بلومبرغ
طرحت الولايات المتحدة على الحلفاء الأوروبيين فكرة الاستفادة من الدروس المستخلصة من نظام مراقبة الصادرات لمعاقبة روسيا، في استهداف الصين، بحسب أشخاص على دراية بالموضوع.
جاءت المحادثات في وقت يتفاوض فيه مسؤولو الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بشأن جدول أعمال منتدى تجاري رفيع المستوى في أوائل ديسمبر المقبل. عمل الحلفاء معاً على تقييد عمليات التصدير إلى موسكو منذ غزو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لأوكرانيا، وتستطلع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إمكانية استخدام بعض عمليات مشاركة المعلومات نفسها وتنسيق عملية إنفاذ العقوبات، لتقوية قيودها ثنائية الأطراف المفروضة على الصادرات إلى الصين، وفقاً لما ذكره الأشخاص الذين طلبوا عدم الإفصاح عن هوياتهم نظراً لحساسية الموضوع.
أضاف الأشخاص، أنَّه حتى الآن، لا يميل الاتحاد الأوروبي إلى التفكير في اتباع النهج ذاته مع الصين كما هو الحال مع روسيا، نظراً لأنَّ الظروف مختلفة. لكن أحد الأشخاص قال إنَّه قد يكون هناك مجال للنظر في البضائع التي يمكن أن تستخدمها بكين لتعزيز قدراتها العسكرية. من غير الواضح ما إذا كان الموضوع سيُطرح عندما تلتقي الممثلة التجارية الأميركية كاثرين تاي يوم الإثنين بوزراء التجارة في الاتحاد الأوروبي الموجودين في براغ لعقد اجتماع غير رسمي.
عزوف أوروبي
قالت سالوني شارما، المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، رداً على أسئلة: "لا تدرس الولايات المتحدة توسيع قيود الصادرات على روسيا لتشمل الصين، ولم نطرح الأمر على الأوروبيين".
منع الرقائق الإلكترونية عن الصين يأتي في أسوأ وقت ممكن
كانت قيود التصدير إحدى الأدوات الأشد تأثيراً في تعطيل ترسانة الأسلحة الروسية، وينظر إليها كأداة مفيدة لإبطاء جهود الصين في سباق التكنولوجيا العالمي. في وقت سابق من الشهر الجاري؛ قيّدت إدارة بايدن بيع الشركات الأميركية للشركات الصينية بعض الرقائق الإلكترونية المستعملة في مجال الحوسبة العملاقة والذكاء الاصطناعي.
انتقد وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، قيود التصدير الأميركية خلال اتصال هاتفي مع نظيره الأميركي، أنتوني بلينكين، مما يبرز التوترات الحاصلة بين البلدين قبيل انعقاد اجتماع محتمل لقادة البلدين. وأوضح وانغ، بحسب بيان صادر يوم الإثنين عن وزارة الخارجية في بكين، أنَّه "يتعيّن على الطرف الأميركي وقف عملية التضييق على الصين، وألا يضع عراقيل جديدة أمام العلاقات الثنائية".
من المقرر أن يلتقي كبار مسؤولي الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في 5 ديسمبر المقبل في منطقة قرب واشنطن، للاتفاق على قائمة خطط اقتصادية خلال الاجتماع الثالث لمجلس التجارة والتكنولوجيا. ذكر الأشخاص أنَّ المفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، تدرس 6 أولويات، تتضمن عمليات التطوير المشترك لمشروعات خاصة بالبنية التحتية الرقمية، أو خارطة طريق الذكاء الاصطناعي، أو مشروعات بالميغاواط لشحن المركبات الكهربائية.
قلق متزايد
كانت بعض الدول الأعضاء قلقة من الجهود المبذولة من قبل الولايات المتحدة لتحويل المنتدى إلى كيان مناهض للصين، وعوضاً عن ذلك؛ فضّلت التركيز على أجندة ثنائية إيجابية.
"إنفيديا" تتوقع تضرر مبيعاتها بـ400 مليون دولار بعد قيود أميركية على بيع الرقائق إلى الصين
ويشار إلى أنَّ هناك دولاً أوروبية يساورها قلق متنام حيال ما تصفه بموقف المجابهة الذي تتخذه الحكومة الصينية، وبصفة خاصة عقب مؤتمر الحزب الحاكم الأحدث الذي رسخ زعامة الرئيس الصيني، شي جين بينغ. أشار الأشخاص إلى أنَّ بعض الدول الأعضاء، بما فيها ألمانيا، ألمحت إلى أنَّه من المفترض على التكتل الموحد مراجعة نهجه إزاء الصين، إذ باتت بكين تلعب دور الخصم أكثر من كونها شريكة أو منافسة.
جاء في نص تغريدة للمفوض التجاري الأوروبي، فالديس دومبروفسكيس، على موقع "تويتر":
سعيد بلقاء USTradeRepA @ AmbassadorTai@ في براغ.
لإجراء محادثات مثمرة تتعلق بـ:
- اتفاق الصلب العالمي.
- الاجتماع التالي لمجلس التجارة والتكنولوجيا المقرر في 12/5.
- أولويات فريق العمل الأميركي الأوروبي الخاص بقانون الحد من التضخم.
من المهم للغاية أن يبقى الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في حالة تفاهم نظراً لأنَّنا نتصدى لتحديات عالمية متشابكة.
- فالديس دومبروفسكيس (@VDombrovskis) 30 أكتوبر 2022.
أجرى زعماء الاتحاد الأوروبي مناقشة استراتيجية حول الصين خلال شهر أكتوبر، وكان هناك إجماع حول الحاجة إلى الحد من الاعتماد الحيوي على بكين، وفقاً لما أوجزه دبلوماسي رفيع المستوى في الاتحاد الأوروبي.
بسبب "حرب البيانات".. الصين تُشدد حملتها ضد شركات التكنولوجيا بإجراءات جديدة
قال مسؤول أوروبي رفيع المستوى إنَّ بعض العواصم الأوروبية تفضل استغلال مجلس التجارة والتكنولوجيا في تعزيز عمليات التنسيق مع الولايات المتحدة، لتطوير أدوات مؤثرة للتصدي للعمل القسري وحماية التجارة في مواجهة البلدان التي لا تعمل، وفقاً لآليات السوق، بما فيها الصين.
صرّحت المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية، ميريام غارسيا فيرير، بأنَّ الاتصالات مع الإدارة الأميركية متواصلة، إذ يقوم الاتحاد الأوروبي بتحليل الآثار المترتبة على الإجراءات التقييدية الأميركية الأخيرة على الصين.
اتفق الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في العام الماضي على بيان مشترك بعد اجتماع لمجلس التجارة والتكنولوجيا، جاء فيه أنَّ "النهج متعدد الأطراف لضبط عمليات التصدير، هو الأكثر فاعلية لحماية الأمن العالمي ودعم مجال تكافؤ الفرص على المستوى العالمي"، ويجب ألا تؤدي القيود إلى تعطيل لا ضرورة له، لسلاسل التوريد الاستراتيجية.
نهج مؤثر
قال الأشخاص إنَّ هولندا عبَّرت عن مخاوفها المرتبطة بتأثير قيود التصدير الأميركية، لا سيما في مجال أشباه الموصلات، إذ تعد الدولة موطناً لشركة
"إيه إس إم إل هولدينغز" (ASML Holding NV) المصنّعة لمعدات تصنيع أشباه الموصلات.
وضع جديد في أشباه الموصلات يُفرِّق بين كبار وصغار المصنعين
قبيل انعقاد الاجتماع المقبل لمجلس التجارة والتكنولوجيا؛ شوّش على المفاوضات قانون الحد من التضخم الأميركي الذي صدر مؤخراً، والذي يقدم إعانات لدعم التكنولوجيات الخضراء في الولايات المتحدة، والذي ينظر الاتحاد الأوروبي والبلدان الأخرى إليه على أنَّه قانون تمييزي. ومن المقرر أن يلتقي المسؤولون من كلا الطرفين هذا الأسبوع لمعالجة التخوفات الأوروبية، وتأمل الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي في معالجة أوجه الخلاف قبل انعقاد الاجتماع رفيع المستوى في أوائل ديسمبر المقبل.
قانون خفض التضخم
أكدت تاي على أنَّ الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، تغلبا على نزاعات تجارية أخرى في ظل إدارة بايدن، بما فيها الخلافات حول الإعانات المقدّمة لشركات تصنيع الطائرات المدنية وتجارة الألمنيوم.
قالت أثناء مقابلة في مكتب "بلومبرغ" في واشنطن، يوم الجمعة الماضي: "أشعر أنَّنا نمتلك الحق تماماً في الشعور بالثقة في قدرتنا على إجراء هذه المحادثات حول مخاوف الاتحاد الأوروبي إزاء قانون الحد من التضخم أيضاً. وفيما يتعلق بعملنا الحقيقي مع الاتحاد الأوروبي؛ فإنَّ القانون عنصر مهم وتكميلي يتعيّن علينا في الوقت الراهن التعامل معه، لكن، من وجهة نظري، لن يخيم على هذه المحادثات بالكامل".
الصين تتعهد بالنصر في حرب الرقائق الإلكترونية أمام الولايات المتحدة
أعربت الأغلبية الساحقة من الدول الأعضاء عن مخاوف حقيقية متعلقة بالقانون الأميركي خلال اجتماع لسفراء الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي، وفقاً للأشخاص، مشيرين إلى أنَّ القانون ربما يضر بالتحول الأخضر للتكتل الموحد، وقدرته التنافسية بصفة عامة. أضاف الأشخاص أنَّ فرنسا حذرت من أنَّها قد تخسر 8 مليارات يورو (8 مليارات دولار) من الاستثمارات الخضراء.
قال الأشخاص إنَّ بلداناً مثل ألمانيا وفرنسا، تعتقد أنَّ أفضل حل هو تلقي نفس المعاملة المقدّمة للمكسيك وكندا بموجب حق التصرف الفردي، على أن يستخدم التكتل الأوروبي الموحد كل الأدوات المتاحة للوصول لتحقيق هذه الغاية.