الغرب فشل.. وكوريا الشمالية باتت دولة نووية

بعد تراجع بايدن عن أفكار روّج لها سابقاً.. آن الأوان للتخلي عن هدف إخلاء شبه الجزيرة الكورية من الأسلحة النووية

time reading iconدقائق القراءة - 8
بث إخباري للعرض العسكري الكوري الشمالي، الذي أقيم الاثنين في بيونغ يانغ على شاشة التلفزيون بمحطة سيول في سيول بكوريا الجنوبية - المصدر: بلومبرغ
بث إخباري للعرض العسكري الكوري الشمالي، الذي أقيم الاثنين في بيونغ يانغ على شاشة التلفزيون بمحطة سيول في سيول بكوريا الجنوبية - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

قد لا يرغب العالم في سماع ذلك، لكن قد يكون كيم جونغ أون على حق.

قال كيم الشهر الماضي: "لن نتخلى أبداً عن الأسلحة النووية أو ننزع السلاح النووي. دولتنا أصبحت نووية والأمر لا رجعة فيه".

فشلت الجهود على مدار عقود في "إخلاء شبه الجزيرة الكورية من الأسلحة النووية". وعقب إعلان كوريا الشمالية الشهر الماضي أنها دولة نووية، يتعين على الولايات المتحدة وحلفائها، قبول ذلك الواقع، وتعلم التعايش معه، كخطوة أولى لخفض مخاطر مواجهة غير مقصودة قد تؤدي إلى حرب نووية شاملة.

الفكرة باتت هي الاتجاه السائد. دعا جيفري لويس، خبير الأسلحة النووية البارز، واشنطن إلى "تقبل ما لم تكن تتصوره"، وقبول كوريا الشمالية دولة نووية، مشيراً إلى تزايد مخاطر اشتعال الموقف، حيث ناقشت كوريا الجنوبية واليابان القدرة على توجيه ضربة استباقية.

يوافقه في ذلك أنكيت باندا، الزميل البارز في برنامج السياسة النووية في مؤسسة "كارنيغي للسلام الدولي"، حيث يرى ضرورة تفكير واشنطن في "التراجع عن استمرار الإصرار على نزع السلاح النووي باعتباره الوضع النهائي المطلوب الوصول إليه في المدى القريب، وأن يكون لدينا اهتمام متزايد بشبه الجزيرة الكورية، وتجنب استخدامها للأسلحة النووية".

إعادة التفكير

لا بد من إعادة التفكير في الأمر، لسبب واحد هو أن الإدارة الأميركية أعربت عن استعدادها بشكل مثير للاستغراب للتخلي عن السياسات الفاشلة للإدارات السابقة من إنهاء الحرب في أفغانستان، والتخلص من سياسة الحزب الديمقراطي الساذجة تجاه الصين على مدار عقود، أو تخفيف تصعيد الحرب على المخدرات من خلال إصلاح سياسة القنب. وقد بدأ الرئيس جو بايدن التراجع عن أفكار روج لها سابقاً.

أقل ما يقال في وصف هدف إخلاء شبه الجزيرة الكورية من الأسلحة النووية، هو أنه إفلاس. فلم تجنِ الولايات المتحدة من عقوباتها الاقتصادية الصارمة على مدار 30 عاماً سوى إفقار الملايين، في الوقت الذي انتهت فيه بيونغ يانغ من بناء ترسانة هائلة لنفسها، وأصبحت لديها مواد انشطارية تكفي لعشرات القنابل النووية، وقدرة مؤكدة على ضرب صواريخها القواعد الأميركية في غوام أو الأراضي الأميركية نفسها، فيما تتزايد كذلك المخاوف من إجراء تجارب نووية قريباً، ستكون الأولى منذ 5 سنوات.

قال كيم الشهر الماضي، إنه لن يتراجع حتى بعد 100 عام من العقوبات.

يظل كيم في منصبه طالما لا توجد سياسة خطيرة للغاية لتغيير النظام، ولن يتراجع عن امتلاك الأسلحة النووية. أغلقت إدارة كلينتون الباب أمام الولايات المتحدة لإجراء عمل عسكري ضد كوريا الشمالية، عندما كانت الولايات المتحدة تفكر في توجيه ضربة استباقية، حيث اختارت المفاوضات بدلاً عن ذلك، الأمر الذي استغلته بيونغ يانغ كغطاء لتسريع تطوير برامجها النووية والصاروخية.

رد فعل منطقي

زادت عقيدة كوريا الشمالية النووية الجديدة، التي كشفت عنها في سبتمبر، من صعوبة الرهان، بعدما تعهدت بشن ضربات نووية تلقائية ضد أعدائها إذا تعرضوا لقيادتها الدكتاتورية بسوء. يقول باندا إن تلك العقيدة تمثل "رد فعل منطقياً" على تصريحات كوريا الجنوبية بشأن قدرتها على توجيه ضربة تقضي على قيادة كوريا الشمالية.

في الواقع، وبعيداً عن الصورة النمطية للزعيم الكوري الشمالي التي تصوره بأنه مجنون، يبدو كيم منطقياً تماماً في مساعيه لإبقاء نظامه متماسكاً، حيث كشف الغزو الروسي لأوكرانيا عن ذلك بشكل واضح. فمن المعروف أن أوكرانيا وافقت على التخلي عن الأسلحة النووية الموجودة على أراضيها (رغم أنها لم تكن تحت سيطرتها) بعد سقوط الاتحاد السوفيتي مقابل ضمانات أمنية من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وروسيا. ومع مرور الوقت، ظهرت قيمة تلك الضمانات. كذلك، فإن صدام حسين في العراق ومعمر القذافي في ليبيا، هما مثالان آخران لقادة تخلوا عن مساعيهم النووية، ولقوا نهاية مروعة.

الجزرة والعصا

لم يكن بمقدور كيم التأكد من أي ضمانة عرضتها واشنطن مقابل نزع السلاح النووي، خصوصاً في ظل تقلب السياسة الأميركية ما بين مواقف الديمقراطيين الحمائم والجمهوريين المتشددين بشأن بيونغ يانغ (التقلب بين النار والغضب، ورسائل الحب في غضون بضع سنوات في ظل إدارة دونالد ترمب)، ما نتج عنه عدم تنسيق في استراتيجية الجزرة والعصا.

في غضون ذلك، ووسط التغير من المفاوضات إلى التهديدات، نجح كيم في إبقاء الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية مشتتين بما يكفي لاستكمال دولته النووية، حيث يُعاصر الرجل الذي يبلغ عمره نصف عمر بايدن، رابع زعيم لكوريا الجنوبية، وثالث رئيس أميركي. الوقت في صالحه، على افتراض إمكانية تجنبه مشاكل القلب التي أصابت والده وجده.

بالطبع هناك مخاطر كبيرة، حيث أكدت بيونغ يانغ أنها ليست شريكاً مفاوضاً جديراً بالثقة. ومكافأة إصرارها، قد تشجع أنظمة مارقة في أماكن أخرى. كما إن القبول ضمنياً بوضع كوريا الشمالية، قد يؤدي أيضاً إلى نوبة أخرى من الانتشار النووي. وبينما يؤيد الشعب الكوري الجنوبي امتلاك أسلحة نووية، معروف عن اليابان معارضتها بشكل أكبر. ولكن، كيف سيكون رد فعلها عندما تكون محاطة بأربع دول مسلحة نووياً؟

لكن، الإصرار على اتباع سياسة فاشلة أصبحت غير واقعية بمرور السنين، لن يدعم تحقيق الولايات المتحدة وحلفائها أهدافهم، بينما تتزايد مخاطر حدوث مواجهة غير مقصودة.

هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان

بيونغيانغ

7°C
سماء صافية
العظمى / الصغرى /
24.3 كم/س
26%