الشرق
يبدو أن الولايات المتحدة لم تكتفِ بتأثيرات سلالة أوميكرون في أسعار النفط خلال الأسابيع الأخيرة، فرغم هبوط الخام بأكثر من 10 دولارات من أعلى مستوياته في العام الجاري، يعلن أكبر اقتصاد في العالم عن خطوة في خطته لخفض أكبر للأسعار عبر السحب من الاحتياطي الاستراتيجي.
فقد أعلنت وزارة الطاقة الأمريكية يوم الجمعة أنها ستبيع 18 مليون برميل من الاحتياطي الاستراتيجي يوم 17 ديسمبر لمواجهة مشكلات إمدادات الخام، وهو ما يعني مواصلة خطة أعلنها بايدن قبل أقل من شهر لسحب 50 مليون برميل من المخزون الاستراتيجي بالتنسيق مع كبار المستهلكين في آسيا، منهم الصين واليابان والهند.
أشارت توقعات إلى أن الولايات المتحدة قد تتراجع عن تلك الخطة مع هبوط أسعار النفط لستة أسابيع متتالية قبل أن ترتفع في الأسبوع الأخير، ولكن جاءت تصريحات جين ساكي السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض في اليوم الأخير من نوفمبر لتنفي ذلك، بقولها إنّ الولايات المتحدة لن تعيد النظر في خطة للسحب من احتياطيات النفط الاستراتيجية رغم هبوط في أسعار الخام يرتبط بظهور متحور فيروس كورونا الجديد "أوميكرون".
ويعد إعلان وزارة الطاقة عن بيع 18 مليون برميل، هو الثاني خلال العام الجاري، إذ باعت نحو 20 مليون برميل من الاحتياطي الاستراتيجي في سبتمبر الماضي، تُسلَّم في الفترة من أكتوبر إلى ديسمبر، وهو ما قد يفسر التراجع المتتالي للمخزونات الاستراتيجية خلال الأسابيع الأخيرة.
ضخّ رغم فائض متوقع في الربع الأول
رغم توقُّع تحالف "أوبك+" زيادة فائض سوق النفط فإنه أقرّ في اجتماعه الأخير الاستمرار في خطته لضخّ تدريجي للإنتاج بواقع 400 ألف برميل يومياً، إذ تَوقَّع التحالف أن يصل الفائض إلى مليوني برميل يومياً في يناير، و3.4 مليون برميل يومياً في فبراير، و3.8 مليون في مارس 2022، مع احتمالية تأثر الطلب على وقود الطائرات بسبب متحور أوميكرون، لا سيما في إفريقيا وأوروبا، ليكون متوسط الفائض المتوقع في سوق النفط خلال الربع الأول من العام المقبل نحو 3 ملايين برميل يومياً.
جاء قرار التحالف ضخّ النفط رغم توقعات الفائض في الربع الأول مخالفاً للتوقعات التي أشارت إلى أن "أوبك+" قد يتوقف عن زيادة إنتاج النفط لامتصاص خطة الدول المستهلكة للسحب من احتياطياتها الاستراتيجية.
ورحّب البيت الأبيض في حينه بقرار أوبك وحلفائها زيادة إنتاج النفط، لكنه أضاف أن الولايات المتحدة ليس لديها خطط لإعادة النظر في قرارها السحب من احتياطيات الخام.
يكمن سر إصرار بايدن على خطته في الحفاظ على شعبيته التي تعرضت لهزة قوية بسبب ارتفاع أسعار الوقود إلى أعلى مستوياتها في سبع سنوات، وكذلك تاثير ارتفاع أسعار الطاقة على معدلات تضخم أسعار السلع المختلفة، وهو ما يسعى الرئيس الأمريكي للخلاص منه عبر الضغط على الدول المنتجة بزيادة إنتاج النفط، والتنسيق مع الدول المستهلكة للسحب من مخزوناتها لتقليل الطلب وبالتالي خفض الأسعار.
ومنذ مايو 2020 يدير تحالف "أوبك+" عمليات الإنتاج بدقة، إذ أقرّ خفضاً بواقع 9.7 مليون برميل يومياً مع انهيار الأسعار في أبريل من العام الماضي، وبدأ في أغسطس من نفس العام إعادة تدريجية لهذا الإنتاج المكبوح، ورغم مرور أكثر من عام ونصف على قراره خفض الإنتاج لم يُعِد إلى الأسواق سوى أقل من 6 ملايين برميل، وما زال يحتفظ بالحجم المتبقي لضخه تدريجياً حتى نهاية عام 2022، إذ مدّد التحالف اتفاقه الذي كان من المقرر أن ينتهي في أبريل المقبل، إلى نهاية العام.