتالي، روَّج الإيرانيون لإمكانية تعزيزهم لإنتاج النفط والغاز في غضون أسابيع قليلة فقط، بالرغم من أنَّ هذا أمر مستبعد، نظراً للحالة الخطرة والمتردية التي تعاني منها البنية التحتية للتنقيب لديهم. كما أشاروا إلى استعدادهم للتصرف ضد مصالح الروسيين، الذين وقفوا في صفهم طيلة فترة المفاوضات في فيينا، حيث يمكن أن تقوض قدرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على تهديد إمدادات الطاقة الغربية إذا تمكنت أوروبا من الحصول على إمدادات بديلة من إيران.

اعتقد الإيرانيون أن روسيا، التي بذلت جهداً كبيراً في مفاوضات فيينا، ستبقى في صفهم. (تعتبر روسيا واحدة من سبع دول يجب توقيعها على الاتفاقية، إلى جانب الولايات المتحدة، وإيران، والأطراف الأخرى مثل الصين وألمانيا وفرنسا وبريطانيا). وربما ظن المرشد الأعلى للثورة الإسلامية، علي خامنئي، أن بمقدوره استرضاء موسكو عبر ترديد تصريحات بوتين، التي تقول إن اللوم في الحرب يقع على عاتق الولايات المتحدة وحلفائها. ولأسباب وجيهة، امتنعت إيران عن التصويت على قرار الأمم المتحدة الذي يدين غزو روسيا على أوكرانيا.

لكن استرضاء بوتين ليس سهلاً إلى هذا الحد، والحرب غيرت الحسابات. فمع مواجهة غزوه لأوكرانيا لمقاومة شرسة وغير متوقعة، وتوقيع وابل من العقوبات على موسكو، يحتاج الرئيس الروسي بشدة لسلاح النفط الآن أكثر من أي وقت مضى. ورغم أن بايدن فرض حظراً على كل واردات الوقود الروسية، إلى جانب عزم المملكة المتحدة على وقف استيراد النفط الروسي، فما تزال الدول الأوروبية –ولا سيما ألمانيا- عازفة عن اتخاذ إجراء مماثل. وهذا الانقسام يمثل أفضل آمال بوتين لانتزاع تنازلات من الغرب.

عرقلة محادثات فيينا

يفسر هذا قرار روسيا بعرقلة محادثات فيينا. بعد أيام قليلة فقط من إعراب كبير مفاوضي موسكو عن تفاؤله باقتراب إعادة إحياء الصفقة النووية. وخلال الأسبوع الماضي، قدم وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف طلباً جديداً، مفاده: أن العقوبات المفروضة على روسيا يجب ألا تمنعها عن الدخول في شراكات تجارية مع إيران. ويشبه هذا مطالبة مجرم مسجون بالسماح لزميل آخر له على وشك الإفراج عنه بإرسال كعكات مستطيلة الشكل له.

على موسكو إدراك أن الولايات المتحدة وأوروبا لن تسمحا أبداً بوجود ثغرة تسمح لروسيا بالإفلات من العقوبات.

لكن المطلب شكل ذريعة كافية لعرقلة المفاوضات، التي كان السبب الحقيقي وراء تعليقها، هو: الرغبة في تأجيل إعادة إحياء الصفقة النووية، وبالتالي استمرار نفوذ روسيا في حجب الغرب عن الوصول إلى النفط والغاز الإيراني.

مع ذلك، لن يكون هذا مصدر إزعاج للغرب وحسب، فالصين أيضاً -وهي أكبر مشترٍ للنفط الخام الإيراني بالإضافة إلى كونها أكبر مستورد للوقود- ستتضرر من ارتفاع الأسعار.

صفقة منفصلة

ربما يمنح هذا للولايات المتحدة وأوروبا الفرصة لعزل روسيا، والضغط لإجراء صفقة منفصلة مع إيران. وربما يفسح ذلك المجال لإدارة بايدن لمقاومة مطالب طهران بصورة أكبر. فبعد حرمانها من أكبر مؤيد لها في مفاوضات فيينا؛ أصبحت طهران عرضة للضغوط.

لكن الاستفادة من الفرصة السانحة تتطلب من بايدن الحفاظ على رباطة جأشه في المفاوضات، والعثور على مصادر أخرى للنفط والغاز لتعويض الخسارة في الإمدادات الروسية. كما أشار مسؤولو إدارته إلى استعداداهم لتخفيف بعض العقوبات عن فنزويلا تحقيقاً لهذا الغرض، كما أن الإمارات لوَّحت هذا الأسبوع بإمكانية إقناعها بإنتاج مزيد من النفط.

من جانبها، أصبحت إيران في موقف حرج، إذ تخلى عنها أقرب حلفائها الذين سعت للتخلي عنهم. وفي ظل امتناعها عن لوم روسيا، زعمت طهران أن الولايات المتحدة مسؤولة عن تعليق المفاوضات.

هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان

طهران

13 دقائق

14°C
سماء صافية
العظمى / الصغرى 14°/14°
18.5 كم/س
36%
الآراء الأكثر قراءة