بلومبرغ
تسحب الهند عملتها الورقية الأعلى قيمة من التداول، حيث منحت المستهلكين والشركات مهلة 4 أشهر لاستبدال العملة الرسمية أو إيداعها، في خطوة تعيد إلى الذاكرة صدمة قرار إلغاء بعض الفئات النقدية عام 2016.
قال "بنك الاحتياطي الهندي" (البنك المركزي) في إعلانه عن الإجراء في وقت متأخر من يوم الجمعة، إن الأوراق النقدية من فئة 2000 روبية (24 دولاراً) انتهى عمرها الافتراضي المُقدر. وبينما لا تشكل تلك الفئة سوى نحو 10% من إجمالي العملة المتداولة، إلا أن قرار "الاحتياطي الهندي" سبب ارتباكاً، وأدى إلى ظهور صور ساخرة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث كشفت الصحف المحلية عن تهافت على متاجر المجوهرات لاستبدال العملة بالذهب.
مع ذلك، فإن حدة الإجراء الأخير تختلف تماماً عما حدث في 2016، حين ألغيت 86% من أوراق النقد الهندية بين ليلة وضحاها، ما أدى إلى اصطفاف المواطنين المذعورين أمام البنوك وماكينات الصرف الآلي في أرجاء الدولة، كما وردت بلاغات عن عشرات الإغماءات أو حتى الوفيات بعدما امتد انتظار المواطنين في الصفوف لساعات.
ما سبب إلغاء العملة فئة 2000 روبية؟
طرح البنك المركزي الورقة النقدية فئة 2000 روبية لزيادة حجم الأوراق النقدية المتداولة، بعد قرار رئيس الوزراء ناريندرا مودي في 2016 بإلغاء اعتبار العملات الورقية من فئتي 500 روبية و1000 روبية عملة رسمية.
الهند تدرس زيادة الضريبة على الأغنياء للحد من عدم المساواة
توقفت طباعة الورقة النقدية، أعلى فئات العملات المستخدمة، في 2018 و2019، مع توافر كميات أكبر من الفئات الأخرى، إلى جانب التحول إلى المعاملات الرقمية. وغالباً ما جمُعت الورقة النقدية وخُزنت، فيما أشارت تقارير أيضاً إلى تداول أوراق عملة مزيفة عالية الجودة.
هل يرتبط قرار إلغاء العملة بالانتخابات؟
جاء إعلان إلغاء العملة في 2016 قبل أسابيع من انتخابات محلية مهمة، وهو ما اعتبره منتقدو مودي وأحزاب المعارضة تضييقاً على إنفاق الأحزاب المنافسة. لكن هذه المرة، هناك 5 انتخابات مرتقبة على الأقل قبل نهاية العام، وستتجه الهند إلى الانتخابات العامة في الصيف المقبل.
صرح البنك المركزي سابقاً بأن حجم الأوراق النقدية المتداولة عادةً ما يزيد مع اقتراب الانتخابات، وغالباً ما تكون فئة 2000 روبية هي الخيار المفضل في التعاملات المالية غير المشروعة، أو غير المُفصح عنها للضرائب، والرشوة، نظراً لقيمتها المرتفعة.
ماذا سيحدث للمستهلكين الهنود؟
على خلاف ما حدث في 2016، عندما تسبب الإعلان في فوضى، يرى المحللون أن الأثر سيكون طفيفاً في هذه المرة، حيث قالت يوفيكا سنغهال، الخبيرة الاقتصادية لدى شركة "كوانت إيكو ريسيرش" (QuantEco Research) للبحوث الاقتصادية: "لا نشهد أي علامة على الذعر، لكن يتوقف الكثير على مدى استعداد البنوك للتعامل مع الحشود".
"المركزي الهندي" يحافظ على أسعار الفائدة دون تغيير
نصح البنك المركزي الناس بإيداع الأوراق النقدية أو استبدالها بحلول 30 سبتمبر، على خلاف ما حدث قبل 7 سنوات عندما ألغيت قيمة الأوراق النقدية فئة 500 و1000 روبية بين ليلة وضحاها. كما لا يوجد حد أقصى يومي للمبلغ الذي يمكن استبداله.
ماذا عن الشركات؟
يُرجح أن يستخدم المستهلكون الأوراق النقدية فئة 2000 روبية للإسراع بشراء الأدوات المنزلية مرتفعة السعر والمعادن الثمينة بل وحتى العقارات، ما سيعزز تلك القطاعات ويدعم الاستهلاك لفترة في ثالث أكبر اقتصادات آسيا.
قال سميران شاكرابورتي، الخبير الاقتصادي لدى "ستاندرد تشارترد بنك" (Standard Chartered Bank)، إن استياء الناس من أرجحية الكشف عن المبالغ غير المُفصح عنها للضرائب قد يؤدي إلى "ارتفاع مبدئي كبير في الإنفاق على السلع الفاخرة".
قالت راديكا راو، من مصرف "ديفلوبمنت بنك أوف سنغابور" (DBS Bank)، إنه في الجهة الأخرى، قد تمتنع القطاعات المعتمدة على الأوراق النقدية، ومنها صغار تجار التجزئة والمصنعون، عن قبول تلك الأوراق النقدية نظراً لمشقة وجوب استبدالها فيما بعد، ويُرجح ألا "تطول" فترة هذا الاضطراب، حيث ما زالت الأوراق النقدية عملة رسمية.
ما التأثير على البنوك؟
ستخفف زيادة السيولة وطأة بعض الضغوط الواقعة على البنوك الهندية لرفع أسعار الفائدة على الودائع لتلبية الطلب المتزايد على الائتمان، حيث كشفت البنوك عن زيادة الائتمان بنسبة أكبر من 10% في الأشهر الماضية مع زيادة نشاط الشركات لتلبية الطلب المحلي المتنامي، رغم رفع "الاحتياطي الهندي" أسعار الفائدة الأساسية بمقدار 250 نقطة أساس منذ مايو من العام الماضي.
يتوقع الاقتصاديون لدى "كوانت إيكو ريسيرش" و"كوتاك ماهيندرا بانك" (Kotak Mahindra Bank Ltd) إضافة نحو تريليون روبية (12.1 مليون دولار) إلى النظام المالي في الهند، ما سيؤدي إلى ارتفاع مستمر في سعر الروبية والأوراق المالية الحكومية.