بلومبرغ
ليس بعيداً، ففي العام الماضي فقط، رفض بشار الأسد فكرة سوريا بدونه، قائلاً إن الرئيس يجب أن يترك منصبه فقط عندما يطالب الشعب بذلك.
اليوم، يجد نفسه في موسكو، بعد فراره من تقدم خاطف لقوات المعارضة، أسفر عن انهيار حكمه الاستبدادي الذي استمر عقوداً في غضون أيام.
إن الانتصار السريع للمعارضة لا يلغي تعقيد المرحلة المقبلة، إذ تواجه سوريا مستقبلاً غامضاً وسط أجواء متوترة في منطقة الشرق الأوسط، التي تشهد تداعيات الحرب بين إسرائيل وحماس، إلى جانب الاشتباكات المستمرة مع حزب الله في لبنان.
الهجوم المفاجئ الذي قادته "هيئة تحرير الشام"، الجماعة الإسلامية المسلحة، له تداعيات تتردد في جميع أنحاء المنطقة وخارجها، حيث ظهر داعمو الأسد مشغولين أو غير راغبين في التدخل.
على الرغم من وجود قواعد عسكرية لروسيا في غرب سوريا، إلا أن موسكو تركز جهودها بشكل أساسي على حربها المستنزفة في أوكرانيا. وفي الوقت ذاته، تسعى إيران، التي أضعفتها صراعاتها المستمرة مع إسرائيل، إلى الحفاظ على نفوذها داخل سوريا، لكنها لم تتمكن أيضاً من منع سقوط الأسد.
التحدي الأكبر ربما يكمن في مسألة الحوكمة، في بلد لم يعرف سوى وحشية حكم عائلة الأسد لأكثر من 50 عاماً، شملت حرباً مدمرة ضد شعبه استمرت لأكثر من عقد. والمسؤولون العرب يحذرون من التطرف واحتمالات الفوضى.
سعى زعيم "هيئة تحرير الشام"، المعروف بمحمد الجولاني، إلى الظهور كقوة أكثر اعتدالاً، لكن تصنيف مجموعته كمنظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة ودول أخرى يجعل فرص الحصول على دعم خارجي أكثر تعقيداً.
في الوقت نفسه، بدأت التساؤلات تثار حول إمكانية عودة ملايين اللاجئين السوريين -الذين فروا إلى تركيا وأوروبا- إلى وطنهم.
حتى الآن، لا يزال الغموض يكتنف مسألة من سيتولى إدارة سوريا أو ما يحمله المستقبل لأولئك الذين ظلوا فيها. ومع انتشار الفقر في معظم أنحاء البلاد ودمار مدنها، يبدو أن أي أمل في مستقبل جديد لسوريا سيظل غامضاً لفترة طويلة قادمة.