بلومبرغ
لم يحدث ارتفاع الأسعار وقربها لـ 100 دولار للبرميل أثراً كبيراً نحو إبطاء طلب أكبر مشتري النفط، إذ تتطلع المصافي في آسيا لتعزيز إنتاجها، والاستفادة من طفرة أرباح تكرير الوقود.
لقد قفزت هوامش إنتاج الديزل والبنزين برغم ارتفاع أسعار النفط الخام لتقترب من مستويات ما قبل الوباء مع تراجع المخزونات حول العالم. فقد أدى الانخفاض الكبير بتدفق صادرات الوقود الصينية في الأشهر الأخيرة إلى معاناة آسيا من قصور في الإمدادات، كما أصبحت أكثر حساسية للاضطرابات مع تعافي الاستهلاك، وتخفيف الدول من القيود المفروضة للحد من انتشار الفيروسات.
يعكس ذلك استمرار زخم الطلب على النفط في أكبر منطقة تستهلك النفط في العالم برغم ارتفاع الأسعار لأعلى مستوى في 7 سنوات، كما يزيد الضغوط التضخمية، التي تضر المستهلكين، وتضغط على الحكومات والبنوك المركزية حول العالم.
توقَّعت دافني هو، المحللة لدى "وود ماكينزي" استمرار نقص إمدادات الوقود خلال مارس وأبريل، وقالت: "المصافي التي لم تتأثر بتلك التغيّرات التي ستتطلع لزيادة معدلات التكرير".
يتزامن ذلك مع سعي الحكومة الهندية لشراء مزيد من النفط الخام لشهري مارس وأبريل، فقد شُغلت 18 مصفاة من أصل 23 مصفاة بأعلى من طاقتها الإنتاجية في يناير. كما أجّلت "ريلاينس إندستريز"، ثاني أكبر شركة تكرير في البلاد، صيانة إحدى مصافي التكرير بمجمع "جامناغار" 6 أشهر للاستفادة من ارتفاع هوامش تكرير الوقود.
صيانة وحريق
كما تخطط "إس كيه إنوفيشن"، أكبر شركة تكرير في كوريا الجنوبية، لرفع معدلات التكرير في مصفاة "أولسان" إلى 85% في المتوسط خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام ارتفاعاً من 68% في الربع الذي سبقه وسط زخم الطلب على البنزين، وقالت متحدثة باسم الشركة، إنَّها تعمل على تشغيل وحدة إنتاج البنزين بكامل طاقتها فيما تغلق برج تقطير الديزل بسبب الصيانة، لذلك سيكون هناك تأثير ضئيل على إنتاج الوقود.
وفي تايوان، قال مسؤول في شركة "سي بي سي"، إنَّ زخم سوق البنزين يدفع الشركة لزيادة مستوى التكرير الذي يتجاوز حالياً 90% من مصفاتها في دالين، وأكثر من 80% من مصفاتها في تاو يوان. أضاف قائلاً: "من الطبيعي أن تسعى شركات التكرير للعمل بأقصى طاقة إنتاجية ممكنة".
يتزامن ذلك مع تباطؤ معدلات التكرير في "فورموزا بيتروكيميكال"، أكبر شركة تكرير في تايوان، بسبب تنفيذ الصيانة المجدولة حتى نهاية أبريل، وبسبب الحريق الذي وقع سابقاً في وحدة تشغيل فحم الكوك الذي عرقل العمليات حتى مارس. قال لين كيه يه، المتحدث باسم الشركة، إنَّها تخطط لرفع معدلات تشغيل وحدتها في ماي في ظل هوامش التكرير القوية.
أوضح لين قائلاً: "الهوامش جيدة جداً في الوقت الحالي، ونتوقَّع استمرار قوة الهوامش بالنصف الأول من العام"، في ظل قيام العديد من مصافي التكرير في آسيا لأعمال صيانة مجدولة في الربع الثاني.
في المقابل، قالت هو من "وود ماكينزي"، إنَّه يرجح أن تكون أي زيادة بمعدلات الاستخدام في أوروبا محدودة بسبب ارتفاع تكاليف الغاز الطبيعي والكربون، كما أنَّ صيانة الربيع في الولايات المتحدة من المرجح أن تؤدي لانخفاض عمل المصافي هناك أيضاً.
قالت سيرينا هوانغ، المحللة لدى "فورتيكسا" في مذكرة بحثية هذا الأسبوع، إنَّ صافي التراجع في طاقة التكرير العالمية العام الماضي "حطّمت آمال التخفيف من نقص المعروض في المدى القريب". كما أنَّ زيادة الطاقة الإنتاجية هذا العام ستتجاوز انخفاض 2021، ويرجح أن لا تظهر الزيادات في السوق إلا بحلول النصف الثاني من العام.