بلومبرغ
لطالما اشتهر دونالد ترمب بقدرته على تصنيف العالم إلى فائزين وخاسرين.
خلال ولايته الرئاسية الأولى، اتبع نهجاً يقوم على المعاملات والمصالح المتبادلة، حيث كان يصنف القادة بناءً على ما يراه من نقاط قوتهم وضعفهم، بالإضافة إلى أهوائه الشخصية. هذا التوجه أدى إلى تقليص أهمية دول كألمانيا، فيما منح دولاً أخرى، مثل كوريا الشمالية، اهتماماً خاصاً.
الآن، ومع عودة ترمب إلى البيت الأبيض، سيعتمد تصنيفه للقادة على مدى قربهم من دائرته وطبيعة العلاقات السابقة التي جمعتهم به. على سبيل المثال، سيحتفل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعودة حليف قديم، فيما سيضطر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للتعامل مع واقع جديد. أما قادة مثل رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، فسيبحثون عن صفقات خالية من الانتقادات التي واجهوها في ظل إدارات أميركية سابقة.
إليكم تحليلاً للفائزين والخاسرين المحتملين مع عودة ترمب:
الفائزون
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو
عانى نتنياهو من توتر في علاقته مع الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن، لكن بعودة ترمب، سيحتفي بوصول حليف قديم إلى البيت الأبيض.
من المتوقع أن يعزز ترمب الدعم الأميركي لإسرائيل، خاصة بعد أن أوقف بايدن بعض المساعدات العسكرية بسبب قلقه حيال معاناة المدنيين الفلسطينيين جراء الحرب الإسرائيلية على حماس، التي تصنفها الولايات المتحدة كمنظمة إرهابية. في المقابل، يُتوقع أن يتبنى ترمب موقفاً أكثر دعماً لسياسة نتنياهو، والتي تتضمن مواجهة وكلاء إيران ورفض إقامة دولة فلسطينية، رغم المخاطر المحتملة بتصعيد النزاع إلى حرب إقليمية أوسع.
رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي
عودة ترمب إلى المشهد السياسي تُعد دفعة قوية لمودي، الذي يتعرض لانتقادات بسبب سياساته القومية الهندوسية داخل البلاد، إضافة إلى مزاعم بشأن تورطه في عمليات قتل دون محاكمة قانونية على الساحة الدولية. تجمع مودي وترمب علاقة شخصية وثيقة، وغالباً ما يتبادلان المديح علناً ويصفان بعضهما بالأصدقاء.
من المرجح أن إدارة ترمب لن تدعم محاولات كندا لمحاسبة الحكومة الهندية بشأن مزاعم قتل المعارضين. بالإضافة إلى ذلك، تعهد ترمب بالتوسط لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، ما قد يتيح لمودي مجالاً أكبر للحفاظ على علاقاته الوثيقة مع موسكو، التي تزود الهند بالنفط الرخيص والمعدات العسكرية. في المقابل، كانت إدارة بايدن قد أعربت عن استيائها عندما التقى مودي بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو في يوليو الماضي.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين
يَعتبر بوتين أن عودة ترمب فرصةً لاستغلال الانقسامات داخل الغرب وتحقيق مكاسب أكبر في أوكرانيا. ومن المتوقع أن يُعرّض الرئيس الأميركي المقبل الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي "الناتو" لضغوط كبيرة ويعزز الشكوك حول استمرارية الدعم الأميركي لأوكرانيا في إطار سياسته "أميركا أولاً".
مع ذلك، فإن عدم القدرة على التنبؤ بتصرفات ترمب تثير قلق الكرملين من احتمال تصعيده للصراع في الأمد القريب في محاولة لفرض تسوية على بوتين، ما قد يؤدي إلى عواقب وخيمة محتملة مثل مواجهة نووية.
ولي العهد السعودي محمد بن سلمان
يرى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في عودة ترمب فرصة لإحياء الجهود المتوقفة منذ فترة طويلة لتأمين اتفاقية أمنية رئيسية مع الولايات المتحدة. ومن المتوقع أن يبدي ترمب، الذي ساهم فريقه في إبرام "اتفاقيات أبراهام" التي فتحت باب العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل وعدد من الدول العربية، اهتماماً كبيراً بتوسيع نطاق هذه الاتفاقيات لتشمل المملكة العربية السعودية.
إذا نجح في تحقيق معاهدة سلام بين إسرائيل والسعودية، فقد يوفر ذلك دعماً سياسياً في واشنطن لتوسيع المظلة الأمنية الأميركية لتشمل المملكة، مما يمنحها فرصة للتركيز على اقتصادها وتخفيف مخاوفها بشأن أي تهديدات محتملة من إيران.
رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني
أصبحت ميلوني مؤيدةً بشدة للتحالف عبر الأطلسي، رغم أنها تظل في جوهرها سياسية يمينية متشددة. وتعهدت بالتعاون مع أي رئيس أميركي منتخب، إلا أن علاقتها بالملياردير إيلون ماسك قد تمنحها فرصة للحصول على اهتمام الرئيس الأميركي الجديد. إنها تسعى لتكون حلقة وصل بين الناتو والاتحاد الأوروبي والبيت الأبيض.
وفي هذا السياق، قال فرانشيسكو تالو، كبير المستشارين الدبلوماسيين السابق لميلوني: "إذا عاد ترمب إلى البيت الأبيض، فلن ينهار حلف الناتو، فقد مررنا بهذا الوضع من قبل، لكن الأمور ستكون أكثر صعوبة. القضية الكبيرة الأخرى هي الصين، لكن يجب أن ندرك أننا كأوروبيين لا يمكننا أن نكون وسطاء بين الولايات المتحدة والصين. نحن جزء من الغرب، ويجب أن يظل الغرب متماسكاً، ما يعني ضرورة تجنب الحروب التجارية بأي ثمن".
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان
ربما تشعر تركيا بتفاؤل حذر إزاء عودة ترمب، إذ تجمع أردوغان وترمب علاقة تاريخية من التواصل الودي، حيث كانا يتحدثان هاتفياً بانتظام، بل إن أردوغان وصف ترمب ذات مرة بـ"صديقي". وبخلاف فترة بايدن، قد يوفر ترمب لأردوغان وصولاً مباشراً أكبر إلى واشنطن.
قد تكون مواقف ترمب المناهضة للحرب وتركيزه على التجارة عوامل إيجابية لأردوغان. ومع ذلك، قد يتسبب الخطاب المناهض لإسرائيل الذي يتبناه أردوغان في توتر العلاقات، إلى جانب أن توجه تركيا نحو تعزيز التعاون مع الصين قد يضيف تحديات أخرى إلى العلاقة بين أنقرة وواشنطن.
زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون
يبدو أن الديكتاتور الكوري الشمالي كيم جونغ أون هو الزعيم الآسيوي الأكثر ترحيباً بعودة ترمب، حيث نشأت بينهما علاقة دافئة عبر تبادل الرسائل وعقد قمتين خلال ولاية ترمب الأولى، رغم أن هذه العلاقة لم تثمر عن اتفاق لإنهاء طموحات كوريا الشمالية في تطوير صواريخ نووية قادرة على الوصول إلى الأراضي الأميركية.
منذ ذلك الحين، تجاهل كيم جميع المحاولات الأميركية لاستئناف الحوار، متقارباً مع بوتين بشكل أكبر في الوقت الذي توسع فيه ترسانة كوريا الشمالية من أسلحة الدمار الشامل. قد يأمل كيم في أن تتيح له عودة ترمب فرصة لتقليص الوجود العسكري الأميركي في المنطقة، وكذلك إضعاف التحالفات العسكرية المتنامية بين الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية. خلال ولاية ترمب الأولى، حدت الولايات المتحدة من التدريبات العسكرية المشتركة مع كوريا الجنوبية كدليل على حسن النية.
رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان
الزعيم القومي الذي يقود حكومته لولاية خامسة، والذي حظي بإشادة من ترمب على أسلوبه القيادي القوي، راهن بقوة على فوز ترمب، مواصلاً الثناء عليه حتى عندما بدت عودته إلى السلطة أمراً بعيد المنال وسط محاكماته الجنائية في الولايات المتحدة.
الآن، يسعى أوربان إلى تقديم نفسه كحليف لترمب في أوروبا، آملاً أن تسهم علاقته الشخصية مع الرئيس الأميركي المقبل في تعزيز مكانته داخل الاتحاد الأوروبي، حيث يُنظر إليه أحياناً كـ"الخروف الأسود" بسبب ميله إلى السياسات الاستبدادية وتوجهاته الموالية لروسيا. ويتطلع أوربان إلى أن يتحرك ترمب سريعاً لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، وتخفيف الضغوط الأميركية على المجر بسبب تراجعها في المسار الديمقراطي.
رئيس الأرجنتين خافيير ميلي
راهن الرئيس الأرجنتيني بشدة على فوز ترمب وجاءت النتيجة لصالحه. في أول لقاء لهما في فبراير، لم يفوت ميلي الفرصة للإشادة بترمب، واصفاً إياه بأنه "رئيس عظيم للغاية"، وتمنى له الفوز مجدداً في الانتخابات الأميركية.
يأمل ميلي أن تساهم ولاية ترمب الثانية في تعزيز موقف الأرجنتين في صندوق النقد الدولي، خاصة مع سعي البلاد لإبرام اتفاق جديد يحل محل برنامج القرض القياسي الحالي البالغ 44 مليار دولار. كذلك، وثق الرئيس الأرجنتيني علاقاته مع ماسك، حيث التقيا ثلاث مرات هذا العام، وقد أبدى ماسك اهتمام شركاته بالاستثمار في الأرجنتين.
الخاسرون
رئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي
كان زيلينسكي من أوائل القادة العالميين الذين هنأوا ترمب، لكن ذلك لا يخفي القلق العميق الذي يسود كييف بشأن فوز المرشح الجمهوري. تخشى أوكرانيا أن يمارس ترمب ضغوطاً عليها للتخلي عن أجزاء من أراضيها خلال محادثات السلام مع روسيا، وأن يقلل الدعم المالي والعسكري المقدم لها.
يأتي هذا التغيير في القيادة الأميركية في وقت تحقق فيه روسيا تقدماً بطيئاً في محاولتها لانتزاع مزيد من الأراضي الأوكرانية في المناطق الأربع التي ضمتها. وبينما كان بايدن متحفظاً بشأن دعم طموحات أوكرانيا للانضمام إلى حلف "الناتو" ومنعها من شن هجمات بعيدة المدى على الأراضي الروسية باستخدام الأسلحة الغربية، فإن تعهد ترمب بإنهاء الحرب في غضون "24 ساعة" يبرز أن أولويته هي إنهاء الصراع بأي طريقة.
الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان
رغم أن إيران أظهرت علناً عدم اكتراثها بعودة ترمب إلى الرئاسة، إلا أن هذه العودة قد تعرقل مسار الدبلوماسية بشأن برنامجها النووي، الذي كانت تأمل من خلاله في تخفيف الضغوط الاقتصادية الناجمة عن العقوبات.
بصفته حليفاً مهماً لإسرائيل، تبنى ترمب سابقاً سياسة "الضغط الأقصى" تجاه طهران، وقد يسعى مجدداً إلى عزل إيران بشكل أكبر عبر تشديد العقوبات التي فرضها سابقاً. لكن المنطقة شهدت تغييرات خلال الأعوام الأخيرة، حيث أصلحت إيران علاقاتها مع السعودية والإمارات، وهما دولتان دعمتا سابقاً سياسة "الضغط الأقصى".
رئيس الصين شي جين بينغ
بالنسبة للرئيس الصيني، يأتي فوز ترمب في توقيت غير ملائم، خاصة أن تهديدات ترمب بفرض رسوم جمركية شاملة بنسبة 60% قد تلحق ضرراً كبيراً بالتجارة مع الولايات المتحدة، مما يهدد أحد المحركات الأساسية للاقتصاد الصيني. كما يزيد هذا التهديد من حالة عدم اليقين في وقت تسعى فيه حكومة شي لدعم النمو واستعادة ثقة المستثمرين من خلال حزمة تحفيزية. كما أن عودة ترمب تضيف المزيد من عدم الاستقرار العام، وهو أمر لا يفضله الحزب الشيوعي الصيني إطلاقاً.
ومع ذلك، هناك بعض النقاط الإيجابية، فإيلون ماسك، الذي يتمتع بمصالح تجارية كبيرة في الصين، يبدو أنه يحظى باهتمام ترمب. كما أن السياسي الجمهوري أثار تساؤلات حول ما إذا كانت الولايات المتحدة ستدعم تايوان، الدولة الديمقراطية ذات الحكم الذاتي التي تعتبرها بكين جزءاً من أراضيها. كذلك، فإن انتقادات ترمب المتكررة للاتحاد الأوروبي بشأن التوازن التجاري، وتردده إزاء الالتزامات الأمنية تجاه الحلفاء الآسيويين، قد يمنحان شي فرصة لتحسين العلاقات الدبلوماسية التي تضررت في عهد بايدن.
رئيس وزراء اليابان شيغيرو إيشيبا
يفرض فوز ترمب ضغوطاً جديدة على الزعيم الياباني الأحدث ضمن مجموعة السبع، في وقت يسعى فيه للحفاظ على وحدة المجموعة بعد خسارة الائتلاف الحاكم لأغلبيته في الانتخابات الأخيرة. لطالما رأى ترمب أن الفائض التجاري لليابان مع الولايات المتحدة يمثل مشكلة، وطالبها مراراً بدفع المزيد مقابل الوجود العسكري الأميركي البالغ حوالي 55 ألف جندي، وهو أكبر انتشار دائم للقوات الأميركية خارج البلاد. ورغم أن اليابان نجحت سابقاً في صد مطالب زيادة التكاليف العسكرية، فإن الاتفاق الحالي سينتهي في عام 2026. كما قد تواجه اليابان أيضاً ضغوطاً إضافية من ترمب بشأن صادراتها من معدات تصنيع الرقائق إلى الصين، وهو ما تسعى الولايات المتحدة للحد منه.
استندت قدرة اليابان سابقاً على التعامل مع مطالب ترمب إلى العلاقة الوثيقة التي بناها مع رئيس الوزراء الراحل شينزو آبي، حيث اعتادا اللعب معاً في مباريات الغولف. ورغم أن إيشيبا لا يمارس الغولف، إلا أنه يمكنه الإشارة إلى جهود اليابان في تخفيف العبء على الولايات المتحدة وتعزيز التحالف بين البلدين.
رئيسة المكسيك كلوديا شينباوم
تستعد المكسيك لمعرفة كيفية تنفيذ ترمب لخطته المتعلقة بالرسوم الجمركية، والتي قد تعيق مساعيها لزيادة الصادرات إلى جارتها الشمالية عبر استراتيجية القرب الجغرافي. وهناك أيضاً قلق من مراجعة اتفاقية التجارة الحرة لدول أميركا الشمالية المرتقبة في عام 2026. بالإضافة إلى ذلك، يشكل ملف الهجرة نقطة توتر إضافية، حيث يهدد ترمب بفرض ضغوط مالية على المكسيك، رغم جهودها الحثيثة للحد من الهجرة على الحدود دعماً للولايات المتحدة قبل الانتخابات.
الرئيس السابق أندريس مانويل لوبيس أوبرادور كانت تجمعه علاقة جيدة بترمب، ووصفه ذات مرة بأنه "رجل قوي وصاحب رؤية" قبل بضعة أشهر من مغادرته المنصب. ومن جهتها، أكدت شينباوم أن العلاقات مع الولايات المتحدة ستظل قوية، لكنها انتقدت ترمب على تصريحاته بشأن المفاوضات التجارية التي قادها وزير الاقتصاد الحالي مارسيلو إبرارد.
رئيس وزراء بريطانيا كير ستارمر
تبدو بريطانيا من بين الحلفاء الغربيين التقليديين للولايات المتحدة الذين يواجهون موقفاً صعباً مع ترمب. فبعد مرور أربعة أشهر فقط على تولي كير ستارمر منصبه، اندلع خلاف حاد بينه وبين ترمب إثر اتهام حملة الحزب الجمهوري لحزب العمال اليساري بإرسال متطوعين لدعم حملة المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس.
وصف ستارمر اقتحام مبنى الكابيتول في 6 يناير 2021 بأنه "هجوم مباشر على الديمقراطية"، بينما وصف وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي في عام 2017 ترمب بأنه "شخص مضطرب يكره النساء ويتعاطف مع النازيين الجدد". كما دخل ستارمر مؤخراً في مواجهة علنية مع إيلون ماسك بعد أن قال الأخير على منصة "إكس" إن أعمال شغب اليمين المتطرف في المملكة المتحدة قد تؤدي إلى حرب أهلية.
ورغم أن ستارمر يمكنه الإشارة إلى توازن التجارة بين البلدين ومستويات الإنفاق الدفاعي المرتفعة، إلا أن هذه الخلافات السياسية قد تجعل من الصعب إقناع ترمب بأن العلاقة الأنغلو-أميركية لا تزال "خاصة".
رئيس فرنسا إيمانويل ماكرون
يمتلك ماكرون خبرةً سابقةً في التعامل مع ترمب، مما يمنحه ميزة على نظرائه الأوروبيين. خلال ولاية ترمب الأولى، أظهرت العلاقة بينهما تماسكاً ملحوظاً، حتى أنهما تناولا العشاء معاً في برج إيفل. وقد صرح ماكرون على منصة "إكس" بأنه "مستعد للعمل معاً كما فعلنا على مدى أربعة أعوام".
قد تتيح عودة ترمب زخماً إضافياً لجهود ماكرون المستمرة لدعم الاتحاد الأوروبي من خلال تعزيز التكامل الاقتصادي بين دوله.
ورغم هذا التقارب وإمكانية تعزيز النفوذ الأوروبي، إلا أن المكاسب الاقتصادية لفرنسا قد تكون محدودة، بل وربما تتعرض لخسائر كبيرة إذا تجددت التوترات التجارية. وقد يحدث ذلك بسرعة إذا استأنف ترمب نزاعه مع فرنسا حول الضرائب على شركات التكنولوجيا الكبرى مثل "جوجل". فقبل أربعة أعوام، تم تجنب فرض رسوم على النبيذ الفوار والجبن ومستحضرات التجميل الفرنسية بصعوبة، وما زال جوهر هذا النزاع دون حل.
رئيس البرازيل لويس إيناسيو لولا دا سيلفا
يُعد الرئيس السابق جايير بولسونارو، المنافس السياسي الأساسي للرئيس البرازيلي لويز إيناسيو لولا دا سيلفا، الحليف الأقرب لترمب في البرازيل. من هذا المنطلق، يخشى لولا أن تؤدي عودة ترمب إلى تعزيز نفوذ حركة المحافظين التي يقودها بولسونارو، حيث حاول أنصار الأخير التمرد ضد حكومة لولا بعد أسبوع واحد فقط من توليه منصبه العام الماضي.
عشية الانتخابات الأميركية، صرح لولا بأنه يأمل بفوز هاريس، متهماً ترمب بتشجيع أعمال الشغب المناهضة للديمقراطية في الكابيتول بعد خسارته الانتخابات عام 2021. كما تعرب وزارة المالية والبنك المركزي البرازيلي عن قلقهما إزاء تأثير خطط ترمب لفرض رسوم جمركية وخطط الإنفاق العام، خاصة لما قد تسببه من ضغوط تضخمية وزيادة في تكاليف التمويل على مستوى العالم. ومع ذلك، ترى البرازيل أنه إذا فرض ترمب رسوماً جمركية على الصين، فقد تتجه الولايات المتحدة إلى السوق البرازيلية لتلبية احتياجاتها من الواردات.
المستشار الألماني أولاف شولتس
لطالما كانت كراهية ترمب لأنجيلا ميركل سبباً رئيسياً لتوتر العلاقات الأميركية الألمانية، وشولتس، الذي شغل منصب وزير ماليتها ثم خليفتها، يجد صعوبة في التخلص من ذلك الإرث. لطالما كانت ألمانيا هدفاً لانتقادات ترمب بشأن سياراتها وفائضها التجاري، وستجد نفسها مرة أخرى تحت وطأة هجومه، خاصة أن قطاع السيارات في ألمانيا يشكل العمود الفقري لأكبر اقتصاد في أوروبا، ويواجه مخاطر كبيرة جراء الرسوم الجمركية المرتفعة التي يخطط ترمب لفرضها على الواردات.
شولتس وائتلافه الحاكم أعربوا علناً عن تفضيلهم لهاريس على ترمب كخيار للرئاسة الأميركية. ومن غير المرجح أن يكون ترمب قد نسي أو أغفل تلك التصريحات، مما يجعل رسالة التهنئة المتواضعة التي نشرها شولتس على منصة "إكس" غير مجدية. وزاد الوضع تعقيداً بالنسبة لشولتس، إذ إنه في اليوم الذي فاز فيه ترمب، كانت حكومته تمر بأزمة داخلية بعد إعلان وزير ماليته كريستيان ليندنر انسحابه، مما دفع شولتس إلى الدعوة لانتخابات مبكرة.